شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 15 مارس 2020
يرتبط الإبداع ارتباطاً وثيقاً بالأفراد، باعتبار أن الفرد هو مصدر الإبداع بشكل عام، والإبداع قدرة عامة توجد لدى الكثير من الأفراد، وهناك أفراد متميزون عن غيرهم إما بسبب سماتهم الشخصية أو بسبب عوامل أخرى توفرت لهم تجعل منهم أفراد مبدعون، لذا سنفرد في هذه المقالة تفصيل لخصائص الشخص المبدع من وجهة نظر بعض العلماء والمختصين على الرغم من عدم وجود اتفاق عليها.
سابع عشر: خصائص الإبداع الفردي:
يعتبر موضوع خصائص الشخص المبدع من الموضوعات الرئيسة التي جذبت اهتمام الباحثين في مجال الإبداع كونه يساعد الأفراد لتطوير قدراته الإبداعية أو معرفة ما يتمتع به المبدعون.
إن الإبداع قدرة عامة توجد لدى الكثيرين من الأفراد، وسبب تميز أفراد عن غيرهم في الإبداع هو سماتهم الشخصية أو توافر عوامل خارجية تساعدهم على ذلك، وقد اتجه الباحثون في تحديد خصائص الإبداع من خلال نتائج الدراسات التي تم اجراء معظمها على الفنانين والعلماء، وأظهرت بأن هؤلاء الأفراد يتسمون بخصائص معينة دون سواهم وإن لم يكن بالضرورة التنبؤ بالإبداع على أساس هذه الخصائص، كذلك فإن من المؤكد أن هناك العديد من المبدعين في المجالات المختلفة في العمل، والادارة والتعليم والرياضية والزراعة والاقتصاد، وغيرهم الذين يشتركون في العديد من الخصائص الإبداعية التي يتسم بها العلماء والفنانون. (1)
فقد أكد (ماجور) أنه ليس من السهل تمييز الأفراد المبدعين قبل أن تتاح للباحث فرصة للعمل معهم أو الوقوف على انتاجهم الإبداعي، وعلى الرغم من صعوبة ذلك فإنه من الممكن تحديد بعض الخصائص التي يمكن استخدامها كمؤشرات للدلالة على الشخص المبدع، ومن بينها الطلاقة الفكرية، والمرونة العقلية، والأصالة، وعدم التسرع في الحكم على الأفكار المقترحة، وقبل التغيير والتحدي والتسامح. (2)
كما أنه وعلى الرغم من أن الأشخاص المبدعين يختلفون فيما بينهم، لانهم يتميزون بخصائص أساسية مشتركة أهمها: الحساسية بمشاكل وحاجات واتجاهات ومشاعر الآخرين، والأصالة، وتعدد وتنوع الحلول التي يتوصل إليها الشخص المبدع والمتضمنة كون الشيء جديداً ومتفرداً، والطلاقة التي تعني القدرة على انتاج عدد كبير وقيّم من الأفكار في وحدة زمنية معينة، والمرونة التي تشير إلى درجة التكيف السريع التي يتمتع بها الفرد في مواجهة التطورات والمواقف الجديدة، والقدرة على التجريد التي تشير إلى مهارة التحليل وتتضمن القدرة على تحليل عناصر الأشياء تبعاً لخطة الإبداع. (3)
ومما سبق وحسب ما هو معروف لا يوجد اتفاق عام بين الباحثين والمختصين في مجال الإبداع فيما يتعلق بتصنيف خصائص الإبداع، وسوف نركز على ما توصل إليه (دافيدكامل) (1985) بمحاولة لتحديد خصائص الأفراد المبدعين بشكل تفصيلي والتي قسمها إلى ثلاث فئات هي: الخصائص الأساسية، والخصائص التمكينية، والخصائص المساندة، كما سنبين أدناه:(4)
1. الخصائص الاساسية: وهي تمثل الخصائص المهمة والحاسمة فيما يتعلق في توليد الأفكار، وتتضمن ست خصائص رئيسية:
أ. الحذاقة الفكرية: وهي قدرة الشخص على الربط بين الأفكار والمفاهيم والرمز والكلمات والأرقام من أجل الخروج بمفاهيم ودلالات جديدة، وأيضاً تمحيص الفكرة وتقليبها للوصول إلى أفكار متعددة أو مفاهيم وكلمات متنوعة، وهذه الخاصية تتضمن نوعين أساسين من أنواع التفكير هما:
• التفكير الإفتراقي (Divergent Thinkings) الذي يتضمن تويد معلومات جديدة من معلوكات معطاة.
