الابتكار الزراعي.. قاطرة «الاستدامة» في زراعة وإنتاج نخيل التمر
دور رائد للإمارات عربياً ودولياً في دعم “الشجرة المباركة”، الإمارات من كبار المصدرين ورائدة في استدامة وإكثار النخيل
الدول العربية تنتج 80% من حجم الإنتاج العالمي، وتصدر 65% من حركو التجارة الدولية للنخيل والتمر
عبد الوهاب زايد: النخلة تحقق مفهوم الاستدامة كزراعة ومنتج
عبد الباسط عودة: رفع الوعي باستهلاك التمور وأهمية التمور كمنتج غذائي
محمود الحياري: توظيف التكنولوجيا في الأردن لتخفيف ىثار شح المياه ومواجهة التحديات المناخية
محمود طه: تطبيق الابتكارات الزراعية حقق طفرة إنتاجية
ايمان حسين: النخلة تتميز بطول العمر ويأكل منها ثلاثة أجيال وتتحمل الملوحة
يمثل الابتكار في النظم الزراعية المستدامة الذكية مناخياً إحدى أهم ركائز الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي لدولة الإمارات 2051، وتم تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة على مستوى دولة الإمارات، كما يتم إنتاج العديد من المحاصيل التي لم تكن تناسب الأجواء القاحلة لدولة الإمارات ومنها التوت الأزرق والفراولة، وغيرها من المنتجات التي تتم زراعتها رغم صعوبة الطقس، اعتماداً على الابتكار الزراعي الذي يعد عنصراً من عناصر الاستدامة في الإنتاج، ولا يتوقف الابتكار الزراعي في دولة الإمارات، والتي تستخدم أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الزراعية.
وأكد خبراء ومتخصصون في الزراعة لـ«الاتحاد» أن الإمارات، خطت خطوات متقدمة في الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال الزراعة، وتوظيف التكنولوجيا والابتكارات بصورة مثالية، انعكست على الأداء في هذا القطاع الحيوي، انطلاقاً من سعيها لتوفير الأمن الغذائي، سواء مشاريعها الزراعية داخل الدولة أو المشاريع الاستثمارية خارج الدولة، ولضمان الاستدامة للقطاع الزراعي، وترشيد استهلاك المياه، ولا يمكن تجاهل العناية بالنخلة والتي أصبحت الإمارات رائدة في مجال الابتكار الزراعي فيها، وانتخاب الأصناف.
استنباط أصناف عالية الجودة
وأشاد عدد من المسؤولين والخبراء في زراعة نخيل التمر بجهود دولة الإمارات في استنباط أصناف عالية الجودة وعالية العائد، وأن النخلة تمثل الاستدامة والتنمية في حد ذاتها، وأنها ترمز إلى الحياة في المكان، سواء صحراء أوملوحة المياه، حيث تتميز بكونها معمرة، لديها القدرة على تحمل المياه، ليست مستهلكة للمياه، يستفاد من جميع مكوناتها، كما أنها من الدول العربية الأكثر إنتاجاً وزراعة لنخيل التمر عالمياً، إذ تستحوذ على نسبة عالية من السوق العالمي، حيث إن إنتاج الدول العربية من التمر 7.5 مليون طن، تمثل تقريباً 80% من حجم الإنتاج العالمي وهو يقدر بنحو 9.5 مليون طن، وتسهم الدول العربية مجتمعة في تصدير حوالي 65% من حركة التجارة الدولية للنخيل والتمر، والإمارات تعتبر من كبار الدول المصدرة، وأجمع الخبراء على ريادة الإمارات في مجال استدامة وإكثار النخيل والعناية بالنخل، وأن جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر كان لها الفضل في زيادة الاهتمام بالنخلة عربياً وعالمياً، وأوجدت طفرة عربية زراعة وتصديراً.
