منصة أوزون، بقلم، شبكة بيئة أبوظبي 31 مارس 2023
تغير المناخ يبدل حياتنا اليومية دون أن نشعر. وبعيدا عن المآلات المأساوية، هذه دعوة إيجابيةلدينا مسار إيجابي يبدأ بتبسيط الأهداف البيئية والمناخية، ثم تحويلها لمبادرات وأفعال فردية تدريجية، تساهم في النهاية في الحلول لأزمة تعتبر الأخطر والأبرز في القرن الحالي.
يتحدث المهندس عماد سعد خبير الاستدامة ورئيس تحرير شبكة بيئة أبوظبي، في هذا الحوار، عن تعريف البصمة البيئية، ويجيب عن أهم الأسئلة المرتبطة بها.
وإلى نص الحوار:
ماذا يعنى أن يكون لي بصمة بيئية؟
البصمة البيئية هي أداة لقياس معدل استخدام الأفراد للموارد الموجودة مقارنة بالمعدل الذي تحتاجه الأرض لإعادة توفير هذه الموارد، فالبصمة البيئية هي أحد مؤشرات الأداء الخاصة بالتنمية المستدامة.
وحدة القياس البصمة البيئية = حصة الفرد وتقدر بـ = 1.8 / هكتار عالمي.
أما كيف تم تقدير حصة الفرد بـ 1.8 هكتار فهي متوسط المساحة النشطة بيولوجياً التي تكفي لسد احتياجات الفرد من الموارد على مدار العام.
من جهة أخرى يمكن القول إن كل فعل تنموي بالعالم على المستوى الفردي أو على مستوى الشركات والمؤسسات والدول له أثر على المحيط الحيوي الذي يعيش به، بما فيه من إنسان وحيوان نبات وجماد … وهذا الأثر بعضه إيجابي وبعضه الآخر سلبي والأثر السلبي يسمى بالبصمة البيئية.
2- هل البصمة البيئية هي الأشمل وتحتها تأتي البصمات الأخرى؟
نعم البصمة البيئية هي الأشمل وهناك بصمات كثيرة لأي فعل أو نشاط أو خدمة ويمكن قياسها بشكل دقيق بواسطة حواسب الكترونية متاحة للجميع على الانترنت. وهناك عدة بصمات هي:
البصمة الكربونية: هي إجمالي انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون الناتج عن إنتاج المنتجات والسلع أو الأنشطة والخدمات.
البصمة الغذائية: هي معدل استهلاك الفرد للطعام مقارنة بالمعدل الذي تحتاجه الأرض لإعادة توفير ما قد استهلكه الفرد.
البصمة المائية: هي اجمالي كمية المياه العذبة التي تستخدم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لإنتاج هذه السلعة أو تلك الخدمة أو الفعالية.
أيضاً هناك ما يُعرف بالمياه الافتراضية: وهي المياه التي تؤكل ولا تشرب، أي المياه التي توجد في كافة المنتجات والخدمات، على سبيل المثال:
لإنتاج كوب من القهوة نحتاج 140 ليتر مياه
لإنتاج تفاحة واحدة نحتاج 70 ليتر مياه
لإنتاج رغيف خبر واحد نحتاج 40 ليتر مياه
لإنتاج كلغ من الدجاج نحتاج 4325 ليتر مياه
لإنتاج كلغ من لحم البقر نحتاج 15500 ليتر مياه
لإنتاج كلغ من الجبن نحتاج 5000 ليتر مياه
لإنتاج سندويش هامبرغر نحتاج 2400 ليتر مياه
لإنتاج 100 غرام من الشوكولا نحتاج 2400 ليتر مياه
3- هل مفهوم “البصمة” يرتبط بكم “الكربون المنبعث”؟
نعم البصمة الكربونية ترتبط بكمية انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكربون الناجم عن إنتاج المنتجات والسلع أو الأنشطة والخدمات وهكذا. على سبيل المثال:
في أمريكا الشخص العادي يُولد 42 كلغ كربون / باليوم = 15.330 كلغ / بالسنة
في أوروبا الشخص العادي يولد 19 كلغ كربون / باليوم = 7000 كلغ / بالسنة
في دول الخليج الشخص العادي يولد 137 كلغ كربون / باليوم = 50.000 كلغ / بالسنة
في الصين الشخص العادي يولد 5.4 كلغ كربون / باليوم = 2000 كلغ / بالسنة
في الهند الشخص العادي يولد 2.7 كلغ كربون / باليوم = 1000 كلغ / بالسنة
وهذا لا يعني أن دول الخليج هي المسؤولة عن البصمة الكربونية والاحتباس الحراري بالعالم، أبداً، خصوصاً إذا عرفنا أن العالم العربي بكامله ينتج 5% من كربون العالم، في حين أن الصين تنتج 35% وامريكا تنتج 28% وهكذا.
