المطارح العشوائية للنفايات المنزلية ونفايات البناء

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم، رشيد فاسح، رئيس جمعية بييزاج لحماية البيئة أكادير، المملكة المغربية، 17 مايو 2021
تشكل خطرا على البيئة والمحيط الحيوي لغابات الأركان والتنوع البيولوجي والأحزمة الخضراء
في زمن التغيرات المناخية.
بينما هي تواجه المطارح العشوائية بغابات الأركان للمدن الشبه حضرية، والجماعات القروية لإيقاف المد المتنامي والهدام للبيئة والتنمية المستدامة باكادير الكبير، تفاجئت جمعية بييزاج للبيئة باستمرار تنامي واتساع المطرح العشوائي الذي توسعت مساحته بالمجال المداري لاكادير على ضفاف واد يقع شرق أكادير ويصب بنهر سوس مباشرة، يسمى (أيغزر العرباء) يفصل بين مقاطعة تيكوين التابعة للجماعة الحضرية لاكادير، وجماعة الدراركة من جهة الشرق، أي بالمنطقة الحدودية حيث تتنافى الحدود الترابية بين السلطات المحلية والجماعات الترابية. تنشط مظاهر التخريب والدمار البيئي الذي يمس المكونات البيئية الحساسة كغابات الأركان وضفاف الأودية. هذا المطرح الجديد يشكل تكريسا للتلوث ومسا خطيرا بالبيئة.
1- المطارح العشوائية كارثة بيئية واستباحة غير مشروعة لمجالات طبيعية مفتوحة في وجه كل أنواع النفايات بشكل غير قانوني
فيما يخص الترسانة القانونية المتعلقة بموضوع النفايات خصوصا قانون تدبير النفايات 00-28

لا يفوتنا أن نذكر بها خصوصا المادة 1:
حيث يهدف هذا القانون إلى وقاية صحة الإنسان، والوحيش، والنبيت، والمياه والهواء والتربة والأنظمة البيئية والمواقع والمناظر الطبيعية والبيئة بصفة عامة من الآثار الضارة للنفايات وحمايتها منها. ولأجل هذا الغرض، يرمي هذا القانون إلى ما يلي:
– الوقاية من أضرار النفايات وتقليص إنتاجها.
– تنظيم عمليات جمع النفايات ونقلها وتخزينها ومعالجتها والتخلص منها بطريقة عقلانية من الناحية الإيكولوجية.
– تثمين النفايات بإعادة استعمالها أو تدويرها أو بكل عملية أخرى لأجل الحصول من هذه النفايات على مواد قابلة للاستعمال من جديد أو على الطاقة.
– اعتماد التخطيط على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي في مجال تدبير النفايات والتخلص منها.
– إخبار العموم بالآثار الضارة للنفايات على الصحة العمومية وعلى البيئة وبالتدابير الهادفة إلى الوقاية من آثارها المؤذية أو معاوضتها
– ضع نظام للمراقبة وزجر المخالفات المرتكبة في هذا المجال.
– أنواع النفايات التي تمت معاينتها تتكون من

a.النفايات المنزلية: وهي كل النفايات المترتبة عن أنشطة منزلية.
2.النفايات المماثلة للنفايات المنزلية : كل النفايات الناجمة عن أنشطة اقتصادية أو تجارية أو حرفية.
3.والتي تكون من حيث طبيعتها ومكوناتها وخصائصها مماثلة للنفايات المنزلية.
4.النفايات الصناعية: كل النفايات الناتجة عن نشاط صناعي أو فلاحي -صناعي أو حرفي أو نشاط مماثل.
5.النفايات الهامدة: كل النفايات التي لا تنتج أي تفاعل فيزيائي أو كيميائي؛ وتدخل في حكمها النفايات الناجمة عن أشغال الهدم أو البناء أو التجديد والتي لا تتكون من مواد خطرة أو من عناصر أخرى تتولد عنها آثار ضارة أو ليست ملوثة بها.
6.النفايات الفلاحية: النفايات العضوية الناتجة بشكل مباشر عن أنشطة فلاحية أو عن أنشطة تتعلق بتربية المواشي أو بالبستنة.
7.النفايات القابلة للتحلل البيولوجي: كل النفايات التي يمكن أن تتعرض إلى تحلل بيولوجي طبيعي سواء تم هذا التحلل في الهواء أو بدونه كالنفايات الغذائية ونفايات الحدائق ونفايات الورق والورق المقوى وكذا جثت الحيوانات.

