مركز الكفاءات للتغيرات المناخية مركز للمصداقية والإبداع المناخي وفضاء للتميز الوطني والإفريقي

شبكة بيئة ابوظبي، المهندس محمد بنعبو الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، المملكة المغربية، 27 ديسمبر 2021
نظرا لموقعه الجغرافي الاستراتيجي أصبح المغرب معرضا أكثر من ذي قبل وبشكل كبير لظاهرة تغير المناخ، فمنذ توقيع المملكة المغربية عام 1992على اتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن تغير المناخ تفاعل بدينامية كبيرة في مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ، حيث تم إصدار أول جرد وطني لانبعاثات الغازات الدفيئة عام 1994 وتقديم أول خطة وطنية لمكافحة الاحتباس الحراري عام 2009 في رغبة ملحة من المملكة في احتواء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى مستوى منخفض جدا على الرغم من النمو الاقتصادي القوي، من هذا المنطلق وفي نفس السياق لعب مركز الكفاءات في مجال تغير المناخ دورا كبيرا منذ إحداثه في تعزيز قدرة المغرب على التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عبر تحديد الحاجيات من التكوين وتقوية القدرات للجهات الفاعلة في مجال تغير المناخ وتقديم التكوينات الملائمة، كما يقوم مركز الكفاءات لتغير المناخ بجمع ونشر الممارسات الجيدة وتطوير الآليات والأدوات لإدارة المعرفة المستدامة في مقدمتها قواعد البيانات المناخية ومؤشرات الهشاشة أو القابلية للتأثر بالآثار السلبية لتغير المناخ بالإضافة إلى جرد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على الصعيد الوطني والجهوي
وفي هذا الإطار ولتقوية قدرات الجماعات الترابية في مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية وتبسيط مفاهيم التخفيف والتكيف وتمويل للمناخ للفاعل الترابي وللأطر الإدارية والتقنية نظم مركز الكفاءات لتغير المناخ بالمغرب بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب سلسلة من التكوينات شملت العديد من الجهات على الصعيد الوطني، كانت آخرها الورشة التكوينية التي احتضنها فضاء فندق حسان بالرباط أيام 22 و 23 دجنبر 2021، في أفق إدماج البعد المناخي بشقيه التخفيف والتكيف في التخطيط الاستراتيجي وفي برامج عمل ومخططات التنمية الجهوية والمحلية
إن إدماج البعد المناخي في برامج عمل الجماعات الترابية يبقى رهينا بالتخطيط الاستراتيجي المحلي الجيد، في حين يبقى الحصول على المعلومة المناخية الدقيقة والولوج إليها في زمن قياسي قضية استراتيجية لمستقبل كل تنمية محلية مستدامة، وذلك عبر إعداد مشاريع تنموية محلية تأخذ بعين الاعتبار بعد التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف كذلك مع تحديات تغير المناخ، تنمية يجب أن تكون مبنية على المقاربة التشاركية وعلى المعطيات الدقيقة والمعرفة العلمية في جميع المجالات، وذلك بهدف صيانة وتثمين الرأسمال الطبيعي والبشري والرأسمال المادي واللامادي، وبالتالي ضمان حياة أفضل للساكنة المحلية.
إن الجماعات الترابية أصبحت مطالبة اليوم بتحيين وتجميع المعطيات حول جميع المشاريع التنموية المحلية والتنسيق بين جميع المتدخلين المحليين وذلك لتفادي إنجاز مشاريع قد تمس الأمن المائي والغذائي وتضر بالمنظومات الإيكولوجية الهشة لما تمتلكه اليوم الجماعات الترابية من دور حيوي في تحقيق التنمية المندمجة والمستدامة مع الأخذ بعين الاعتبار بعد التغيرات المناخية كموضوع يفرض ذاته في التحديات التنموية للجماعات الترابية، فالفاعل الترابي اليوم أصبح مطالبا باستحضار البعد المناخي في مخططات العمل والاستراتيجيات المحلية انسجاما مع ما راكمه المغرب من تجارب وخبرة كبيرة في هذا المجال من خلال وضع ترسانة قانونية وعلى اعتبار أن المغرب كان من ضمن الموقعين الأوائل على مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تستحضر البعد المناخي، مما أصبح يشجع على المشاريع التنموية الحاملة للبعد المناخي.

