“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 4 يناير 2024

أبعاد التغيير التنظيمي
إن إدارة التغيير هي عملية حيوية وضرورية لنجاح أي منظمة في عالم الأعمال المتغير بسرعة، وتعتبر إدارة التغيير مجالًا شاملاً يشمل العديد من الأبعاد المهمة التي يجب مراعاتها وتنفيذها بشكل فعال لتحقيق النتائج المرجوة من التغيير، فقد يكون مصدر التغيير البيئة الخارجية للمنظمة مثل التغييرات التكنولوجية أو السياسية أو القانونية وغيرها، وقد يكون من البيئة الداخلية للمنظمة، ويمكن أن يطرأ التغيير على الأبعاد الرئيسية بشكل شامل ويمكن أن يطرأ بمجال واحد من مجالاتها، ولتستطيع المنظمة التوازن مع بيئتها الخارجية تسعى إلى التغيير التنظيمي من خلال عدة جوانب إما بشكل استباقي أو كرد فعل.

وعلى الرغم من تعدد وجهات نظر الكتاب والباحثين حول أبعاد التغيير بسبب اختلاف أفكارهم، إلا أن معظم حالات التغيير التي سيتم ذكرها تنصب في معظم مجالاته:
البعد الاستراتيجي: ويحدث التغيير في هذا المجال على استراتيجية المنظمة بشكل كامل أو الاستراتيجيات الوظيفية أو الفرعية أو التخصصية، ويكون التغيير إما في تبني استراتيجية جديدة أو التعديل في الاستراتيجية القائمة أو الثبات عليها، أو في الاستراتيجيات الفرعية، أو إلغائها أو إلغاء بعضها بما يتناسب مع عملية التغيير، ويمكن أن يتضمن الرؤية والسياسات والاهداف، وقد تتحول المنظمة من نشاط لنشاط آخر أو متعدد النشاطات، ويتصف هذا التغيير بالصعوبة في الادارة والتنفيذ نظراً لشموليته كونه في معظم الحالات يعيد النظر في المكونات الرئيسية للمنظمة مما يواجه مقاومة كبيرة من جانب المتأثرين لما يشكل خطورة في وظائهم ومستقبلهم المهني.

البعد الهيكلي: ويعتبر من أكثر الجوانب التي تتعرض إليه المنظمة للتغيير كونه يتعلق في الهيكل التنظيمي الذي تتبناه المنظمة بناء على متغيرات في البيئة الخارجية أو الداخلية، ويمكن أن يكون التغيير من هيكل مركزي إلى لامركزي، ومن هيكل وظيفي إلى متعدد الاقسام، أو متعدد الاقسام إلى مصفوفي أو الشبكي، ومن خلاله يتم التغيير في توزيع السلطات والمسؤوليات وآليات التنسيق وقنوات الاتصال بين الوحدات التنظيمية واعادة تصميم الوظائف وتقسيم الاعمال وتوزيع التخصصات أو فصل أو دمج بعض الوحدات التنظيمية بالمنظمة أو اضافة وحدات تنظيمية جديدة، ومصادر اتخاذ القرار، مما يستدعي التغيير في الصلاحيات والاجراءات للوحدات التنظيمية.

البعد التكنولوجي: يتعلق هذا الجانب بكل ما يتم ادخاله في المجال التكنولوجي الحديث من نظم معلومات أو وسائل انتاج جديدة، وغيرها، وأيضاً تطبيق التكنولوجيا والانظمة الجديدة أو المحسنة والتغيير بالعمليات والانتاجية لتوفير الخدمات وتصنيع وتسويق منتجاتها، ويشمل التجهيزات والمكائن والتحسينات والتغييرات في جوهر المنتجات سلعاً أو خدمات، وتقليص الوقت في تقديم الخدمات وتحسين جودتها وجودة العمل من خلال تمكين العاملين واتاحة المعلومات بالمكان والزمان بالسرعة المطلوبة.