إن المطارح تتكون تدريجيا بسبب غض الطرف من قبل الجهات المعنية وعدم تحملها للمسؤولية وتفعيل القانون الواضح والجلي، للحد من الدمار البيئي بضواحي المدينة. نموذج المطرح العشوائي الجديد نبت بمنطقة تكسوها غابات الأركان، وأصبح مكبا مفتوحا لنفايات البناء والهدم والنفايات الخضراء للأحياء المحيطة والقريبة منه وكذلك النفايات الصناعية وكل أنواع المتلاشيات والخردة، وأول ملاحظة للخروقات البيئية المسجلة تتجلى في انتشار كثيف لظاهرة (الزاريب والرعاة) والرعي الجائر وغير المنظم لقطيع الذي يرعى في هذه النفايات التي يتم جمعها ونقلها ورميها بشكل غير قانوني لغابات الأركان، وهنا يجب التذكير بقرار ولائي سابق فيما يخص منع الرعي بالمطرح المراقب لتاملاست والذي كان مطلب جمعيتنا لحماية الصحة العامة ومحاربة ظواهر خطرة على السلامة الصحية للمواد الغذائية، فالمطارح العشوائية تنتشر بشمال أكادير بمنطقة أغروض وعلى امتداد واد سوس من حدود تارودانت الى منطقة الجرف تراست بإنزكان وعديد أودية أخرى في غياب مقاربات ايكولوجية تحمي البيئة خصوصا بالدواوير المنتشرة والتي تنمو بشكل لا يراعي اية تصميم للتهيئة وفق الضوابط القانونية للتعمير والتنمية المستدامة على امتداد هذه المناطق الرطبة لواد سوس ووسط غابات والمحيط الحيوي لشجر الأركان

فبمنطقة (ايغزر العرباء) وتحت جنح الظلام والليل يتكفل الخارجين عن القانون وبعض «الميخالة» بجمع الأزبال والنفايات عوض عمال النظافة التابعين للجماعات، من مختلف صناديق القمامة التي يتم إتلافها أو إفراغها أحيانا في الأرض، في مناطق بأكادير او الدشيرة انزكان وتيكيون ايت ملول ، ويقومون بتفريغها بالمكب. وحسب المعطيات التي تم جمعها، فلا يستثنى «الميخالة» من تلك الأزبال والنفايات أي شيء، فهم يأخذون (الجمل بما حمل)، ويقومون بتفريغها بمقربة من الوادي بعد أن يحتفظوا بنفايات الخضر التي تقتات منه قطعان المعز والغنم، ويرمون بما تبقى في منحدر الوادي لتتكفل النار بحرقه وتحويله إلى رماد. حيث حرق النفايات وطرحها على ضفاف الوادي للتخلص منها مختلطة بأكوام من أكياس البلاستيك وقنينات المواد الكيماوية التي عايناها هنالك من خلال النفايات الصناعية لشركات السمك، كما تنشط بقعر الوادي انتشار حقول دقيق الأسماك مختلط بالملح يتم تجفيفه، وهي أنشطة كانت منتشرة وسط غابات الأركان بمناطق متوارية بغابة ادميم والمحيط الحيوي للأركان والتي كانت موضع شكايات عديدة تلقيناها سابقا.
من وجهة نظرنا فهذه عمليات غير قانونية في التعامل مع هذه النفايات وفق قانون تدبير النفايات التي تخضع لمساطر وإجراءات وتراخيص لجمعها ونقلها وتفريغها والتخلص النهائي منها، لكن للأسف، ما لا يعرفه هؤلاء أن العديد من تلك النفايات تكون مختلطة بنفايات ثقيلة وسامة تزداد عند عملية الحراق، واحيانا أن النار لا تأتي على أغلبها وهو ما عيناه ميدانيا.

