شبكة بيئة ابوظبي، ليث الدويري، الرئيس التنفيذي لشركة EnvEnTech (تكنولوجيا الهندسة البيئية) 07 ابريل 2023
انطلاقاً من التزامها الراسخ بالاستدامة، تشق دولة الإمارات مسارات تنموية جديدة من خلال مبادراتها الطموحة للعمل المناخي. وكانت قد حددت القيادة الرشيدة الرؤية البيئية 2030، وأعلنت عام 2023 عاماً للاستدامة، مع تخصيص أموال كبيرة للموارد الخضراء بهدف تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
تلعب دولة الإمارات دوراً رئيسياً في الإشراف البيئي، إذ تتولى زمام مبادرات الأمن الغذائي التي تعطي الأولوية للحفاظ على المياه. ارتقت الأمة إلى مستوى التحدي المتمثل في دعوة COP28 لزيادة الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية والحفاظ على المياه. ومن خلال الالتزام بممارسات الإنتاج الغذائي المستدام وحماية البيئة، تمثل البلاد نموذجاً يحتذى به للأمن الغذائي بين البلدان القاحلة إلى الجافة شبه الرطبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخاصةً الخليج.
منطقة الخليج في حاجة ماسة إلى حلول المياه
تعد ندرة المياه أكثر من مجرد قضية بيئية، بل تشكل عائقاً رئيسياً أمام النمو الاقتصادي والتحضّر، مما يطرح تحديات كبيرة يجب ألا تمر مرور الكرام.
خلال مؤتمر COP27، دق وزير البيئة المصري ناقوس الخطر بشأن قضية ندرة المياه، والتي تمثل تحدياً يمكن أن يخرّب أي طموح تنموي في المنطقة. ومن دون تدخلات وحلول سريعة، من المتوقع أن تصبح هذه القضية المقلقة أكثر تعقيداً في السنوات المقبلة، مما يجعلها أولوية لا مفر منها لجميع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولطالما تسببت الشمس الحارقة وقلة هطول الأمطار في خسائر فادحة للمزارعين في المنطقة، تاركة محاصيلهم ذابلة وفي بعض الأحيان هالكة كلياً. ترتفع أسعار المواد الغذائية الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يجلب النشاف الشديد مشقّات وحالات عدم اليقين لأولئك الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم.
للحفاظ على استمرار الإنتاج الزراعي في المناطق الجافة، يجب علينا اتخاذ خطوات استباقية لضمان صحة واستدامة المزارع. ويشمل ذلك وضع سياسات تعزز الممارسات الزراعية السليمة، وتحفيز المحاصيل المقاومة للجفاف، وتقديم المساعدات المالية لمنشآت الري وتحديثها، وتحسين النظم المتعلقة بتخزين المياه وتوزيعها، وزيادة فرص الحصول على المواد التعليمية للتعريف بالطرق التي يمكن للمزارعين من خلالها استخدام الموارد الحيوية مثل المياه بشكل أكثر كفاءة.
ولكن الأهم من ذلك، يجب أن نعطي الأولوية للابتكار والتطوير في مجال التكنولوجيا الزراعية
إمكانات التكنولوجيا الزراعية في تعزيز الاستدامة في دولة الإمارات
تتمتع التكنولوجيا الزراعية بالقدرة على تحقيق الاستدامة والإشراف البيئي، خاصةً في المناخات القاحلة مثل مناخ دولة الإمارات. تعتبر التكنولوجيا الزراعية أداة قابلة للتطبيق يمكن أن تساعد المزارعين على زيادة غلة المحاصيل مع الحفاظ على الموارد الطبيعية. من خلال تقديم حلول مستقبلية للقطاع الزراعي، يمكن لدولة الإمارات إطلاق العنان لإمكانات تنموية هائلة وتحقيق الاستقلال الغذائي في نهاية المطاف.
تطوير ممارسات الزراعة المستدامة
من أجل تحقيق الأمن الغذائي الحقيقي في جميع أنحاء دولة الإمارات، يجب إنشاء سلسلة توريد متكاملة باستخدام أحدث تقنيات النانو والزراعة المائية. من خلال الاستثمار في التطورات الزراعية القائمة على الأبحاث مثل البيوت الزجاجية الحديثة التي تتمتع بالمرونة في مواجهة المناخات الصحراوية المعادية، يمكننا ضمان توفير منتجات عالية الجودة عند الطلب بأقل ضرر بيئي ممكن.
استفادة القطاع الخاص من التكنولوجيا الزراعية
نستعد حالياً لإطلاق أكبر مزرعة Nano-GrowPro ذكية في المنطقة، والتي ستوفر 4.5 مليون قدم مربع لزراعة المنتجات. يضمن هذا النظام إنتاج أغذية عالية الجودة على مدار العام من خلال اعتماد نهج صديق للبيئة.
سيوفر نظام Nano-GrowPro نهجاً مبتكراً للمنتجين الزراعيين، مما يزيد من إنتاجيتهم بمدخلات أقل. يتطلب هذا النظام ما يصل إلى 60٪ فقط من الموارد مثل المياه والأسمدة مقارنة بالطرق الحالية، بينما يتمتع بإمكانية إنتاج محصول يتفوق على الممارسات التقليدية الأخرى بنسبة 25٪. ويتمثل هدفنا في ضمان الأمن الغذائي من خلال الإنتاج المستدام لـ 6 ملايين كيلوغرام من المنتجات في الصحراء العربية كل عام وبأسعار معقولة.
الإنتاج المستدام للأغذية وإدارة النفايات
تتخذ دولة الإمارات خطوات للحد من هدر الطعام من خلال إدراج شبكات نقل أكثر كفاءة ولوائح جديدة حول مواد التعبئة والتغليف. ولن تساعد هذه الجهود دولة الإمارات على الحد من انبعاثاتها المسببة للاحتباس الحراري فحسب، بل ستساهم أيضاً في تحقيق أهدافها المتمثلة في مستقبل محايد للكربون، مما يمهد الطريق لمستقبل مستدام اقتصادياً وبيئياً للجميع.
ثورة مستقبلية في الاستدامة من خلال التكنولوجيا الزراعية
على مدى السنوات القادمة، ستقدم التكنولوجيا الزراعية حلولاً أفضل مثل الزراعة الدقيقة، وأنظمة الري المتقدمة، وتحليلات البيانات التي يمكن أن تساعد في تقليل استهلاك المياه، وتحسين غلة المحاصيل، وزيادة كفاءة الموارد إلى أقصى حد. كما ستوفر هذه التطورات فرصاً للمزارعين للتعاون وتبادل أفضل الممارسات مع بعضهم البعض ليتمكنوا من الوصول بسهولة إلى التقنيات المبتكرة واعتماد أساليب جديدة للزراعة المستدامة.
ومن خلال الاستفادة من هذه التطورات التكنولوجية، يمكن لدولة الإمارات أن تصبح وجهة رائدة في الإنتاج الزراعي المستدام، مما يدفعها نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.