4 – معنى “البصمة” يعني التأثير السلبي؟ أم هناك بصمة (كربونية) سلبية وإيجابية؟
المتعارف عليه في المجال البيئي هو أن مصطلح البصمة البيئية له مدلول سلبي على البيئة، في حين هناك مصطلحات أخرى لها مدلول إيجابي مثل امتصاص الكربون، وتخزين الكربون، وخفض الانبعاثات عموماً لها مدلول إيجابي.
5- كيف أرصد بصماتي الكربونية أو أحسبها؟ (على مدار اليوم أينما تواجدت وأيما فعلت)
نعم مع التقدم التقني بات اليوم لدينا طرق عديدة لرصد البصمة الكربونية أو حسابها بطريقة آلية سهلة جداً، على سبيل المثال وسائل النقل بشكل عام لها حاسبة الكترونية خاصة بها يمكن ادخال بيانات أي وسيلة مهما كانت (اسم موديل السيارة، سنة الصنع، عدد الاحصنة، سعة المحرك، كم سلاندر، نوع الوقود المستخدم (بترول، ديزل…) والسرعة التي تقود بها السيارة وغيرها من بيانات تفصيلية دقيقة، عقب ذلك سوف تظهر لك أن السيارة التي تقودها ينبعث منها … كذا كلغ من غاز ثاني أوكسيد الكربون في الكيلومتر الواحد.
وهناك أكثر من هدف لاستخدام الحواسب الالكترونية لقياس البصمة الكربونية، على مستوى الافراد الهدف نشر الوعي بأن شراء هذه السلعة او تلك بصمتها الكربونية كذا، وبالتالي تعطي الفرد فرصة لخفض بصمته الكربونية ليكون مساهم أكثر في حماية الكوكب من تداعيات الاحتباس الحراري والتغير المناخي.
أما على مستوى الشركات والمؤسسات والدول فهناك أهمية قصوى لقياس البصمة الكربونية للأنشطة والفعاليات والخدمات والمنتجات والسلع وغيرها، لأنها تساعد الجميع في تقييم وتحليل الفجوة الكربونية لديهم، بهدف وضع استراتيجيات بيئية تساعدهم للانخراط في الحملة الوطنية او الدولية للحد من آثار التغير المناخي. بل ليكونوا شركاء في مبادرة الحياد الكربوني للأمم المتحدة بحلول 2050 الخاصة بالشركات والدول.
6- هل الأمر مجهد؟ أو بمعنى آخر.. كيف يكون رصد ضرري البيئي غير متعب؟
طبعاً الأمر مجدي لأن تغيير السلوك الإنساني يستند في أول خطوة على المعرفة المسؤولة (أي لازم نعرف حتى نغيّر) فالحاسبة الالكترونية تتيح للناس قياس البصمة الكربونية لمشترياتهم من الأغذية والمشروبات او أغراض المنزل وكل شيء بمنتهى السهولة، وبالتالي تساهم في تعزيز وعي الناس بالأثر الكربوني الناجم عن مشترياتهم مهما كانت. والإنسان هو صاحب القرار.