2-شاطئ أكادير والحياة البحرية وجودة مياه البحر والرمال هي المتضرر الثاني بعد الهواء و غابات الأركان ووادي سوس بفعل التلوث الناتج عن المطارح العشوائية بالأودية.
غالبا ما يتم التخلص من النفايات بمختلف أنواعها المنزلية ونفايات البناء و المتلاشيات ونفايات الحدائق والمخلفات الصناعية الخطيرة الممنوع طرحها بالمطرح المراقب لتاملاست وأوحال شركات السمك بمحاذاة الأودية والغابات المتوارية عن الأنظار، لكننا لا نشك البتة أن السلطات المعنية بالمنطقة التي لا نعرف أن كانت حضرية أم قروية لا تعلم بوجود هذه السلوكات المنحرفة والشاذة ضد البيئة الحضرية بهذه المنطقة الخلاء،
وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لحماية البيئة والمجهودات المبذولة من طرف المؤسسات مركزيا وجهويا ، حيث تشكل هذه المعطيات الطبيعية مواقع بيئية في غاية الحساسية وتتعرض للهشاشة والتدهور بفعل هذا التخريب الناشئ والتلوث المستمر بمختلف أنواعه، فالغابة تتعرض للاستنزاف بفعل الرعي ورمي مخلفات البناء والمخلفات الصناعية الأخرى وانتشار أكياس البلاستيك في أغصان شجر الأركان، والأودية تتعرض للتدهور بفعل التأثير والتلوث على الفرشة المائية أو المياه الجوفية بفعل الازبال، وانتشار الأدخنة نتيجة عملية حرق غير مسؤولة يمكن أن تشعل حريق في اقرب غابة محيطة باكادير تحتضن آلاف الأشجار من الأركان، والتي نحاول جاهدين التصدي لها بالمطارح العشوائية بالقرى والجماعات القروية، فإذا بنا نجدها بالمنطقة المدار الحضري للحزام الاخضر الطبيعي لأكادير غير بعيد مشروع انجاز الطريق السريع الرابط بين الطريق السيار شرقا وميناء اكادير غربا .

فكثيرا ما نبهنا كجمعية في تقارير خضراء لظاهرة تلوث شاطئ مدينة اكادير لذات الأسباب، وهي انتشار المطارح العشوائية على طول نهر سوس حيث يتم التخلص من النفايات المنزلية والجيف وجثث الحيوانات ونفايات البناء وكل أنواع النفايات لاستباحة رمي كل النفايات والمخلفات والعوادم الصلبة والسائلة من طرف مخربي البيئة، فهذه الاطنان من النفايات تحملها السيول في الفترة الماطرة عبر الأودية التي تصب بشاطئ اكادير السياحي وهذه المطارح تؤثر بشكل كبير على جودة المياه والرمال والتنوع البيولوجي والكائنات السمكية والأوساط المرجانية والاحياء البحرية بصفة عامة أثناء فترة التساقطات المطرية، حيث تجرفها أودية كهاته إلى نهر سوس ومن ثمة إلى شاطئ اكادير مخلفة بذلك عبئ ثقيل على حماية السواحل و المعطيات والموارد الطبيعية المرتبطة بها وبالمجال السياحي الشاطئي وعلى التنمية السياحية المحلية والجهوية والتي تعتبر جودة ونظافة البيئة والشاطئ والمعطيات الطبيعية من ضمن متطلبات السياحة الايكولوجية على الصعيد الدولي وإحدى المؤشرات في الغاية الأهمية لاستقطاب السياح إلى المراكز السياحية والتي لا تتوانى عن إبراز وتقديم مؤشر حماية ونقاوة البيئة المحلية والطبيعية في إغراءات جلب السياح، والحالة هاته أننا اليوم باكادير أمام محك صعب فمن جهة القضاء على سلوكات منحرفة اتجاه البيئة وحماية المعطيات الطبيعية للغابات وحماية الاودية والاحواض المائية وحماية السواحل والمشهد العام الطبيعي وحماية المنتوج التنموي السياحي للشاطئ من عبث قادم من بعيد يضر بالتنمية المحلية الاقتصادية ويثقل كاهل الدولة من اجل استصلاح البيئة بموارد مالية إضافية تكفي أليات تطبيق القانون و الذعار والزجر والمراقبة بالتخلص منها.