مفهوم الاستدامة
من جانبه أكد الدكتور عبدالوهاب زايد، الأمين العام لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي، أن «النخلة» في حد ذاتها تحقق مفهوم الاستدامة، سواء كزراعة ومنتج، أو في القطاع الزراعي بشكل عام، وأن جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي حققت العديد من المنجزات محلياً وعربياً وعالمياً، ومؤخراً احتفلنا بتكريم الفائزين في الدورة الخامسة عشرة، ونعتبر ذلك مدخلاً لمفهوم الاستدامة، ونظمت بدولة الإمارات مؤتمرات وفعاليات من سنة 1998 إلى 2023 شارك فيها ممثلون من 5 قارات، وهناك ثقة في كل المخرجات من جائزة خليفة، وكل سنة عندنا فائزون ينتمون إلى 40 دولة، ومرشحون من 40 دولة لا يقلون عن 200 باحث وعالم والعدد يزداد سنة بعد سنة، هذه هي الاستدامة، والآن بدأنا نلمس أو نقطف ثمارها.
ولفت إلى وحود انعكاس على الاستدامة في القطاع الزراعي بشكل عام، والمنطقة تعرف أهمية زراعة النخيل عند الآباء، فالنخلة موجودة منذ آلاف السنين، ودليل استدامة هذه النخلة الشجرة المباركة المذكورة في القرآن الكريم والمذكورة في الكتب السماوية، كلها هذه موجودة منذ الأجيال الأولى حتى قبل الإسلام.
كما تعد النخلة الجهاز العظمي والعمود الفقري، وأي تطوير في مناطقنا مرتبط بالنخلة، فبدون النخلة ما وجدت حياة في الصحراء وفي الأماكن القاحلة لأن النخلة، تعطيك ظلاً، وتعطيك رطوبة معينة وتنزل بدرجات الحرارة ويمكن زراعة أي شيء تحتها، وهي الأساس في المناطق القاحلة، المناطق شبه الجافة، المناطق التي تعاني من الملوحة، والملوحة لا تؤثر عليها، لكن كل النباتات الأخرى لا تقاوم درجة قلة المياه وكثرة الملوحة إلا النخلة.
إكثار 120 صنفاً
وأكدت المهندسة إيمان حسين، مديرة التسويق بشركة العين للتقنية الحيوية والمشاتل «مختبر إكثار النخيل»، أن النخلة في حد ذاتها تمثل الاستدامة بعينها، حيث تتميز بطول العمر ويأكل منها ثلاثة أجيال، كما تتكاثر، ويتم زراعة الأنسجة، وتستطيع تحمل الملوحة، سواء في التربة أو المياه، ولدينا في المختبر يتم إنتاج نصف مليون شتلة سنوياً، كما يتم إكثار 120 صنفاً منها البرحي والمجهول، والخلاص والمجهول، الزاملي فحل الغنامي، كما تم إنتاج صنف جديد «بقلة نورا» الطويلة.
وأشارت إلى وجود إقبال عربي وتوسع في زراعة الأصناف الجيدة، وتم عقد عدد من الاتفاقيات، وقعها مختبر إكثار النخيل، حيث توجد اتفاقيات في مصر والعراق، مصر 5 ملايين شتلة تم التعاقد معها، والتي بدأت من مليون ونصف شتلة ووصلت إلى 5 ملايين شتلة، والعراق أيضاً 5 ملايين نخلة، ولضمان الاستدامة في القطاع الزراعي يتوجب توافر المقومات اللازمة للاستدامة أولاً، المياه وترشيد استهلاكها، التركيز علي الأصناف الزراعية عموماً، غير المستهلكة للمياه بكميات كبيرة والاهتمام بتوسعة الرقعة الزراعية بما يتلاءم مع كميات المياه المتوفرة، والاستغلال الأمثل للموارد المائية.
الاستدامة في القطاع الزراعي
أكد محمد الحياري وكيل وزارة الزراعة بالأردن، أنه بالنسبة للاستدامة بشكل عام في قطاع الزراعة، فهو موضوع هام، سواء على المستوى المحلي أوعلى مستوى العالم العربي، وكيفية تحقيقه، يتطلب وجود بعض المعطيات، وليس بمستغرب اهتمام دولة الإمارات بالقطاع الزراعي، وترشيد استهلاك المياه، باتباع أحدث التقنيات الزراعية وفي عمليات الري، إذ وظفت الإمارات التكنولوجيا لخدمة القطاع الزراعي، ورفعت من قدرات العاملين بالقطاع، حتى أصبح الجميع مهتمين بالزراعة.