ويندرج تنظيم هذه الورشة التكوينية الجهوية، التي استفاد منها عدد من ممثلي الجماعات الترابية بجهة الرباط سلا القنيطرة في إطار سلسلة من الورشات التي أطلقها مركز الكفاءات لتغير المناخ بمختلف جهات المملكة، وذلك في إطار تنزيل اتفاق باريس التاريخي الذي وقع عليه المغرب وصادق عليه بل وقام بتحيين المساهمات المحددة وطنيا، وتنزيلا كذلك للقانون الإطار 12-99 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة وتفعيلا للاستراتيجية الوطنية للبيئة والتنمية المستدامة، وتسعى هذه الورشة التكوينية إلى فهم تحديات وآثار التغير المناخي وعلاقاته بالتنمية المحلية، وإدراك أبعاد التكيف والتخفيف مع التغير المناخي وحتمية إدماجه في التنمية المحلية، وضبط منهجية إدماج التكيف مع التغير المناخي والمخاطر المناخية في التخطيط للتنمية المحلية، في أفق تمكين الجماعات الترابية من المعارف والآليات اللازمة لفهم قضايا التغيرات المناخية وأخذها بعين الاعتبار في مخططاتها التنموية مع إدراج البعد البيئي ضمن هذه المخططات، وكذا اقتراح مشاريع في إطار مقاربة تشاركية تهدف إلى التدبير الجيد للموارد الطبيعية بالجهة، وتمحورت هذه الورشة حول العديد من العروض العلمية القيمة كان أهمها: ”تقرير النموذج التنموي الجديد” الذي قدمته الدكتورة رجاء شافيل المديرة العامة لمركز الكفاءات لتغير المناخ المغرب وعضوة اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، العرض العلمي الذي أكدت فيه السيدة المديرة على أن المغرب في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ما فتئ يبدي التزامه ومنذ عدة سنوات، بخدمة التنمية المستدامة وخاصة في مجالات حكامة الموارد الطبيعية وحماية التنوع البيولوجي، ومكافحة التغيرات المناخية، وأضافت قائلة: “احتلت قضية البيئة، التي توجد في صلب السياسات العمومية، مجددا واجهة النقاش العام من خلال تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التي تفضل جلالة الملك بإحداثها في نونبر 2019 لإطلاق مشروع غير مسبوق يروم بناء مجتمع مزدهر، منفتح وقوي بتعدديته وتنميته وبجماعاته الترابية المتصدية لمختلف تحديات الحاضر والمستقبل، إن التركيز على الاستدامة كأساس لخيارات التنمية يتماشى مع ضرورة تثمين الرأسمال الطبيعي وضمان المحافظة عليه للأجيال الحالية والمستقبلية، ولتحقيق هذه الغاية بات من الضروري اليوم تثمين وحماية الأنظمة البيئية ذات الهشاشة، وخاصة السواحل والواحات والجبال والغابات والمناطق الرطبة، وذلك من خلال تبني مقاربة للتدبير الجماعي إلى جانب العمل الذي تقوم به السلطات العمومية عبر عقلنة استهلاك الموارد المائية والطاقية لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة”.
وتعتبر إشكالية المياه من أكثر القضايا إلحاحا التي يتعين معالجتها من خلال مقاربة تدمج بشكل كامل ندرتها وتعطي الأولوية للحفاظ على هذه المادة الحيوية على المدى البعيد، بالنسبة للأجيال الحالية والمستقبلية، وفي هذا السياق أكدت الدكتورة رجاء شافيل أن: ”اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي دعت الى إحداث وكالة وطنية لتدبير الماء” و” لقد شدد تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد على الحاجة إلى تحسين استغلال كافة إمكانيات الاقتصادين الأخضر والأزرق، بما يتيح خلق القيمة في كافة أنحاء التراب الوطني” مضيفة أن: ”اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي قد شجعت على تبني استراتيجية موجهة للاقتصاد الأخضر ويتم تطبيقها على المستوى الترابي، مع التركيز على منطق الاقتصاد المحوري الذي يدمج الخصائص والإمكانات المحلية، ولهذا ينبغي إيلاء اهتمام خاص لتطوير الفروع الصناعية الخضراء في مجالات الطاقة الشمسية والريحية، والتطهير السائل وتدبير النفايات”، وترى السيدة رجاء شافيل أن: ”النموذج التنموي الجديد، الذي حظي بإشادة المجتمع الدولي، ويمثل نقطة تحول في مسار التنمية وتطوير الاقتصاد الأخضر، يعد مثالا يحتذى به لباقي بلدان إفريقيا وللمنطقة المتوسطية وكذلك لأوروبا”

إن النموذج التنموي الجديد الذي يتم تجسيده طبقا للتعليمات السامية لجلالة الملك، يندرج ضمن أفق بعيد المدى وفي سياق المسار التاريخي للدولة المغربية الذي يتيح فهما أفضل للحاضر والتوجه نحو المستقبل حيث يتطلب ضمان مستقبل آمن للأجيال المقبلة، وهو الهدف ذو أولوية في هذا الورش الملكي، من كافة الفاعلين بالمجتمع التفكير بشكل مستدام وأخذ هذا البعد بعين الاعتبار وبالتالي فإن العمل المواطن والسياسات العمومية والاستثمارات الخاصة مدعوة للالتزام بهذه الرؤية الملكية الاستباقية والشاملة والمستدامة.