• التفكير التقاربي (Convergent Thinking ) وهو التفكير الذي يعتمد على التوصل إلى الاجابة الصحيحة من خلال المعلومات المتاحة. (5)
هذين النوعين من التفكير يظهرون في تصرفات الأفراد وعلاجهم للمشكلات التي يواجهونها، وإن كان يغلب عليهم التفكير الافتراقي، بما يمكنهم من استغلال وتوظيف المعلومات المتاحة لديهم للخروج بنتائج ايجابية كحلول لهذه المشكلات.
ب. المرونة: تشير هذه الخاصية على قدرة الشخص على تحويل اتجاه تفكيره أو أسلوبه في علاج المشكلة من وضع إلى آخر، أي يعني قدرة الشخص على التكيف السريع للتطورات والمواقف الجديدة (6)، وقد ميز جيلفورد بين نوعين من المرونة، كلاهما يشير إلى قدرة الشخص على تغيير الحالة المهنية بتغيير الموقف. (7)
• المرونة التكيفية: وهي التي تعبر عن قدرة الشخص عن تغيير الزاوية الذهنية التي ينظر منها إلى حل مشكلة محددة تحديداً دقيقاً.
• المرونة التلقائية: وهي الخاصية المسؤولة عن إنتاج عدة أفكار في موقف غير مقيد.
ج. الأصالة: هي القدرة على تمكن الفرد من انتاج عدد من الأفكار التي قد تكون غير مألوفة في كثير من الأحيان، كما أنها ليس بالضرورة أفكار جديدة بل إنها قد تكون عجيبة في بعض الأحيان(8)، والبعض يصفها على أنها الخروج من المألوف للوصول إلى أفكار جديدة ومتفردة، وقد عرفها (جيلفورد) ما ينتجه الفرد والتي تبدو في استجاباته غير المألوفة والمقبولة. (9)
د. تفضيل الأشياء المعقدة على حسب الأشياء البسيطة: أي أن الأشخاص المبدعين غالباً ما يفضلون التعامل مع المشكلات المعقدة ولا يميلون لتناول المشكلات السهلة، وفي بيئة العمل الأشخاص المبدعون يستمتعون بالتعامل مع المشكلات أو القضايا الصعبة التي تتسم قراراتها بدرجة عالية من المخاطرة، بينما الموظفون العاديون يحاولون تجنب التعامل مع المشكلات المعقدة واتخاذ القرارات الصعبة.
ه. الاقتداء بالأقارب: هناك العديد من الدراسات ليس في مجال الإبداع فقط، وإنما على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها تؤكد على أهمية القدوة والبيئة المحيطة بالفرد المبدع، أن الاشخاص المبدعين غالباً ما تتاح لهم فرصة النشأة بمثال ونماذج يقتدى بها في التعلم الجاد والمثابرة على التحصيل ومحاولة البحث الجديد، كأبائهم وأعمامهم وأخوانهم، وغيرهم، مما يساعدهم على كشف المواهب والقدرات الإبداعية لديهم، وتحفيزها بالشكل الايجابي، وقد يوفر للشخص المبدع منذ طفولته النماذج التي يحتذى بها وكشف الإبداع والتحفيز على الجدية والالتزام والاقتداء بهم.
و. تنوع المهارات: إن تعدد المهارات بالنسبة للشخص المبدع يعتبر عنصراً مهماً يساعده على ايجاد الحلول للمشكلات، وهي تتيح له طرح العديد من الحلول أو البدائل لمشكلة ما، كما يساعده على اثراء الخبرات والمعارف وصقل المهارات، وتساعده على قراءة المشكلة من جوانب مختلفة لايجاد حلول مختلفة.
المراجع:
1. Campbell, David (1985): Take the Road to Creativiry and Get Off your Dead End. Greensboro, NC: Center for Creative Leadership, pp. (. 61. 6242-43; 87-99) .
2. Major, Simon (1988): The Creative Gap, Managing Ideas for Profit. London : Biddles Ltd.
3. صالح، قاسم حسين، الإبداع في الفن، بغداد، دار الرشيد للنشر، 1981،ص56
4. Campbell, David مرجع سابق ، 1985 .
5. صبحي، تيسير ويوسف القطامي، مقدمة في الموهبة والإبداع، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1992، ص66
6. المزيدي، زهير منصور، مقدمة في منهج الإبداع، رؤية إسلامية، المنصورة، دارة الفاء للطباعة والتشر والتوزيع، 1413، ص228
7. فرج، صفوت، الإبداع والمرض العقلي، القاهرة، دار المعارف، 1983 ، ص42
8. Campbell, David مرجع سابق ، 1985
9. مرجع سابق، فرج، صفوت، 1983 ، ص41