وزيرة البيئة المغربية السابقة لـ«الاتحاد»: «كوب 28» منصة عالمية للابتكار

حكيمة الحيطي:
استضافة الدولة “مؤتمر الأطراف” فرصة تاريخية لتطوير العمل المناخي

مؤشرات نجاح المؤتمر.. تنفيذ حلول مبتكرة وتعبئة الموارد المالية وتعزيز التعاون الدولي

العالم يحتاج نهجاً صناعياً ومالياً وتككنولوجياً مبتكراً لخدمة اتفاقية باريس المناخية

أقل من 60 يوماً على انطلاق مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28»، طموحات كبيرة على مخرجات المؤتمر، في ظل تحديات متواصلة وتداعيات يومية يكابدها العالم جراء تفاقم التغير المناخي. «الاتحاد» حاورت حكيمة الحيطي وزيرة البيئة المغربية السابقة، لاستطلاع توقعاتها تجاه المؤتمر ودور الإمارات في تحريك العمل المناخي على الصعيد العالمي.

حكيمة الحيطي كان اختارها العاهل المغربي لتكون المبعوثة الخاصة والبطلة رفيعة المستوى لمؤتمر المناخ الدولي (COP22) الذي انعقد في مراكش خلال الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر 2016. «الحيطي» لعبت دور المفاوض النشط في إطار اتفاقية باريس وانتُخبت لاحقاً لمنصب نائب رئيس COP21 المنعقد في باريس عام 2015، كما كلفت بالإشراف على مشاريع النفايات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتم تعيينها حالياً من قبل الأمين العام للأمم المتحدة عضواً في مجلس الاستشارة لمبادرة الصفر نفايات للفترة من 2023 إلى 2026.

«الاتحاد» وجهت تساؤلاً محورياً للحيطي مؤداه:
لماذا يعتبر مؤتمر الأطراف «كوب 28» مهماً؟ وما هي النتائج المأمولة من هذا الحدث المناخي العالمي؟
وأجابت حكيمي: اسمحوا لي أن أجيب عن هذا السؤال في جزأين: أولاً- سأبدأ باقتباس عبارة للرئيس الراحل جاك شيراك الذي قال في عام 2002 «إن المنزل يحترق، ونحن نبحث في مكان آخر»، من وحي هذه هذه العبارة نستشعر ضروة الاهتمام بتداعيات التغير المناخي. وأتساءل ما الذي كان سيقوله شيراك إذا علم أننا شهدنا للتو خلال شهر يوليو المنصرم أجواء هي الأكثر سخونة منذ 120 ألف عام. وأضافت حكيمي: «لا يزال منزلنا يحترق» والمنزل هو كوكبنا، وما زلنا نبحث بعيداً عن أشياء أخرى، على الرغم من الوعي المتزايد فيما يتعلق بالتحديات المناخية وعواقبها المأساوية في جميع أنحاء العالم، والتي تدمر أكثر الشعوب ضعفاً. ولدى حكيمي قناعة بأن تغير المناخ هو الآن التهديد العالمي الوجودي الأكثر تأثيراً للبشرية. تماماً مثل الحرب، فإن تغير المناخ- على حد قولها- يقتل ويؤثر على جميع قطاعات الأمن البشري على النحو المحدد من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. والجزء الثاني ترى خلاله الحيطي أنه منذ إقرار اتفاق باريس، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون تشهد تزايداً. والمساهمات المحددة وطنياً (NDCs) ليست طموحة بما يكفي للحفاظ على هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، على الرغم من ظهور حلول تنافسية منخفضة الكربون في القطاعات الاقتصادية التي تمثل 25% من الانبعاثات. (وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ).