تجدر الاشارة إلى أن التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أكدت أن الأنشطة البشرية هي سبب الاحتباس الحراري حيث تبرز الصناعة والزراعة والنقل والإسكان كمساهمين رئيسيين في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويساهم تنظيم المناطق وتطويرها وكذلك العمليات الناتجة عنها في عمليات الاحتباس الحراري هذه لاسيما من خلال زيادة التنقل بسبب الامتداد العمراني وتطبيق مبادئ التقسيم الوظيفي من الفضاء، وتتضمن قضية المناخ عملا جديدا للأراضي مع إعادة تنظيم الفضاء وأنماط الحياة التي تتطلب انتقالا حضريا، يجب أن يفهم الانتقال إلى تخطيط المدن على أنه تطور لتخطيط المدن وممارسات التنمية التي تجعل من الممكن الانتقال من الأشكال الحالية للتنظيم وتشغيل المساحات التي لها تأثير على المناخ إلى أشكال جديدة ذات تأثير منخفض على المناخ مع التكيف مع التغيرات المتوقعة في المناخ، ولكن ما هي المعرفة التي لدينا اليوم عن التأثير الحقيقي لأشكالنا من التنظيم المكاني والتنمية على المناخ؟ ما الأدوات التي لدينا لقياس هذا التأثير؟ هل يمكن أن يكون تخطيط المدن وتنميتها رافعين للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه؟ كيف نتصور الانتقال الحضري الذي يسمح بإعادة ترتيب مساحاتنا وجعلها أكثر فضيلة من وجهة نظر مناخية؟ ما هي المجالات التي يجب العمل فيها كأولوية؟ ما هي المقاييس ذات الصلة بالتفكير والتنفيذ لهذا التحول الحضري؟ كيف يمكن المضي في تحقيق ذلك وإشراك المسؤولين والمنتخبين والسكان في هذه الديناميكية؟ كيف يتم تمويل هذه العمليات وما جدولها الزمني؟
يجب تقييم الطريقة التي يتم بها أخذ التكيف مع تغير المناخ في الاعتبار بالفعل في مشاريع التنمية وتحديد الممارسات التي سيتم وضعها في المستقبل، حيث سيكون أحد أهداف هذا التفكير هو تحديد سيناريوهات تطور الأنواع المختلفة من المساحات الحضرية وشبه الحضرية والقروية على المدى القصير والمتوسط والطويل لتوفير أدوات دعم القرار لتطوير المنطقة.
وذكرت السيدة المديرة رجاء شافيل خلال هذه الورشة الجهوية -الناجحة بكل المقاييس وبشهادة دميع المشاركين والمشرفين عليها- بالعديد من المعايير والمبادئ المناخية التي يجب الأخذ بها في المشاريع التنموية خصوصا عند اختيار منطقة معينة لخلق مدينة مستقبلية جديدة، حيث يبقى من أهم الأمور التي يجب الأخذ بها تفادي اختيار الأراضي الفلاحية لخلق المدن المستقبلية، كما ذكرت السيدة المديرة بمشاريع التنمية وتنظيم المساحات الحضرية وتأثيرها الإيجابي على المناخ بالطبع عند أخذنا العنصر المناخي بعين الاعتبار ضروري لأن نتطرق لمختلف الجوانب المتعلقة بتنظيم وعمل المناطق: النقل المستدام والشبكة الطرقية الخضراء في احترام تام لممرات الراجلين ولممرات الدراجات الهوائية، وقبل كل شيء التفكير في أشكال التنمية التي من المحتمل أن تحد من مساهمة التحضر في تغير المناخ عبر طرح مقترحات متنوعة تتراوح من الأشكال الجديدة للمدينة الكثيفة إلى إحياء المدن الصغيرة، هل الكثافة هي الحل أم المشكلة ؟ وكيف نطور أو نعيد ترتيب المساحة لتأسيس حضرية تحترم الرفاهية والبيئة؟ كما ستهدف إلى تقييم الطريقة التي يؤخذ بها التكيف مع التغيرات العالمية بالفعل في الحسبان في مشاريع التنمية والممارسات التي يجب وضعها لأخذها في الاعتبار في المستقبل، بالطبع فقد تميزت الورشة التكوينية بتقديم العديد من العروض العلمية حول: “دور الجماعات الترابية في تفعيل القانون الإطار بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة”، و”إدماج المخاطر المناخية والتكيف مع التغير المناخي في التخطيط المحلي”، و”وسائل ومنهجية التخطيط مع إدماج الرهانات البيئية”
المخطط الترابي لمحاربة التغيرات المناخية جهة سوس ماسة نموذجا