3-نطالب بضرورة التدخل العاجل للتخلص من هذه المعضلة التي تضر بالبيئة وتنزيل قانون الخاص بتدبير النفايات وفق المخططات الجهوية والإقليمية وتشجيع المطارح المراقبة كحل قانوني لجميع النفايات.
نطالب كجمعية بيئية وبما يقتضيه القانون الإطار للبيئة والتنمية المستدامة وفيما يخص الباب الرابع: التزامات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشركات الدولة والمقاولات الخاصة وجمعيات المجتمع المدني والمواطنين ووفق قانون تدبير النفايات 00-28 ندعو الجهات المسؤولة الى ضرورة التدخل العاجل للتخلص من هذه المطرح العشوائي وما يلحقه من ضرر كبير بالبيئة،
فالمطارح العشوائية تساهم في تفاقم الوضع البيئي وتشكل خطرا على البيئة الغابوية بسبب الحرائق التي يتم إشعالها للتخلص من النفايات الصلبة والبلاستيكية والتي يمكنها أن تجر المنطقة الغابوية للأركان المحيطة بأكادير إلى كارثة، حيث يمنع القانون حرق النفايات في الهواء الطلق، كما تهديد الثروة المائية بل و التنمية المحلية ككل مما يزيد من أعباء الدولة ويثقل كاهلها من اجل الاستصلاح.

كما ندعو الى تنظيم هذه التقاليد الرعوية بالمناطق الشبه قروية المرتبطة بالرحل والرعي الجائر بالأملاك الخاصة والعامة للملك الغابوي وذوي الحقوق ، بعيدا عن الاحزمة الخضراء للغابات في المجالات القروية و الحضرية، وتعتبر الغابات المجاورة والأودية ليست مجالا مفتوحا في وجه العبث وهي مناطق بيئية يستفيد منها الساكنة من خلال قيام الأسر والأطفال بالتنزه والاستجمام بضواحي المدن، بل يقتضي الأمر تأهيلها وحمايتها لتشكل منتجعات خضراء امام تنامي التلوث وللحد من التغير المناخي، وليست مروجا لرعي الإبل والبعير وكل الغنم والمعز التي أصبحت تنشط بالمنطقة الغابوية للأركان وتهلك بالتالي محاصيل ذوي الحقوق والمستغلين من النساء القرويات، وحماية مكان اشتغالهن ودخلهن القار في تنميتهن بعد سنوات جفاف متتالية خفضت سلاسل الإنتاج لهذه الأشجار المثمرة.

هناك ضرورة قصوى لحماية البيئة الحضرية والاحزمة الخضراء والمحيط الحيوي لأشجار الأركان ميدانيا عبر تفعيل القانون والتصدي الحازم لهذه الظواهر المشينة لرمي مخلفات البناء والحفر والهدم والنفايات الصناعية والنفايات المنزلية خارج القانون التي تضر بالبيئة الغابوية وجودة مياه الاودية والشاطئ من خلال انتشار هذه المطارح العشوائية المفتوحة على ضفاف الاودية ووسط الملك الغابوي والممرات المتوارية ومنع الرعي في القاذورات التي يجب أن تنظمها وفق الضوابط الخاصة بالحفاظ على البيئة والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الحيوانية، لاسيما وأن هذه الماشية ترعى في القمامة والقذارة، ويتم ذبحها ليستهلكها المواطن بعد ذلك، حيث يكتشف يوما عن يوم رداءة اللحوم الحمراء للمعز والغنم بسبب سوء التغذية التي تتعرض لها هذه الماشية في المطارح العشوائية، والتي يمكن أن تنشأ من خلالها ظواهر مضرة بالصحة العامة وبالبيئة، كما يجب تدخل السلطات بحزم وصرامة لوضع حدا لهذا التجاوز غير المقبولة بالنظر إلى المجهودات المبذولة محليا وإقليميا لحل معضلات المطارح العشوائية وتنزل المخططات الجهوية والإقليمية للمطارح المراقبة لمختلفا النفايات بما فيها نفايات الهادمة والنفايات المنزلية خصوصا بالمنطقة السياحية الشمالية لاكادير .

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

ذياب بن محمد بن زايد: الحد من التلوث البيئي أولوية إماراتية ضمن الأهداف العالمية للتنمية المستدامة

بمناسبة توقيع اتفاقية تعاون بين مؤسسة الأنهار النظيفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: ستقوم مؤسسة “الأنهار …