ولدى الحيطي قناعة بأنه يمكن قياس نجاح COP28 من خلال الإجراءات الملموسة التي تتخذها البلدان للحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وزيادة تدابير التكيف، وتقديم الدعم للبلدان والمجتمعات المعرضة للخطر. وسيتطلب ذلك التزاماً جماعياً بتحقيق أهداف اتفاق باريس مع إدراك أن وقت العمل ينفد. وأضافت أن تنفيذ الحلول المبتكرة والمستدامة، وتعبئة الموارد المالية، وتعزيز التعاون الدولي، ستكون أيضاً مؤشرات رئيسية لنجاح الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف. واستنتجت الحيطي في نهاية المطاف «سيتم تحديد النجاح من خلال إحراز تقدم ملموس نحو مستقبل أكثر استدامة ومرونة للجميع». وأشارت الحيطي إلى أن الإمارات بصفتها الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف، ستكون في دائرة الضوء العالمية، وأيضاً محور اهتمام المجتمع المدني عن كثب. وأكدت أن استضافة الإمارات مؤتمر COP28 تعد اعترافاً بالجهود البيئية التي بذلتها الدولة على مدى العقود الثلاثة الماضية. ما يسعدنا أن الإمارات تركز على الإبداع، ولديها رصيد كبير في دعم الاستدامة وحماية البيئة وتفعيل مبادرات الطاقة المتجددة، كل هذا يجعلها في وضع مثالي لتحويل مؤتمر الأطراف إلى محرك عالمي أكثر قوة للابتكار وإنتاج الحلول، من خلال رؤية واقعية قائمة على التكنولوجيا، ويتم تطويرها من خلال استثمارات تضمن تعزيز مسارات التحول بأدوات مبتكرة في إزالة الكربون وضمان التكيف المرن مع تداعيات التغير المناخي. ونوّهت الحيطي إلى رصيد الإمارات الكبير في الالتزام بالمواثيق الدولية المعنية بمواجهة التحديات المناخية، حيث أصبح تغير المناخ أولوية بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 1989 عندما صادقت الدولة على اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون. وفي عام 1995، أصبحت الدولة عضواً في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وصدقت على بروتوكول كيوتو في عام 2005. ومن بين المبادرات «الخضراء» التي روجت لها دولة الإمارات العربية المتحدة:

– اقتراح، بالتعاون مع الولايات المتحدة، لبعثة الابتكار الزراعي للمناخ (AIM)، بهدف حشد استثمارات كبيرة في الزراعة الذكية مناخياً وأنظمة الغذاء على مدى السنوات الخمس المقبلة.
– الالتزام بتقليل انبعاثات غاز الميثان والالتزام بتعهد الميثان العالمي، حيث تعرض الصناعات الهيدروكربونية بعضاً من أقل معدلات غاز الميثان كثافة في العالم.
– استثمار 400 مليون دولار لمساعدة البلدان النامية في التحول إلى الطاقة المتجددة.
– تطوير خارطة طريق الهيدروجين لجعل الإمارات العربية المتحدة مصدراً رئيساً للهيدروجين.
– إنشاء مرفق واسع النطاق لالتقاط الكربون واستغلاله وتخزينه، وتقليل تكاليف الطاقة الشمسية.
– الالتزام بزراعة 100 مليون شجرة منجروف بنهاية العقد.
– تخصيص 17 مليار دولار للمساعدة المناخية للدول الجزرية المتضررة.
– تشغيل محطة براكة للطاقة النووية في أبريل 2022 مما يساهم في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
– الإعلان عن الحياد الكربوني بحلول عام 2050 لتأكيد الالتزام بأن تصبح دولة خالية من الكربون.

ودعت الحيطي إلى تشجيع الدول المنتجة للنفط والغاز على لعب دور طموح في الجهد العالمي لمواجهة التغير المناخي، وأشارت إلى أن لديها اعتقاداً راسخاً بأن استضافة الإمارات لمؤتمر الأطراف ورئاستها لدورته الثامنة والعشرين، فرصة تاريخية لمجتمع المناخ، يمكن أن تؤدي إلى إصلاح إيجابي للنشاط المناخي. وحذرت الحيطي من أن توصيات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، على الرغم من أنها تستند إلى العلم، إلا أنها غير واقعية من الناحية السياسية. فهناك حاجة إلى تفعيل نهج صناعي ومالي وتكنولوجي مبتكر لخدمة اتفاقية باريس، وفي هذا المجال تستطيع الإمارات العربية المتحدة أن تقدم منظوراً إيجابياً وعملياً يستفيد منه العالم.

دبلوماسية المناخ
حسب الحيطي، فإن دبلوماسية المناخ تواجه اليوم صعوبات، فالأزمات تتعاقب الواحدة تلو الأخرى، والتحديات منهجية ومترابطة (المناخ، والتنوع البيولوجي، والأوبئة، والتهديدات السيبرانية، والأزمات الجيوسياسية والاقتصادية، وما إلى ذلك)، والغريب- تضيف الحوطي- أن العالم يتعامل مع حالات الطوارئ لكن لا يعطيها الأولوية، علماً بأن أزمة المناخ أمر حيوي للبشرية.
المصدر، شبكة ابوظبي للاعلام، طه حسيب (أبوظبي) 2 أكتوبر 2023 01:10

About هيئة التحرير

Check Also

كيف يمكن لأذربيجان المضيفة لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين أن تعزز النمو من خلال العمل المناخي

شبكة بيئة ابوظبي، مؤلفون متعددون، (carbonbrief.org) باكو، أذربيجان، 01 نوفمبر 2024 يعتمد اقتصاد أذربيجان بشكل …