بتعاون مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة سابقا ووكالة التعاون الدولي الألمانية وفي أفق إرساء مقاربة ذات بعد إستراتيجي تهم الممارسات الجيدة في مجال محاربة التغيرات المناخية، كان قد أطلق المجلس الجهوي سوس ماسة مخططا ترابيا لمحاربة التغيرات المناخية من أجل التخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع التغيرات المناخية خاصة عبر تحديد الوسائل الواجب تفعيلها محليا بغية تقديم حلول التأقلم مع خصوصيات المجال الترابي في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية، هذا المخطط الذي يجد مرجعيته في التوجهات المحددة بالمخطط الوطني لمحاربة الاحتباس الحراري ويشمل محورين رئيسيين إعداد التشخيص للوضعية المناخية والوضعية الترابية لمحاربة الاحتباس الحراري وإعداد مخطط عمل يحدد الأولويات الترابية فيما يخص الاستثمار والتخطيط وتقوية القدرات وكذا التمويلات الضرورية، وللتذكير، يندرج هذا المخطط في إطار الاتفاقية المتعلقة بتدبير التغيرات المناخية المبرمة بين وزارة البيئة ومجلس جهة سوس ماسة وستمكن هذه الاتفاقية إضافة إلى إعداد المخطط السالف الذكر من تقوية القدرات وخلق قطب للكفاءات وإنجاز مشاريع رائدة، وهي مناسبة بالنسبة للجهة لتتميز عن نظيراتها عبر تقديم أفكار واقتراحات مبتكرة حول التغيرات المناخية والتمثلات المحلية والحلول المستديمة.

جهة سوس ماسة والدينامية العالمية
تعتبر جهة سوس ماسة من الجهات الأكثر هشاشة وعرضة للتغيرات المناخية لاسيما وأن جهتنا تتسم بمناخ شبه جاف وتعتمد في اقتصادها على القطاع الفلاحي والسياحي بالإضافة إلى الصيد البحري، ووعيا منها بهذه المخاطر البيئية وخصوصا ندرة المياه وضرورة استعمالها بطريقة معقلنة، بادر المجلس الجهوي لسوس ماسة إلى اتخاذ إجراءات آنية بانخراط جميع المتدخلين عبر وضع عقدة الفرشة المائية منذ سنة 2006 وتوقيع الاتفاقية الإطار للحفاظ وتنمية الموارد المائية بسوس ماسة والتي تعتبر الأولى من نوعها على الصعيد الوطني وكذا تأسيس جمعية أكروتيك لمواكبة الفلاحين وتشجيع البحث العلمي في هذا المجال، كما تجدر الإشارة أن منذ بداية الولاية الحالية، بادر مجلس الجهة إلى عقد عدة اجتماعات تمهيدية مع جميع المؤسسات المعنية بغية وضع إطار قانوني ومؤسساتي يتمثل في الاتفاقية الإطار للتدبير المندمج للموارد المائية لتشمل جميع القطاعات الاقتصادية، وفي سياق آخر، لابد من التذكير بعقدة الفرشة لشتوكة التي تسطر من بين أهدافها تحلية مياه البحر لتغطية العجز التي تعرفه الفرشة المائية بهذه المنطقة والمقدر، كما قامت الجهة بتمويل دراسة حول تدبير النفايات الفلاحية البلاستيكية بشراكة مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة سابقا ومؤسسة القرض الفلاحي انسجاما مع تفعيل الاستراتيجية الوطنية حول تثمين النفايات وتنظيم سلاسل تثمينها التي أصبحت موردا مدرا للدخل وفرصة لخلق مناصب الشغل وإنتاج الطاقة من الغاز الحيوي، بينما في مجال الطاقات المتجددة، بادرت الجهة عبر إبرام اتفاقيتين للشراكة مع الوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، إلى تفعيل العديد من البرامج والمبادرات الرامية إلى حماية البيئة والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وذلك بتشجيع استعمال الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، هذا، وقد وقع الاختيار على موقعين بجماعتي أيت وفقا بإقليم تيزنيت وتامري بعمالة أكادير من أجل تثبيت محطتين لقياس سرعة الرياح لتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة الريحية كما تم تأسيس جمعية الشبكة الخضراء التي تضم مهنيين في مجال الطاقات المتجددة بالجهة، ولقياس جودة الهواء، اقتنى مجلس الجهة مختبرا متنقلا مجهزا بمختلف التجهيزات الأساسية لدراسة المسح الخرائطي للانبعاثات الغازية على صعيد الجهة، وفي مجال السياحة الايكولوجية قام مجلس الجهة بدعم المشاريع التي تدخل في إطار اختصاصات شبكة تنمية السياحة القروية ومنها إعداد ميثاق الجودة والبيئة الذي يهدف إلى احترام معايير جودة المنتوج والخدمات المقدمة للسياح واحترام البيئة وذلك