نحن لا نفرض على الناس تغيير سلوكهم بالإكراه بل بالمعرفة المسؤولة على قاعدة الشراكة بالمسؤولية عن هذا الكوكب الذي ليس لدينا غيره بل لا نستطيع ان نشتري غيره مهما امتلكنا من أموال.
على سبيل المثال: عند شرائك لعبوة مياه تُنتج داخل الدولة هذا يعني أن البصمة الكربونية لهذه العبوة لا تتجاوز 5 غرام كربون، في حين لو اشتريت عبوة مياه مستوردة ستكون البصمة الكربونية لهذه العبوة أضعاف بمئات المرات تبعاً للمسافة التي قطعتها من هذه الدولة او تلك لتصل إليك.
7- هل ضروري الرصد الدقيق للبصمات؟
كي لا نُعقد الأمور على المواطن أو المستهلك العادي، فإن المواقع والتطبيقات الالكترونية التي تقوم بعملية حساب البصمة متاحة للجميع، بعضها بسيط جداً وبعضها الاخر معقد او احترافي وهذه ليس بمقدور كل الناس التعامل الفني معها من حيث البيانات المطلوب إدراجها أو النتائج التي تحصل عليها وهكذا، لذا نقول ببساطة أخي المستهلك لخفض بصمتك الكربونية التزم بالتالي قدر الامكان:
اشتري ما تحتاج إليه واستهلك ما قد اشتريته
اشتري السلعة المحلية بدل السلعة المستوردة
قلل من استخدام وسائل النقل الخاصة
استخدام وسائل المواصلات العامة
قلل من السفر بالطائرة
قلل من استهلاك اللحوم الحمراء
قلل من استهلاك الطاقة والمياه
أعد فرز وتدوير النفايات بالمصدر
قلل من الفاقد والمهر من الطعام
حـاول ألا تترك خلفك سوى آثار قدميك
8- ماذا يعني شعار صفر كربون (zero carbon)
من الناحية العلمية والعملية صفر انبعاثات كربونية لا تعني أبداً الصفر المطلق، أو عدم انبعاث غازات الدفيئة، بل أن عبارة (صفر كربون) التي قد تجدها على المنتجات التجارية هي دلالة على أن هذه الشركة أو تلك الدولة تلتزم بأخلاقيات المناخ، أي تلتزم بإزالة نفس كمية الكربون التي تطلقها في الغلاف الجوي، ويمكن القيام بذلك بعدة طرق، مثل استخدام تقنية التقاط الكربون أو زراعة الغابات إلى جانب التقليل من كمية انبعاثات غازات الدفيئة.
والانبعاثات الغازية لها ثلاث نطاقات مختلفة، الأول انبعاثات مباشرة من المركبات والمباني، والثاني انبعاثات غير مباشرة نتيجة استهلاك الطاقة الكهربائية، والثالث انبعاثات غير مباشرة أيضاً مرتبطة بالعمليات والخدمات ضمن ما يعرف بسلاسل التوريد.
لكن الأهم في الموضوع هو وجود منهج وسياسة مناخية على مستوى الدولة وبالتالي تُلزم بها الشركات وقطاع الأعمال، على أن يكون من أهم مخرجاتها هو التالي: تقليل الانبعاثات والتكيف مع الآثار وتمويل نقل التكنولوجيا والتحول بنظام الإنتاج إلى ما يسمى بالاقتصاد الدائري قليل الانبعاثات الغازية.
9- أي شيء آخر…
نعم يمكننا القول:
نحن سكان الأرض نمضي قدماً في مسار تصادمي مع قدرة الأرض على تلبية احتياجاتنا.
بحلول 2050 قد لا يتمكن المجتمع البشري من الحفاظ على الحياة كما نعرفها اليوم.
لذا فإن تغيير نمط العيش ونمط الاستهلاك بات أمراً ملحاً.
لذا علينا أن نذهب إلى الترشيد راغبين قل أن نكون مرغمين.
المصدر، منصة أوزون، القاهرة
8 أسئلة عن البصمة البيئية يجيب عنها خبير الاستدامة عماد سعد “حوار”