ما هو مؤتمر COP، وما أهميته؟

شبكة بيئة ابوظبين الإمارات العربية المتحدة، بإسهام من مكتب المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، 07 نوفمبر 2022

تتجه أنظار العالم من 6 إلى 18 نوفمبر إلى مؤتمر الأطراف السابع والعشرين في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ المصرية. وستكون دولة الإمارات مشاركاً رئيسياً في محادثات المؤتمر، قبيل استضافتها COP28 العام المقبل. ولكن، ما هو مؤتمر الأطراف وما أهميته بالنسبة إلى العالم أجمع؟

السياق التاريخي
في عام 1949، تناول مؤتمر الأمم المتحدة العلمي المعني بالحفاظ على الموارد واستخدامها، رسمياً ولأول مرة موضوع استنزاف الموارد الطبيعية والحاجة إلى إدارتها لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وبعد أكثر من عقدين، أثمرت هذه الخطوة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية، المعروف أيضاً باسم مؤتمر ستوكهولم، الذي أقيم في عام 1972.

وأشار إعلان ستوكهولم آنذاك إلى أن “التاريخ قد وصل لمرحلة يتعين علينا فيها تطوير أعمالنا ومشاريعنا في جميع أنحاء العالم مع توجيه مزيد من العناية الحصيفة لعواقبها البيئية”. وقد حدد هذا الإعلان 26 مبدأً، لا تزال جميعها ذات أهمية حتى يومنا هذا.

كما حفز المؤتمر حينها إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، الذي اعتمد أول صك دولي بشأن المناخ في عام 1979، وهو اتفاقية التلوث الجوي البعيد المدى عبر الحدود. وكان العالم الأمريكي والاس بروكر قد صاغ مصطلح “الاحتباس الحراري” عنوانًا لورقة علمية قبل 4 سنوات.

الأدلة على تغير المناخ
مع تجلي آثار التغير المناخي في خلال الثمانينيات، مثل ’المطر الحمضي‘ في أوروبا وأمريكا الشمالية؛ أوصى برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالحد من إنتاج واستخدام مركبات الكربون الكلورية فلورية (CFCs) الشائعة الاستخدام في البخاخات ومواد التعبئة والثلاجات، حمايةً لطبقة الأوزون على الأرض التي تساعد على امتصاص أشعة الشمس ومنعها من الوصول إلى سطح الكوكب.

وأدى ذلك إلى اعتماد اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون عام 1985، تلاها “بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفِدة لطبقة الأوزون” في عام 1987. ووقعت دولة الإمارات اتفاقيتي فيينا ومونتريال في عامي 1989 و1990، على التوالي.

بدايات COP
اجتمع أقطاب المجتمع العلمي من مختلف أنحاء العالم في مؤتمر المناخ العالمي الثاني بجنيف عام 1992، لتسليط الضوء على مخاطر التغير المناخي. وانعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية في خلال العام نفسه في ريو دي جانيرو.

وتمخضت “قمة الأرض” في ريو دي جانيرو عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، واتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية مكافحة التصحر، التي ترتبط جميعها ارتباطاً وثيقاً.
ومنذ اعتمادها، أصبحت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الركيزة الأساسية لجهود المجتمع الدولي في مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري. وبحلول مارس 1994، كانت 165 دولة قد وقعت على الاتفاقية، كما صادقت دولة الإمارات عليها في عام 1995. وتُسمى الدول التي صادقت على الاتفاقية بـ ’الأطراف‘.

ومؤتمر الأطراف (COP) هو السلطة العليا التي تتابع سير الاتفاقية. وقد عُقدت الدورة الأولى للمؤتمر في برلين عام 1995، ما أسفر عن “تفويض برلين” الذي دعا الحكومات إلى “وضع أهداف وجداول زمنية محددة وملزمة قانونياً لخفض انبعاثات غازات الدفيئة في الدول المتقدمة”.

وتُنظم مؤتمرات COP سنوياً، حيث شهد العالم تنظيم العديد من النسخ التاريخية منذ مؤتمر برلين. وبات كل منها يستقطب اليوم عشرات الآلاف من المشاركين وأكثر من 100 رئيس دولة. وتجري المفاوضات الرسمية داخل منطقة مخصصة تُعرف بالمنطقة الزرقاء. وهناك أيضاً المنطقة الخضراء المخصصة للمشاركين من رجال الأعمال والمجتمع المدني.

مؤتمرات COP التاريخية
ألزم بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والمتفق عليه في مؤتمر الأطرافCOP3 عام 1997، الدول المتقدمة بتقليل إجمالي انبعاثاتها الكربونية بنسبة 5% عما كانت عليه خلال عام 1990. وحدد مؤتمر COP15 في كوبنهاغن عام 2009 عتبة الاحتباس الحراري العالمي التي نعرفها حالياً البالغة درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
أما اتفاق باريس الذي تم تبنيه خلال COP21 في العاصمة الفرنسية عام 2015، فقد أعقب بروتوكول كيوتو، وألزم البلدان بالإعلان عن مساهمات محددة وطنياً لوقف التغيرات المناخية. كما ألزمها بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري ووقف زيادة درجة الحرارة العالمية إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وكانت الإمارات أول دولة عربية توقع وتصادق على اتفاق باريس.

المخرجات المتفاوض عليها وغير المتفاوض عليها
منذ مؤتمر باريس، باتت هناك مخرجات ’تفاوضية‘ و’غير تفاوضية‘ لكل من مؤتمرات COP. وترتبط الأولى بنص اتفاق باريس نفسه. والثانية بالمواقف التي اتخذتها البلدان المتشابهة النهج خارج مسار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وهذه تساعد في الحفاظ على القوة الدافعة المستقبلية للمحادثات، خاصةً عندما يتعذر تبني نهج حكومي متعدد الأطراف بشأن قضايا معينة.

وتميز COP26 في غلاسكو العام الماضي بقدرته على توجيه مساعي البلدان، والقطاع الخاص تحديداً، إلى التعهدات بتحقيق الحياد الكربوني. وأعلنت دولة الإمارات عن مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 عشية مفاوضات غلاسكو في عام 2020، لتحفز بذلك دول الشرق الأوسط الأخرى للإعلان بدورها عن التزاماتها الخاصة.

مؤتمر مكرس للجهود العملية
سيركز COP27 في مصر، بصفته أحد مؤتمرات COP التي تقام في القارة الأفريقية، على 4 مجالات: التخفيف (الحد من الانبعاثات الكربونية التي تسبب تغير المناخ في المقام الأول)، والتكيف (تجنب الأضرار الناجمة عن تغير المناخ)، والخسائر والأضرار (الحد من الآثار التي يسببها التغير المناخي)، ووسائل تنفيذ اتفاق باريس (خاصةً الدعم المالي).

وسيكون مؤتمر الإمارات للمناخ COP28 حدثًا تاريخيًا آخر في مسيرة المؤتمر؛ إذ سيقدم أول تقييم عالمي لتقدم الدول في تنفيذ مساهماتها المحددة بموجب اتفاق باريس. وسيُعقد المؤتمر في مدينة إكسبو دبي، الوجهة المستدامة التي بنيت خصيصاً لاستضافة إكسبو 2020 الذي استقبل أكثر من 20 مليون زائر في عامي 2020 و2021.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

التمويل الإقليمي المراعي للمناخ: قضية حاسمة

نص مداخلة الدكتور أحمد الشهبوني التي ألقاها في إحدى الورشات التي نظمت برواق المغرب بمقر …