بتغيير بعض السلوكيات إزاء البيئة والتي تتجلى في تدبير النفايات والعمل على احترام والحفاظ على المؤهلات الطبيعية والأنظمة الإيكولوجية كما وضعت الشبكة في برنامج عملها الثلاثي الأمد تشجيع استعمال الطاقات المتجددة والمواد المحلية في البناء من أجل نجاعة طاقية، كما تعتبر هذه الجهة سباقة إلى إرساء لجنة جهوية للمناخ مكونة من جميع المتدخلين، إلى جانب وضع منظومة لتتبع وتقييم التغيرات المناخية، فضلا عن المبادرات الفعالة للنسيج الجمعوي النشيط بالجهة وكذا مبادرات القطاع الخاص، وكتتويج لجميع هذه الجهود، بادرت الجهة بشراكة مع الوزارة المكلفة بالبيئة إلى انجاز دراسة لبلورة مخططها الترابي لمكافحة الاحترار المناخي والتي أعطيت انطلاقته في 12 يوليوز 2016 والذي تم اعتماده كأداة للترافع خلال لقاء الأطراف قمة المناخ بمراكش من أجل جلب تمويلات واعتمادات من الصناديق الخضراء للمناخ وعقد اتفاقيات شراكة لتنزيل مخططات العمل التي ستنبثق عن هذه الدراسة، مـع تـغـيـر الـمـنـاخ والـتـقـيـيـم للـتـكـيـف نـظـام الـتـتـبـع تعرف جهة سوس ماسة عدة تغيرات مناخية نظرا لموقعها وطبيعة تضاريسها ونظمها البيئية، مما يجعل الساكنة تتأثر بشكل مباشر مع تغير المناخ خصوصا بالعالم القروي الذي يعرف تدهور الثروات الطبيعية وضعف البنيات التحتية وندرة المياه، وللخروج من هذه المعضلة الخطيرة وبالرغم من الجهود التي تبذلها السلطات العمومية في مجال التنمية المحلية تم وضع نظام التتبع والتقييم في إطار مشروع برنامج التعاون الألماني حول التكيف مع التغير المناخي وتثمين التنوع البيولوجي،على غرار نظام المعلومات الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة .

مركز الكفاءات لتغير المناخ والبعد الافريقي
أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس في القمة العالمية للمناخ لعام 2016 عن إنشاء شبكة من الخبراء المناخيين داخل مركز الكفاءة في مجال تغير المناخ المغرب حيث ستساعد هذه الشبكة أيضا في دعم لجان المناخ الأفريقية التي تم تشكيلها: لجنة الساحل ولجنة حوض الكونغو ولجنة الدول الجزرية الصغيرة، حيث يجب أن نؤكد على أن مركز كفاءات التغير المناخي بالمغرب، بحكم المهام الموكلة إليه، بدأ يلعب دورا مهما الآن وفي المستقبل أيضا لاسيما فيما يتعلق ببناء القدرات وتبادل الخبرات والمساعدة على صنع القرار السياسي بشأن تغير المناخ بالمغرب وإفريقيا، وفي هذا الإطار، أوضحت الدكتورة رجاء شفيل، مديرة المركز، أن: ”هذا العام شهد تطوير أنشطة بناء القدرات على نطاق واسع، مع التركيز على الفاعلين على المستوى الترابي، وبالخصوص المنتخبين، والإدارات المحلية، والجمعيات، لتقوية إدماج بعد التغير المناخي في السياسات التنموية”، مضيفة أن: ”هذه السنة عرفت إطلاق برنامج لبناء القدرات لصالح الخبراء الشباب من القطاعين العام والخاص، من أجل تعزيز الخبرة الوطنية في هذا المجال، ودعم إحداث مناصب الشغل الخضراء في مجال الخدمات المناخية، أما على المستوى الأفريقي، فقد أنهى المركز الدراسات الأولية لصندوق حوض الكونغو الأزرق، والتي مكنت من إعداد أكثر من 200 مشروع للتخفيف والتكيف في 16 دولة عضو في لجنة المناخ لحوض الكونغو. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم دعم 17 دولة عضوا في لجنة المناخ بالساحل من أجل وضع اللمسات الأخيرة على “خطة الساحل للاستثمار في المناخ”، كما سيطلق المركز دراسة “صندوق الساحل للمناخ” الخاص بتمويل هذه الخطة”.
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ مؤتمر المناخ المنعقد بمراكش عام 2016، أصبح مركز كفاءات التغير المناخي فاعلا أساسيا على المستوى الإفريقي كأول مركز إفريقي يقدم الدعم لأكثر من 35 دولة إفريقية، عضوة في لجنة المناخ لحوض الكونغو، ولجنة المناخ للساحل والتي تم إحداثهما بمبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال قمة العمل الإفريقية المنظمة على هامش مؤتمر المناخ بمراكش.