البعد البشري: ويتضمن هذا البعد التأثير على الموارد البشرية في المنظمة، من تطبيق سياسة الاستغناء والاحلال، أو التغيير النوعي لهم بتوجيههم وتحفيزهم وتقديم التأهيل والتدريب والدعم لهم، أو التعديل في أنماط سلوكياتهم وقيمهم وايضا التغيير في تطبيق القواعد المتعلقة بالمكافآت والجزاءات التنظيمية.

البعد الثقافي: ويتعلق التغيير في هذا البعد على جانب مهم وحيوي ومرتب ارتباط مباشر في البعد البشري، وهو يدعم عملية التغيير مثل المبادىء والمفاهيم والمعتقدات والقيم والعادات والسلوكيات المشتركة داخل المنظمة، ويعتبر من أصعب مجالات التغيير لتجذر القيم في العاملين ومجتمعاتهم، كما أنه يرتبط بشكل مباشر بالتغيير الاستراتيجي، وعادة يفشل التغيير في تحقيق أهدافه لعدم اهتمامه المباشر في الجانب الثقافي والانساني، كون ما يحدث من تغيير داخل المنظمة يتم من خلال الفرد، لذا عدم الاهتمام بتغيير الفرد من حيث قيمة إدراكه واتجاهاته وذهنياته وسلوكياته يؤثر سلباً على التغيير، فالتغيير في الثقافة المؤسسية أساسه اكتساب ثقافة جديدة تساعد في عمليات التغيير والتطوير، وتعتبر الثقافة التنظيمية من المكونات الرئيسية لاي منظمة كونها الاطار المرجعي لكل العاملين بها، ومصدر تمييزها عن غيرها من المنظمات وتأثيرها المباشر على سلوكيات أفرادها وطرق وأساليب العمل بها.

البعد في المهام (المنتجات أو الخدمات): ويشمل هذا التغيير البعد في الصلاحيات والمسؤوليات والأعمال والواجبات والأنشطة والطرق في العمل ويكون ذك من خلال تبسيط اجراءات العمل وإلغاء الازدواجية وتقليل الاعمال الروتينية، ودمج البعض منها أو تقليلها، وأيضاً التغيير في السياسات من حيث التغيير أو التغدير أو الإلغاء بما يتناسب مع الظروف المحيطة في المنظمة ويتوافق مع التغيير.

البعد الاجتماعي: إن إدارة التغيير ليست مجرد عملية فنية أو تقنية فقط، ولكنها أيضًا عملية اجتماعية. فالتغيير يؤثر على الأشخاص والعلاقات فيما بينهم في المنظمة، فقد يشمل التغيير الالتزام بالقوانين واللوائح وضمان الاحترام الاجتماعي والمسائل الاخلاقية، لذا يجب على القادة التعامل مع الموظفي بحساسية واحترافية في هذا الجانب وأن يتمتعوا بالقدرة على التواصل بفعالية مع الموظفين وتوضيح الأهداف والفوائد المرتقبة للتغيير. كما يجب أن يتم توفير الدعم اللازم وتوجيه الفرق في مجابهة التحديات والمقاومة التي قد تنشأ خلال عملية التغيير، ويرتبط هذا البعد بشكل مباشر أيجاباً وسلباً بالبعد الثقافي والبشري.

فالتغيير ظاهرة طبيعية تقتضي تحول المنظمات من وضع قائم إلى وضع مرغوب، وكون المنظمات لا تتغير من أجل التغيير، إنما تتغير كونها جزء من عملية تطوير شاملة تفرضها عليها بيئتها الخارجية من خلال التسارع في الركب العالمي، فيجب على المنظمات تكون في حالة مرنة ويقظة مستمرة لتشكل رؤية وجودها بشكل استباقي لتلبي احتياجات السوق وتوفر أساليب حديثة ومتطورة، للتعامل ال
حقيقي مع متطلبات التغيير لتحقيق الارتقاء والتقدم المستمر، والاهتمام والرعاية بعامودها الفقري من الموارد البشرية ومدى توفرها وتأهيلها المناسب الذي يلائم هذه المرحلة للوصول إلى المقدمة وتحقيق الرؤية.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (98) “مقومات إدارة التغيير (11)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …