تعد مصر بالتعاون مع عدد من الشركاء “دليل شرم الشيخ للتمويل العادل”، في إطار الاستعدادات لقمة المناخ كوب 27، والذي يعمل على وضع آلية وإطار لتحفيز تمويل العمل المناخي بالدول النامية والناشئة ولا سيما في قارة أفريقيا.
ويأتي الدليل باعتباره أحد مخرجات التوصيات الختامية للنسخة الأولى من منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي، في ضوء الجهود الوطنية للانتقال من التعهدات المناخية إلى التنفيذ، من خلال تعزيز التعاون متعدد الأطراف بين مختلف الأطراف ذات الصلة من القطاعين الحكومي والخاص وشركاء التنمية ومؤسسات التمويل الدولية والمجتمع المدني ومراكز الفكر والأبحاث.
حشد تمويل المناخ
قالت وزيرة التعاون الدولي، رانيا المشاط، إن هناك الكثير من الجهد الذي يُبْذَل لحشد التمويلات في القارة الأفريقية ومن خلال عرض الأمثلة الناجحة يمكن تعزيزها.
وأضافت، خلال فعاليات المائدة المستديرة التي عُقدت تحت عنوان “دليل شرم الشيخ للتمويل العادل”، أن المباحثات بدأت حول إعداد الدليل، من خلال عملية مشاورات موسعة مع ختام النسخة الأولى من المنتدى، بمشاركة أكثر من 70 مؤسسة دولية وإقليمية وشريك تنمية بالإضافة إلى المصارف التجارية والاستثمارية ومراكز الفكر والأبحاث.
وأشارت إلى أن دليل شرم الشيخ يعمل على تحفيز التمويل لقارة أفريقيا؛ إذ تشير البيانات الواردة عن مبادرة سياسة المناخ، إلى أن القارة لا تحصل سوى على 5.5% من التمويل المناخي، وأن هناك تفاوتًا كبيرًا بين التمويل الحكومي والخاص الموجه للعمل المناخي، فضلًا عن عدم توجيه الاستثمارات الكافية لمشروعات التكيف من التغيرات المناخية.
قمة المناخ كوب 27
مشاركة دولية
شهدت المائدة المستديرة حضورًا دوليًا وإقليميًا رفيع المستوى لمناقشة المسودة الأولية لدليل شرم الشيخ للتمويل العادل، الذي يستهدف تدشين إطار دولي للعمل المناخي قابل للتنفيذ والتطبيق في الدول النامية والأسواق الناشئة بشكل عام من أجل زيادة جاذبية الاستثمار في مشروعات التكيف والتخفيف، وتحديد القطاعات ذات الأولوية.
من جانبه، قال كبير اقتصاديي المصرف الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، إيريك بيرغلوف، إن القدرة على تطوير المشروعات وجعلها قابلة للتنفيذ على أرض الواقع هما الفيصل تمامًا كما يحدث في مصر.
وتظل الاحتياجات التمويلية للمناخ -وفقًا للدليل- في نطاق قدرات النظام المالي العالمي الذي يتحكم بأصول تتجاوز 410 تريليونات دولار، لكن ارتفاع المخاطر في الاستثمارات الخضراء يحد من قدرة رأس المال على الاستثمار.
مخاطر الدول النامية
قال العضو المنتدب لشركة كونفرغنس، كريس فاسكاب، إن مخاطر الدول النامية مرتفعة، وعلى الحكومات خفض المخاطر لجذب المستثمرين الذين يستثمرون بالفعل في دول ناشئة أخرى.
وشدد فاسكاب على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تسريع العمل المناخي في القارة الأفريقية وحشد الاستثمارات، مؤكدًا أن المشروعات التي تراعي البعد البيئي تحتاج إلى دعم من القنوات الرسمية، داعيًا المستثمرين لضخ رؤوس الأموال بكثافة في مشروعات الطاقة للإسراع في التحول الأخضر في القارة.