مركز كفاءات التغير المناخي بالمغرب والدعم المتجدد للجان المناخ الإفريقية الثلاث
يدعم مركز كفاءات التغير المناخي بالمغرب باستمرار عمل لجان المناخ الإفريقية الثلاث التي تم إحداثها على هامش مؤتمر المناخ بمراكش بمبادرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويدعم المركز الفاعلين المعنيين بمجال التغير المناخي ليس فقط في المغرب، ولكن أيضا في لجان المناخ الإفريقية الثلاث، لمواجهة تحديات تغير المناخ التي تواجه إفريقيا، بما في ذلك لجنة الساحل ولجنة حوض الكونغو والصندوق الأزرق برئاسة الكونغو، حيث التزم المغرب بالتكفل بدراسات الجدوى اللازمة لاستكمال خطة الاستثمار المناخي لمنطقة الساحل، التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بينما يدعم مركز كفاءات التغير المناخي بالمغرب لجنة مناخ حوض الكونغو لإعداد دراسة للصندوق الأزرق حيث سبق للمركز أن أطلق هذه الدراسة بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبهذه الطريقة يمكن للجان المناخ الإفريقية أن تعول على دعم مركز الكفاءات للتغير المناخي في المغرب لتعزيز قدرات الدول الأعضاء من أجل مراعاة التغيرات المناخية في السياسات التنموية، وفي هذا الصدد، عقد المركز اجتماعا مع منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية، حول فرق العمل المعنية بالمناخ لإفريقيا لدراسة وسائل إضفاء طابع إقليمي على تنفيذ المساهمات المحددة على المستوى الوطني، حيث سبق لمركز الكفاءات لتغير المناخ من المشاركة في الأسبوع الإفريقي للمناخ بهدف اللقاء بالفاعلين الأفارقة والجهات المانحة الإفريقية التي تدعم العمل المناخي في إفريقيا للترويج للمركز كما اشتغل المركز على إعداد استراتيجية لتعزيز القدرات في مجال التغيرات المناخية لفائدة الفاعلين الأفارقة وذلك بالاستفادة من الخبرات المكتسبة بغرض تعزيز القدرات على الصعيدين الوطني والإفريقي ولسد الفجوات ووضع خطة عمل، هذا الاسبوع الافريقي الذي عرف المشاركة الناجحة للمركز كان يهدف إلى تشجيع تنفيذ المساهمات المحددة على المستوى الوطني في إطار اتفاقية باريس والتدابير المناخية الرامية إلى بلوغ أهداف التنمية المستدامة.
وتماشيا مع السياسة الجديدة للمغرب في مجال الجهوية المتقدمة، يتم التعاون بشكل عملي ووثيق مع الفاعلين الجهويين والمحليين خلال مراحل وضع هذه السياسات والبرامج وكذا أثاء تنفيذها على الأرض، إن هذا التعاون يتم من خلال التعاقد بإبرام اتفاقيات إطارية مع الجهات، وكذلك من خلال اتفاقيات خاصة تتعلق بالأولويات المحددة باتفاق مشترك، والتي تهم، على سبيل المثال، المساهمة في البرامج الرائدة، وتعزيز المراصد الجهوية للبيئة والتنمية المستدامة أو وضع “خطط مناخ محلية”، ومن أجل إبراز هذا التوجه، إن خارطة الطريق لتنفيذ “المساهمات المحددة على الصعيد الوطني” للمغرب مرتبطة بوضوح بطريقة أجرأة وتنزيل الأهداف المتعلقة بهذه المساهمات على المستويين الجهوي والمحلي، حيث أن هذا التنفيذ سيكون على جميع المستويات، سواء كان وطنيا أو جهوياً أو محلياً، وعلاوة على ذلك، فإن مسلسل إعداد أو مراجعة المخططات الجهوية للتنمية يشكل فرصة بالنسبة للجهات لملائمة هذه المخططات مع “المساهمات المحددة على الصعيد الوطني” وتكييف أهدافها الوطنية معها. وقالت في هذا الصدد، إن اعتماد المخططات الترابية لمكافحة الاحتباس الحراري من قبل بعض الجهات بالمغرب يعزز إعادة تحديد منطق التدخل على المستوى المحلي مع ظهور منطق برمجة استراتيجية لمكافحة آثار التغيرات المناخية، ومن أجل دعم مسلسل جهوية العمل المناخي فإن مركز الكفاءات للتغيرات المناخية بالمغرب يوفر الخبرة اللازمة من أجل تشجيع انخراط الجهات في تنفيذ مشاريع “المساهمات المحددة على الصعيد الوطني، ولن يتم ذلك إلا من خلال برنامج واسع للمواكبة التقنية وتعزيز قدرة المسؤولين الجهويين في مجال استيعاب الفرص التي يتيحها تنفيذ المشاريع المناخية على المستوى الجهوي وضبط إجراءات الولوج إلى التمويل المناخي من أجل هيكلة المشاريع المناخية المحلية القابلة للتمويل والتي ستكون موضع التمويل الدولي، كما ستسهم في في تحقيق أهداف “المساهمات المحددة على الصعيد الوطني”، وفي هذا السياق يضع مركز الكفاءات للتغيرات المناخية رهن إشارة جميع المتدخلين والفاعلين العديد من الوثائق والكتيبات ذات الأهمية الكبرى سهلة التحميل على المنصة الرقمية للمركز من أهم هذه الكتيبات: “دليل الولوج إلى تمويل المناخ” و “دليل أخذ تغير المناخ بعين الاعتبار في التخطيط المحلي”، واللذين يتم وضعهما رهن إشارة الجهات الفاعلة على المستويين المركزي والمحلي، وفي هذا الإطار، يشتغل المركز على تعزيز الحوار وتبادل الممارسات الفضلى، وكذا في تقوية التعاون شمال-جنوب، وجنوب-جنوب وذلك فيما بين الأقاليم، وخاصة في إفريقيا.

