شبكة بيئة ابوظبي، إعداد المهندس صالح احمد مجوحان، ماجستير مخاطر طبيعية، اليمن 22 يوليو 2024
المقدمة:
يولي العالم قضية التغير المناخي اهتماما كبيرا، لما له من تأثيرات سلبية على جميع العناصر البيئية ومنها الانسان، تحدث عادتا هذه التغيرات بفعل احداث جيولوجية كبيرة، او اسباب بشرية كما هو حاصل الان، اذ تشير الدراسات المتعلقة بموضوع التغيرات المناخية و منذ القرن التاسع عشر الميلادي، بان هناك مؤشرات لهذه التغيرات وارتفاع درجة حرارة الارض وذوبان الجليد، ويعزى السبب في حدوثها الى الانشطة البشرية الناتجة عن حرق الوقود الاحفوري والذي سبب في انبعاثات الغازات الدفيئة التي تنحصر في غلاف الارض مما تسبب في احتباس الحرارة المنعكسة من سطح الارض نتيجة الاشعاع الشمسي وبالتالي حدوث زيادة غير طبيعية في درجة الحرارة وتغيرات في الرطوبة والامطار وذوبان الجليد.
ان اليمن ومن خلال الموقع الفلكي لها، والواقع شمال خط الاستواء، والمحاطة بمسطحات مائية كبيرة، ونظرا لطبيعتها الجيولوجية والتضاريسية كل ذلك جعل لها انعكاسات سلبية بالنسبة لموضوع الهشاشة البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية، كما ان ظروف البلاد نتيجة الفقر والصراع قد غيب الجهات المعنية من عمل دورها في مجال الدراسات والابحاث لهذا الموضوع واعداد برامج التدخلات والتكيف.
ان الحركات التكتونية المتعاقبة خلال العصور الجيولوجية السابقة، قد اثرت بشكل مباشر في صياغة المظهر العام للتضاريس اليمنية، يعود ذلك الى اسباب متعددة لعل اهمها قرب اليمن من البحر الاحمر وخليج عدن، اللذان يشهدان توسع مستمر نتيجة تيارات الحمل في النطاق السفلي من القشرة الارضية، تشكل ايضا عن هذا الوضع الجيولوجي صدوع وشقوق ومناطق ضعف متعددة، ونتيجة للعوامل الخارجية المتمثلة في التجوية والتعرية تشكلت على ضوئها اودية رئيسية منها وادي حضرموت، هذه الاودية قد يكون نشأتها في البداية تكتوني وبعد ذلك تعروي، يتخلل منحدرات هذه الاودية كتل صخرية كبيرة محاطه بشقوق وكسور عمودية وافقية منها بارزه وكبيرة جدا، واخرى متوسطة.
لقد حدثت خلال الآونة الاخيرة احداث متتالية من حركة هذه الكتل الصخرية على المنحدرات وسببت اضرار متباينة منها مادية واخرى بشرية، ولازالت العديد من الكتل الصخرية الآيلة للسقوط والتي يمكن وصفها بانها كبيرة وستكون لها اضرار جسيمة، في هذه الورقة نتطرق للأسباب الجيولوجية لوجود كتل صخرية آيلة للسقوط وفي وضع حرج من الاستقرار وكيفية امكانية تأثير التغيرات المناخية على التسريع في حركتها، وكيفية تلافي خطرها في المستقبل.
الهدف العام:
تهدف الورقة المختصرة الى اعطاء صورة واضحة عن جيولوجية المنحدرات في الاودية اليمنية ومنها وادي حضرموت، واسهام التغيرات المناخية في حدوث وتعجيل حركة الكتل الصخرية التي يمكن وصفها بانها في وضع حرج من حيث الاستقرار.
الخصائص الجيولوجية والتضاريسية والمورفولوجية لوادي حضرموت:
يمكن وصف وادي حضرموت بالمحددات التالية والتي لها علاقة بحركة الكتل الصخرية منها مايلي
1: التضاريس: وادي حضرموت عباره عن منخفض تكتوني وتعروي محاط بمنحدرات جبلية يزيد ارتفاعها عن قاع الوادي بحوالي (150) متر، هذه المنحدرات ذات انحدارات شديدة يصل البعض منها الى اكثر من (65) درجة، خاصة في المنحدرات العلوية التي تشمل صخور ام رضومة الجيرية، تقل الشدة في الانحدار كلما اتجهنا نحو الاسفل حيث تصل بين (18ـ30) في الجزء السفلي للمنحدر والذي تتوزع عليه المباني السكنية والطرقات وبعض المنشاءات الخدمية والاقتصادية.