وقال الحياري: شهد القطاع الزراعي بشكل عام تطوراً وتنوعاً وتقنية عالية في دولة الإمارات الشقيقة، وقال إن التكنولوجيا ليست هي الضمانة الوحيدة لاستدامة الزراعة، فالتكنولوجيا واحدة من الروافد، ومن أهم الروافد، ولكن من المهم تبادل الخبرات، والتعرف على التحديات المناخية ليس لها طريق إلا أن نتكامل مع بعض نتبادل الخبرات ونطوع التكنولوجيا، بكل تأكيد.
وأضاف: نحن كنموذج في المملكة الأردنية الهاشمية التي تعاني كثيراً من مواردها المائية وشح المياه، ومع ذلك، فنحن نطوع التكنولوجيا لتخفيف آثار شح المياه لاستخدام كافة وسائل التقنيات الحديثة التي تؤدي إلى استغلال أمثل للموارد المائية، وهنالك التحديات المناخية، وهي تفرض نفسها بقوة على العالم وعلى المنطقة بشكل عام، وبالتالي هذه كلها عوامل لكيفية تحويل التحديات إلى فرص من خلال استثمار كل الطاقات العلمية، مراكز البحث والإرشاد، خبراء لجامعات تكامل أدوار هذه المؤسسات وكل دولة تتميز أيضاً بميزة في منتج معين أو خبرات متقدمة في محصول معين، وبالتالي نحن نسعى لنتعرَّف على تجارب الدول، ومن بينها الإمارات، التي تنفذ برامج تقنية عالية، خاصة فيما يتعلق باستدامة الموارد المائية والزراعية، لأننا دول شحيحة مائياً، ونأخذ فيها ونتبادل الخبرات والثقافات.
كما نتبادل كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا والذي نحن بكل تأكيد ذاهبون إلى صناعة الزراعة، فالزراعة لن تبقى على مستوى تقليدي كما في سنوات سابقة، الزراعة الآن دخلت منحنى جديداً في تكنولوجيا جديدة من خلال الزراعات الذكية، ومن خلال التطبيقات وكل الأدوات وكل الخبرات العلمية التي تؤهل قطاع الزراعة للنهوض والانطلاق، بالتالي الذهاب إلى زراعة الصناعة، أو صناعة الزراعة إن جاز التعبير، وبالتالي تحقيق أكبر عائد، أكبر استغلال للموارد لأفضل منتج وأفضل صورة.
وأضاف الحياري: نحن في الأردن على سبيل المثال نستحوذ على 15 في المئة، من إنتاج صنف المجهول وهو صنف مقبول ومطلوب عالمياً، وهذا الصنف المجهول هو صنف مميز غير موجود بنفس الجودة والشكل ويتم العمل على آليات لضمان استدامته، وبالتالي نحن معنيون، ونشكر دولة الإمارات، وجائزة خليفة ومجلس أمناء الجائزة وكل القائمين على هذا البرنامج والدعم الذي يتم لخبرات هذه الدول.
ولفت إلى دور الإمارات في جمع الدول العربية أو المسؤولين بقطاع الزراعة بشكل عام في مؤتمرات وتبادل الخبرات في حد ذاته إنجاز كبير، والإمارات تقدم شيئاً جيداً للأمة، ودولة الإمارات سباقة وهي الراعية والحاضنة لهذا المنتج، وبالتالي نحن مدينون بالشكر لها لما تقدمه من دعم للمشاريع الريادية وجوائز تقديرية وهذا يحث روح التنافس بين أفضل إنتاج للمزارع سواء على المستوى الصغير المتوسط الكبير وأيضاً للمؤلفات العلمية في هذا المجال، لكل ما يسهم في رفع قطاع التمر نخيل التمر والابتكار الزراعي، دولة الإمارات راعية له وحاضنة له بأعلى درجة من الرعاية.
فاكهة الصحراء
أكد الدكتور عبدالباسط عودة إبراهيم، عضو اللجنة العلمية لجائزة خليفة من جمهورية العراق، أنه في حقيقة الأمر نخلة التمر بالنسبة لي هي شجرة العرب، العرب هم المتميزون في هذه الشجرة، هذه الشجرة نطلق على ثمارها فاكهة الصحراء رافقت العرب من قديم الزمان في حِلهم وترحالهم، الواحات التي كانت في الصحراء العربية جل زراعتها هي نخلة التمر وتؤمن لزراعة محاصيل أخرى التي نسميها «الزراعات البينية»، بنخلة التمر استدامت حياة العرب، واستمرت، وهي التحدي الكبير للعرب في عصر ما بعد النفط، فهي شجرة تاريخية تراثية اقتصادية تتأقلم مع التغيرات المناخية إنتاجها متميز تحتاج إلى معاملات زراعية، لكي نحافظ على الإنتاج ونطوره، وأيضاً نخلة التمر هي شجرة الاستدامة، هي شجرة الحياة نسميها بها ابتدأت الحياة، هي خلقت مع سيدنا آدم، وبها تنتهي الحياة كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: في معنى الحديث» إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يقوم حتى يغرسها فليغرسها، وستبقى الإمارات حامية لنخلة العرب.
وأضاف: نحن قادرون على العمل لزيادة معدلات التصدير، والتي تتراوح كما أعتقد بين 1 – 5% من الإنتاج، ولذا فإننا نحتاج إلى أن نغير آلياتنا وتعاملنا في كيفية التعامل مع السوق العالمية، ونبدأ بالسوق المحلية أولاً، المهم أن نغطي أو نوفر الثقافة ورفع الوعي لدى الناس باستهلاك التمور وأهمية التمور الغذائية، كونها منجماً غذائياً، التمور تحتوي على العديد من العناصر الغذائية، التمور تحتوي على مضادات أكسدة وينبغي أن نثقف من الطفل إلى الرجل الكبير، ولا يكون تعاملنا مع التمور فقط في شهر رمضان كمناسبة، وإنما يجب أن تكون جزءاً من الوجبة اليومية، ونبدأ من رياض الأطفال حتى الجامعات، نوعي الجمهور بأهمية التمور، وبالتالي سنوفر هنا سوقاً محلياً للاستهلاك، ثم نبحث عن السوق العالمي بالمواصفات التي تتناسب مع حاجة هذا السوق، وأيضاً بالكيفية أو بالنوعية التي يحتاجها السوق حتى يمكن أن ننفتح على الأسواق الخارجية.
زراعة 5 ملايين نخلة في مصر
نفذت الإمارات العديد من المبادرات فيما يخص النخلة، والتي جعلتها رائدة عالمياً في هذا المجال، وهو ما خلق طفرة واهتماماً في تلك الدول تجاه التمور، ومعرفة الأماكن التي فيها إنتاج التمور، بالإضافة إلى تحسين جودة التمر، والذي أسهم في الفترة الأخيرة أن تحقق التمور جودة عالية، وتنافساً شديداً بين كل منتجي التمور خصوصاً صنف المجهول ما بين مصر والأردن وفلسطين، المغرب، لتقديم جودة جيدة، لافتاً أن جائزة خليفة كان لها دور في التنافس لمصلحة المستهلك الأخير، بحسب الدكتور أمجد القاضي مدير مركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية من وزارة التجارة والصناعة في جمهورية مصر العربية.
وأكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول المتقدمة جداً في زراعة النخيل ولديها خبرات واعدة في هذا المجال، ونرى الاهتمام بالزراعة منذ توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث كانت بداية الاهتمام بالزراعة، وحدثت طفرة في الزراعة للأصناف عالية الجودة والمقبولة لدى المستهلكين، وتمت زراعة الآلاف من الأفدنة، والتركيز على الأصناف عالية الجودة ومن أهمها «المجهول»، واهتمام بصغار المزارعين لكي يدخلوا ضمن المنظومة، كان ضمن النقاط أيضاً المعارض، فكانت جائزة خليفة لنخيل التمر هي من قدم فرصة للمزارعين، ورتبت زيارات تبادلية مثلاً مهرجان أبوظبي للتمور، وهو ما انعكس على صادرات مصر من التمور والتي تزيد سنة بعد سنة، وهناك خطة للحكومة لزراعة 5 ملايين نخلة نتوقع أن نكون من خلالها على رأس مصدري التمور على مستوى العالم.