المغرب بطل المناخ عربيا وافريقيا وأورومتوسطياً
ففي الوقت الذي يتحمل فيه المغرب وطأة آثار الاحتباس الحراري يتفوق المغرب على نفسه في التزامه بقضايا المناخ هذا بالرغم من أن المملكة المغربية ليست مسؤولة حقا عن هذا التغير المناخي ولن تكون قادرة على إيقافه لكن يجب علينا في المغرب أن نتوقع التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ خصوصا وأن نقطة اللا عودة قريبة حيث الكوكب آخذ في الاحترار ولا يستطيع الملوثون الكبار إبطاء عقارب الساعة الكربونية لأنه من المستحيل عليهم تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير وفوري في الوقت الذي سوف تنهار اقتصاداتهم وسيشهد العالم اضطرابات كبيرة.
في المغرب على سبيل المثال لم يعد نهر الملوية أحد أطول الأنهار في المغرب يتدفق إلى البحر الأبيض المتوسط بسبب ضعف تدفقه، فالاستغلال المفرط وانخفاض هطول الأمطار هي الأسباب الرئيسية، بينما تغير المناخ له علاقة كبيرة به، ويتسبب جفاف ملوية في أضرار جسيمة للأراضي الزراعية والتنوع البيولوجي، حيث كانت مياهه العذبة الوفيرة في السابق حتى وصولها إلى البحر الأبيض المتوسط قد أفسحت المجال لمياه البحر التي ترتفع الآن لمسافة 15 كيلومترا في قاع هذا النهر الذي يسافر أكثر من 500 كيلومتر من جبال الأطلس المتوسط وقد دفع هذا السكان المحليين إلى التخلي عن استخدام أراضيهم بسبب الملوحة الزائدة.
ومنذ عدة سنوات شهدت المملكة تغيرا في المواسم في الوقت المناسب، حيث يشهد جميع المزارعين ذلك وكانت الفصول أكثر وضوحا من قبل ويلاحظ تحول حقيقي بين الفصول في التقويم، قبل عشر سنوات كان الموسم الفلاحي ينطلق في منتصف شهر شتنبر ثم تأجل حتى منتصف أكتوبر ثم نونبر هذه السنة حيث يواجه المغرب أكثر فأكثر العجز المائي الناجم عن الجفاف الهيكلي لذلك من الضروري العمل على التكيف وهذا ينطوي على مراجعة فترتي البذر للاقتراب من أول حدث حقيقي لهطول الأمطار
حصيلة مناخية ثقيلة لعام 2021
أكدت المديرية العامة للأرصاد الجوية بالمغرب أنه تم تسجيل أرقام قياسية جديدة لدرجات الحرارة العظمى في عدة مدن بالمملكة خلال عام 2021، حيث كانت درجات الحرارة أعلى من المعدل الشهري بنسبة 5 إلى 12 درجة خاصة يومي الجمعة 13 غشت والسبت 14 غشت 2021 اللذين كانا أكثر الأيام حرارة خلال هذا الشهر وبذلك تم تسجيل رقم قياسي سنوي مطلق قدره 46.7 درجة مئوية يوم الجمعة 13/08/2021 في فاس مقابل 46.4 درجة مئوية في 10/07/2021، بالإضافة إلى ذلك أثرت السجلات الشهرية لشهر غشت على عدة مدن مغربية تارودانت: 49.3 درجة مئوية مسجلة يوم الأحد 15/8/2021، أكادير المسيرة: 49.1 درجة مئوية يوم الإثنين 16/08/2021 ومراكش: 48.6 درجة مئوية يوم الجمعة 13/08/2021 وجدة: 46.7 درجة مئوية يوم الجمعة 13/08/2021 وكلميم: 47.6 درجة مئوية يوم الأحد 15/8/2021 ومكناس: 46.5 درجة مئوية يوم السبت 14/8/2021 وتازة: 46.1 درجة مئوية يوم الجمعة 13/08/2021 ثم 46.2 درجة مئوية يوم السبت 14/08/2021 وخريبكة: 45.3 درجة مئوية يوم الجمعة 13/08/2021 ثم 45.5 درجة مئوية يوم السبت 14/08/2021 وتطوان: 42.2 درجة مئوية يوم الإثنين 16/8/2021

المغرب والالتزام متعدد الأبعاد