وأشار نائب رئيس سيتي بنك للقطاع المصرفي وأسواق المال، جاي كولينز، إلى أنه حينما يأتي وزير في إحدى الحكومات بأوراق أكبر مشروعات في الإستراتيجيات الوطنية، نحولهم للمصرفيين الذين بدورهم يطلبون بيانات المشروع لبناء نموذج مالي، يُعَد الأساس في تحديد آلية تمويله.
وقال إن 60% من تحديد القرار بشأن المشروع يعتمد على تطوير مفهومه والرؤية الخاصة به لصورة يستطيع معها المصرفيون وضع تصور مالي.
وأكد كولينز أهمية التمويل المبتكر في حشد التمويل للعمل المناخي، مشيرًا إلى أن دليل شرم الشيخ للتمويل العادل يعمل على تحفيز هذه الجهود؛ إذ يعزز أهمية وضع ضوابط ومعايير لإعداد المشروعات لتصبح قابلة وجاذبة للاستثمارات بما يحفز القطاع الخاص على المشاركة.
التحول المناخي
من جانبها، طالبت كبير اقتصاديي المناخ في مصرف الاستثمار الأوروبي، نانسي سيغ، بالتركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودورها في التحول المناخي بوتيرة أكبر وعدم الاكتفاء بدور المشروعات الكبرى فقط.
وأوضحت أنه كلما كان العدد أكبر من المشروعات ذات البعد البيئي؛ كان التحول الأخضر أسرع، مع حتمية العمل مع المصارف المحلية لتبني ذلك.
وأضافت أن المصرف ملتزم بتعهداته نحو المناخ والتي لم يغيرها رغم الأزمات التي تعيشها أوروبا، والمتعلقة بتوجيه 50% من التمويلات للمناخ بحلول 2025.
قمة المناخ كوب 27
من جانبه قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ورئيس معهد توني بلير للتغير العالمي، توني بلير، إنه بعد استضافة مصر لقمة المناخ كوب 27، بات الوضع أكثر ثقة بقدرة أفريقيا على تعبئة التمويلات لقضايا المناخ رغم الحاجة لمزيد من الجهد الواجب بذله.
وذكر أن أحد الأسباب التي تعطي أهمية لرئاسة مصر لقمة المناخ هذا العام هو إطلاق المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج “نُــوَفِّي”، وهي إحدى أكثر المنصات الجاذبة المثيرة للاهتمام والتي تحدث تغيرًا في التصدي للتغيرات المناخية باعتبارها هدفًا طموحًا والأكثر من ذلك أنها عملية وقابلة للتطبيق في مجال العمل المناخي.
ويعد “نُــوَفِّي” برنامجًا وطنيًا ومنهجًا إقليميًا للربط بين القضايا الدولية للمناخ وقضايا التنمية، مع حشد التمويل الإنمائي الميسر لحزمة من المشروعات التنموية الخضراء ذات الأولوية بقطاعات الغذاء والمياه والطاقة في إطار إستراتيجية مصر الوطنية الشاملة للمناخ 2050.
وقال بلير: “تعمل المؤسسة على مساعدة الحكومات، وتساعد الكثير من حكومات الدول الأفريقية، وتعمل في ذلك المجال حاليًا، نتيجة المتطلبات الكبيرة للحكومات الأفريقية في توليد الكهرباء؛ إذ إن عدم القدرة على الوصول للكهرباء يعني عدم القدرة على الوصول للعالم الحديث”.
دليل شرم الشيخ للتمويل
من جانبه، قال المدير الإقليمي لشمال أفريقيا لدى مؤسسة التمويل الدولية، شيخ عمر سيلا، إن دليل شرم الشيخ يعطي تصورًا كاملًا للقضايا وما يجب فعله للتعامل معها.
وأشار إلى أنه على صعيد التمويل يعتقد أنه لا توجد تحديات كبيرة أمام مصر؛ فبوسعها وضع دراسات جدوى والحصول على التمويل والقفز للتنفيذ، لكن الوضع ليس نفسه للقارة الأفريقية.
وقال نائب رئيس مجموعة المصرف الأفريقي للتنمية، كيفين أوراما، إنه عند الحديث عن تعبئة رأس المال الخاص نتحدث عن المقاييس نفسها التي خلقت تحديات التغير المناخي في المقام الأول.
وتساءل المدير الإقليمي لشمال أفريقيا بمؤسسة التمويل الدولية حول كيفية التأكد من أن مكافحة التغير المناخي لن تؤثر على نمو القارة وإجمالي ديونها وكيفية إتاحة هيكل التمويل الموجه للمناخ للدول التي تعاني تداعيات التغير المناخي.
خفض الانبعاثات
قالت رئيسة صندوق ديفيد روكفلر، نيلي غلبرت، إنه من الجيد دخول رأس المال للمؤسسات الخيرية لأداء دور في تمويل القضايا ذات البعد البيئي؛ فرغم أنها ليست كبيرة في الحجم مقارنة برأس المال الحكومي أو الخاص؛ فإنها تستطيع تحمل أنواع مختلفة من المخاطر لخلق التغير الذي نريده في العالم.
وأضافت أنه ليس الهدف هو خفض الانبعاثات الكربونية في النظام الاقتصادي بل خلق نظام أخضر جديد بفرص جديدة متساوية والاستفادة من الفرص الهائلة من الانتقال الأخضر التي عرضها برنامج “نوفي” مثل مشروعات الأمونيا والمعادن الخضراء.
وقال وزير الدولة لشؤون البيئة وتغير المناخ بالصومال، آدم هيرسي، إن بلاده تعاني ما يخافه العالم وهو تغير المناخ من جفاف وعواصف، ويأمل في أن تُسهِم استضافة مصر لقمة المناخ في توفير التمويل اللازم لأفريقيا.
منتدى مصر للتعاون الدولي
كانت النسخة الأولى من منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي، قد سلّطت الضوء على التحديات المزدوجة من تغير المناخ التي تهدد حق الدول النامية في التنمية، وأكد المسؤولية المشتركة لكن المتباينة تجاه قضايا المناخ، كما دعا الأطراف ذات الصلة للتعاون سويًا في مواجهة فجوة التمويل للمشروعات المتعلقة بالمناخ، مشددة على دور ابتكار الأدوات المالية والآليات.
ودعا إلى البحث عن الحلول التي تمكن الأطراف ذات الصلة من تحويل الالتزامات إلى مشروعات قابلة للتنفيذ وتحويل الالتزامات إلى مشروعات قابلة للتنفيذ واقتناص الفرص لحشد التمويل والاستثمارات اللازمة لدعم أجندة المناخ.
ورصد دليل شرم الشيخ عددًا من التحديات؛ بينها البنية التحتية لنقل البضائع، وعدم الاستقرار وعدم اليقين السياسي، وحقوق الطبيعة والحفاظ عليها من خلال الحلول المناخية، وانخفاض الناتج المحلي والقوة الشرائية للأفراد يعني الاحتياج للتمويل لتعزيز قدرة الأفراد على الوصول للمنتجات، وعدم تناسق وتوافر المعلومات في ظل وجود العديد من المستثمرين الجدد.
كانت فعاليات النسخة الثانية من منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي واجتماع وزراء المالية والاقتصاد والبيئة الأفارقة قد انطلقت في العاصمة الإدارية الجديدة، وتتماشى أهداف المنتدى مع الهدف الرئيس لقمة المناخ في مصر الذي يعمل على دفع جهود المجتمع الدولي للانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ، والترابط الوثيق بين التنمية والعمل المناخي.
المصدر، موقع الطاقة، 2022-09-090