وبدأت صادرات التمور تزيد، بأرقام من خلال الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات ومنظمة الفاو وإنتاجنا من التمر المجهول كل يوم في زيادة وتوسعات بالنسبة للمجهول في مصر، في أكثر من مكان في توشكا والعوينات وأسوان والمنيا وغرب المنيا، مع التركيز أيضاً على الأصناف المصرية، ومنها الملكابي والبرتمودا والأصناف القديمة المجهولة الاسم وليس لها اسم وعليها إقبال، رائعة، وتدخل في القيمة المضافة، وبدائل مصنعات التمور كبودرة التمر وعجينة التمر، دبس التمر، والابتكار في صناعة التمور بشكل عام، كاستخدام عجينة التمر في البسكويت، ومصنعات الحلويات الآن، ويدخل في صناعته التمر، كاتشب التمر وخل التمر وعصير التمر، أشياء كثيرة تصل إلى 40 منتجاً، وأشار إلى أنه من المتوقع أن تبدأ 150 ألف نخلة الإنتاج هذا العام من صنف المجهول.
دخل مناسب للمزارعين
وذكر القاضي أن أحد أساسيات الاستدامة «تحقيق دخل مناسب للمزارعين»، ويتم بعدة آليات، مثلاً توفير التدريب والاستشارات الفنية، وكوادر متخصصة في هذا الأمر والإرشاد الزراعي، وبناء قدرات المزارعين أنفسهم، وتوفير مدخلات الإنتاج وربط المزارعين بالتجار والمسوقين أو المصدرين، وزراعة تعاقدية ما بين المصانع وما بين المزارعين أو ما بين المصدرين، وعمل زراعة تعاقدية مع المزارعين، وتقديم الدعم الفني والاستشارات، في إطار سلسلة القيمة والمعاملات الزراعية؛ إذ أن الجودة تبدأ من المزرعة نتيجة تطبيق الممارسات الزراعية الجيد مثل الري والتسميد والتكييس والخف ومكافحة الآفات وغيرها، وبحصل على جودة مرتفعة وبعد ذلك معاملات ما بعد الحصاد وأن أحافظ على هذه الجودة، وأيضاً معاملات ما بعد مثل معاملات الفرز، وفرز المحصول تدريجي لدرجات مختلفة التخزين المبرد والمجمد لكي يتم المحافظة عليه لمدة طويلة، والتبخير أو التعقيم لمنع الإصابات الحشرية، والمحافظة على الجودة في المرحلة هذه.
وأشار إلى دور الابتكار في الصناعات الغذائية أو الصناعات الزراعية القائمة على المحاصيل وهذا الغرض منه رفع القيمة المضافة للنبات، وطبعاً من خلال التصنيع، وإتاحة المنتجات على مدار العام، باستخدام أدوات الابتكار الزراعي، والتقنيات الحديثة، والتي نشاهدها في مزارع الإمارات التي تغلبت على ملوحة التربة، كما تم التغلب على درجات الحرارة المرتفعة، وإدخال نظم مرشدة لاستهلاك المياه، واستخدامها في ري أكثر من محصول.
الاستثمار في الابتكار الزراعي
قال الخبير الزراعي محمد شحادة العبيد المدير التنفيذي لشركة الشاطئ الغربي: إن الابتكار الزراعي أصبح احد اهم الأركان التي يعتمد عليها القطاع الزراعي في دولة الإمارات، وخلال السنوات الماضية شهدت الدولة تطوراً كبيراً في ذلك المجال انعكس على كافة المشاريع الزراعية المختلفة، موضحاً أن اغلب المشاريع الزراعية أصبحت ترتكز على التقنية الحديثة وتعتمد على التطور والابتكار الزراعي.