2: الجيولوجيا تتكشف على جوانب منحدرات وادي حضرموت: وحدتين رئيسيتين في الاسفل، صخور رملية تسمى صخور رمل المكلا وهي غنية بالمياه الجوفية، ومتباينة في الصلابة والمقاومية لعوامل التجوية، يصل سمكها الظاهري الى حوالي 70 متر، غالبا ما يظهر فوق مكاشف صخورها حطام وصخور ام الرضومة المتساقط من الاعلى، و تتموضع اعلاها صخور ام رضومة الجيرية ، وتعد مصدر الخطر اي ان انطلاق الكتل الصخرية وحركتها تكون من هذه الطبقة الصخرية والتي تتصف بانها صخور جيرية عقدية احيانا، تتأثر بالتجوية الكيميائية، وسمكها اكبر من الرملية اذ يزيد في بعض المنحدرات عن (100) متر، وانحدارها شديد، البعض من ذلك يزيد عن (75) درجة، اضافة الى ان نظام الشقوق والكسور على هذه الصخور يبدو على شكل افقي يتمثل في اسطح التطبق، ساهم بشكل كبير في تقويض الكتل الصخرية من الاسفل واخلال متزن الكتل لصالح عدم الاستقرار، خاصة وان هذه الاسطح تظهر بشكل كبير في نطاق التطبق بين الصخر الرملي والجيري ، والذي شكل في بعض اجزاء المنحدرات وخاصة عند المسيلات المائية تكهفات وجروف صخرية.
3: الوضع التركيبي والهندسي: في طبقة الصخور الجيرية تظهر كتل صخرية البعض منها شبه مستطيلة متوزعة على امتداد الطبقة ومن خلال الدراسات الميدانية تبين وجود نظامين من الشقوق الاول عمودي ويعمل على فصل الكتل الصخرية عن بعضها ويقلل او يجعل من قيمة التماسك الجانبي يساوي صفر واخرى تكون موازية لكن ميلها يصل الى حوالي (90) مما جعلها في وضع مستقر من الناحية التركيبية فقط، هذه الشقوق غالبا ماتكون مفتوحة وجافة، وبالتالي فان هذه الشقوق مع هذه الطبقة قد سببت في وجود كتل صخرية طولية كبيرة وبارزة وشبه مستقرة بناء على القاعدة الصخرية التي تتموضع عليها والتي لما يبقى من عوامل استقرارها غير هذا القاعدة الصخرية.
4: التغيرات المناخية والعوامل الخارجية: من الشرح السابق تبين بان هناك كتل صخرية في وضع حرج ويبقى استقرارها بناء على القاعدة التي تتموضع عليها، وبالتالي تكمن المشكلة في ان هذه القاعدة الصخرية غالبا ما تتأثر بالتغيرات المناخية ومع ان اليمن والعالم يشهد تغيرات مناخية ومنها وادي حضرموت بالذات الذي تسببت المنخفضات الجوية المتعاقبة عليه في حدوث امطار غزيرة ومتكررة ساهمت في زيادة تشبع المنحدرات بالمياه والتي بدورها ساعدت في عملية تحلل الصخور الى مواد طينية ضعيفة لا تستطيع هذه المواد الطينية البقاء امام التعرية المائية وبالتالي نتج عن ذلك ضعف في الطبقات التي تتموضع عليها الكتل الصخرية الآيلة للسقوط ومن ثم حركتها وبصوره سريعة وبارتطام عالي ومؤثر وكبير، وبالتالي قد تسبب اضراراً جسيمة وما حصل في حصن باصم خير مثال لذلك.
النتائج:
1: الوضع الجيولوجي والتضاريسي والهيدرولوجي ساعد في وجود بعض الكتل الصخرية الآيلة للسقوط في وادي حضرموت.
2: الوضع التركيبي والتكتوني جعل هذه الكتل في وضع حرج جدا يتمثل ذلك في الشقوق الموازية والعمودية والافقية مما قلل من قيم التماسك.
3: ان التغيرات المناخية المتكررة والمتمثلة في المنخفضات الجوية ساعدة من تقليل وضعف الطبقات التي تتموضع عليها الكتل ومن ثم حركتها.
4: في وادي حضرموت العديد من الكتل الصخرية التي يمكن ان تتحرك في أي وقت وتسبب اضرار جسيمة.
التوصيات:
1: اجراء دراسة لجميع منحدرات وادي حضرموت والتركيز على المنحدرات المطلة على القرى والمباني السكنية.
2: اتخاذ اجراءات وتدخلات للحد والتخفيف من الاضرار المحتملة.
3: التوعية بشكل مستمر لهذه المخاطر والإنذار المبكر لها خاصة في الحالات المناخية غير المستقرة.