وأضاف العبيد أن جهود الدولة ساهمت بشكل كبير في زيادة دافعية جميع العاملين في قطاع الزراعة نحو الابتكار والبحث عن وسائل حديثة ومبتكرة تساهم في الارتقاء بالقطاع الزراعي نحو مزيد من التميز والإبداع وذلك من خلال العمل على مواجهة التحديات الزراعية، بالتركيز على مفهوم الابتكار الزراعي، مستفيدين من دعم القيادة الرشيدة وتوفير البنية التحتية للاستثمار في الابتكار الزراعي. وكشف العبيد أن الشركة حرصت خلال السنوات الماضية على تنفيذ مجموعة من المشاريع المبتكرة زراعياً، حيث اعتمدت على استخدام الطاقة الشمسية في عمليات الزراعة بهدف توفير الموارد الطبيعية والحفاظ على الاستدامة، كما تم استخدام شبكات ري حديثة تعتمد على توفير احتياجات النبات من المياه دون نقص أو هدر وهو ما انعكس بشكل كبير على مستوى الإنتاج، مشيراً إلى أن توظيف الابتكار في خدمة الأمن الغذائي اصبح سمة أساسية، فالابتكار اليوم هو ما يميز الشركات عن بعضها البعض، للمساعدة في مواجهة تحديات القطاع الزراعي الذي يشهد تطوراً كل يوم وتختلف المفاهيم المرتبطة به نظراً لما يشهده العالم من تغير المفاهيم الزراعية القديمة وتوجهها نحو الحداثة والشمول ومواجهة التحديات من أجل مستقبل زراعي أكثر أماناً يلبي الاحتياجات ويوفر الأمن الغذائي المطلوب.
مزارعون: توظيف أفضل الممارسات الابتكارية
حرص عدد كبير من المزارعين على اعتماد التكنولوجيا الحديثة في مجال الزراعة، إما بهدف تقليل التكاليف أو زيادة الإنتاج وهو ما يؤكده علي بخيت المزروعي صاحب مزرعة في منطقة الظفرة، موضحاً أن أغلب المزارع أصبحت تعتمد على استخدام وسائل الابتكار الزراعي والاستفادة من التطور التكنولوجي الزراعي الهائل خلال الفترة الماضية، وذلك لمواكبة التوجه العام للدولة وتحقيق أقصى استفادة من الإنتاج الزراعي وبما يساهم في تحقيق مردود اقتصادي مجزي لهم.
ويضيف المزروعي أنه اعتمد في مزرعته على زراعة أنواع متميزة من القمح والشعير والأعلاف الحيوانية عالية البروتين، معتمداً على نظام ري متطور يمد النبات باحتياجاته من المياه دون هدر أو فاقد، ويوفر 70% من استهلاك المياه مقارنة بنظام الري المعتاد.
ويؤكد أنه حرص على تطوير مزرعته والاستفادة من الخبرات الأوروبية لاستخدام وسائل حديثة ومبتكرة في زراعته حيث قامت شركة أوروبية تم التعاون معها بتوفير شبكة ري متطورة تعتمد على تنفيذ شبكة ري تحت التربة وليست فوق التربة، ويتم ربطها بمؤقت وعداد يقوم بضبط عمليات الري طبقاً لاحتياجات النباتات الفعلية من دون أي نقص أو هدر، وهو ما يوفر أكثر من 70% من مياه الري بالنظام التقليدي. وقال بخيت المنصوري صاحب مزارع لإنتاج الخضروات والأسماك في مدينة ليوا، إن الابتكار الزراعي لا يعتمد فقط على استخدام الأجهزة والمعدات، بل يعتمد أيضا على الأفكار الجديدة والمبتكرة والتي من شأنها الحفاظ على الإنتاج الزراعي وتنميته والارتقاء به، موضحا أن الإنتاج الزراعي لديه شهد تطوراً وزيادة في الإنتاج بشكل واضح بعدما استخدم أسلوب الزراعة المتكاملة من خلال توفير أحواض سمكية في مزرعته لاستخدام مخرجات المياه الخاصة بالأسماك في ري المحاصيل الزراعية من خضراوات وفاكهة ونخيل التمور، بجانب استخدام بعض المنتجات الزراعية كغذاء للأسماك ساهمت بشكل كبير في زيادة إنتاجية المزرعة وتخفيض تكاليف الإنتاج بنسبة تجاوزت 60% مقارنة بنظام الزراعة الآخر.
وأضاف أن مزرعته حققت مردوداً إيجابياً كبيراً سواء على مستوى المحاصيل الزراعية التي يقوم بزراعتها داخل المزرعة والتي تتنوع من الأرز والقمح وأشجار النخيل، بجانب زراعة الخضراوات والفاكهة التي يتم تسويقها داخل الدولة أو على مستوى إنتاج الأحواض السمكية والتي تزايدت بشكل كبير، خاصة في ظل استخدام التكنولوجيا الحديثة في عمليات الإنتاج والتكاثر واستنباط وتكاثر أنواع مختلفة من الأسماك تتلاءم مع البيئة الإماراتية.
نهضة زراعية شاملة
قال محمود طه، مصدر تمور مدير القطاع الزراعي في شركة «سي إم» مصر، في الحقيقة نوجه الشكر للإمارات، والمجهود المبذول خصوصاً في مسألة تنظيم المؤتمرات والمعارض التي تعرض أحدث الابتكارات الزراعية، بما يسهم في الارتقاء بالتكنولوجيا، وشهدنا طفرة في السنوات الأخيرة في مثل هذه الفعاليات، وحققت الإمارات نهضة زراعية شاملة، وهناك عناية من المسؤولين بدولة الإمارات وتحفيز العاملين بالقطاع الزراعي من أجل التركيز علي التقنيات الحديثة في الزراعة واستدامتها، ومنها قطاع التمور الحاصل فيه طفرة في آخر 5 أعوام، وأوضح أن هناك اهتماماً كبيراً من جانب الإمارات بالنخلة، وهو ما جعل المزارعين في مختلف دولنا العربية، تهتم كثيراً بالنخلة، والتي تشكل الاستدامة بعينها، فلا توجد بها مخلفات، وكل ما ينتج عنها أو منها يتم استغلاله، وهي حقيقة تمثل الاستدامة، إذ أنها غير مستهلكة للمياه، ومصدر غذائي مهم، منتج عالي القيمة، يمكن الزراعة تحتها وحولها وكثير من الأمور.
إنتاج الدول العربية
إنتاج الدول العربية من التمر 7.5 مليون طن، تمثل تقريباً 80% من حجم الإنتاج العالمي وهو يقدر بمقدار 9.5 مليون طن، وتسهم الدول العربية مجتمعة في تصدير حوالي 65% من حركة التجارة الدولية للنخيل والتمر، والإمارات تعتبر من كبار الدول المصدرة والمستوردة لأنها تعتبر مثل المركز، تستورد من بعض الدول، وتصدر كميات أكبر من الكميات التي تستوردها، ولدى دولة الإمارات العربية الشقيقة أكبر مصنع تمور في العالم، وهو مصنع الفوعة مصنع حكومي الغرض منه تشجيع المزارعين على توريد إنتاجهم لهذا المصنع.
100 مليون نخلة بالوطن العربي
على المستوى العربي هناك أكثر من 100 مليون نخلة، وهو ما يعني أن 70% من نخيل العالم هو في الوطن العربي أو أكثر من الوطن العربي، وهناك توجه للتوسع في زراعة صنف المجهول وتم عقد الاجتماع الأول لشبكة نخيل المجهول، أو التمر المجهول، وهو صنف مغربي، في الأساس، لكن انتشرت زراعته عالمياً، وله سوق عالمية، وبدأت معظم الدول العربية تتوسع في زراعة هذا الصنف.
المصدر، جريدة الاتحاد، إبراهيم سليم، إيهاب الرفاعي ( أبوظبي) 7 أغسطس 2023 01:38