أكد الملك محمد السادس في خطابه أمام المشاركين في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ التي انعقدت في الفترة من 1 إلى 13 نونبر في غلاسكو، التزام المغرب بقضايا المناخ. وأكد جلالة الملك أن المملكة قد رفعت عتبة مساهمتها المحددة وطنيا وهو ما يعادل خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 45.5٪ بحلول عام 2030، هذا التصميم هو جزء من استراتيجية متكاملة لتطوير منخفض الكربون بحلول عام 2050 بهدف الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر الذي يتماشى مع أهداف الاستدامة وتعزيز المرونة والتكيف وحماية البيئة، والتي يستند إليها نموذج التنمية الجديد للمملكة.
حيث من بين 151 دولة التي قدمت المساهمات المحددة وطنيا بما في ذلك المغرب الذي يضمن أن الهدف الجديد المتمثل في خفض 45.5٪ من انبعاثاته بحلول عام 2030 غير مشروط وسيتم تحقيقه بنسبة 18.3٪ دون دعم من التعاون الدولي، بالإضافة إلى ذلك ، جعل تقرير النموذج التنموي العدالة المناخية والاقتصاد الأخضر في صلب أولويات المملكة المغربية، حيث حتى الآن يتم توليد 37 ٪ من الطاقة الكهربائية في المغرب من الطاقات المتجددة وهناك 50 مشروعا للطاقة المتجددة بقدرة مركبة تبلغ 3950 ميجاوات قيد الإنشاء، وتنتج المملكة بالفعل أكثر من 4000 ميجاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية ويمكن أن تتجاوز حصة الطاقات المتجددة 60٪ بحلول عام 2030 ويعتزم المغرب البحث في قطاعات الهيدروجين وكفاءة الطاقة في المباني والتنقل الكهربائي من بين أمور أخرى من أجل تسريع انتقال الطاقة يتم اتخاذ العديد من التدابير لتطوير طاقة الكتلة الحيوية والطاقات البحرية والهيدروجين.

المغرب أفضل نموذج عربي وإفريقي في مواجهة تحديات تغير المناخ
تجدر الاشارة الى أنه تم تصنيف المغرب كأفضل بلد عربي وإفريقي وأورو متوسطي والرابع في العالم من قبل الشبكة الدولية للعمل المناخي ومعهد المناخ الجديد في مؤشر الأداء المناخي لعام 2021، وتخضع السياسة المائية المغربية مع البنية التحتية لتجميع مياه الأمطار للاستهلاك والري والسدود للتدقيق من قبل بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وتقدم سبلا مهمة لتبادل الخبرات في إطار التعاون بين بلدان الجنوب، ويعد المغرب أيضا بلدا رائدا في مجال الطاقة الشمسية من خلال محطة نور ورزازات بقدرة 580 ميجاوات التي تم إطلاقها في عام 2009، وهي واحدة من أكبر محطات الطاقة في العالم، إنه يوفر الكهرباء لأكثر من مليون أسرة ويقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يتم ضخها في الهواء بمقدار مليون طن سنويا
وأخيرا يبقى المغرب بالفعل واحد من 30 دولة هي في أمس الحاجة إلى الماء على هذا الكوكب وفقا لمعهد الموارد العالمية حيث تزداد فترات الجفاف طولا وأكثر حدة كما أن مناسيب المياه الجوفية تجف، لقد اتخذ تغير المناخ أبعادا دراماتيكية في المغرب لدرجة أن الهجرة القروية تسارعت لكن يبقى أن الهجرة المناخية ليست هي الحل خاصة وأن المدن المغربية مهددة أيضا بارتفاع منسوب مياه البحر بحلول عام 2050 حيث من المرجح أن يجبر تغير المناخ الملايين من الناس على الهجرة الداخلية داخل المملكة من أجل غد أفضل من أجل تحقيق الأمن والامان والسلم والسلام وتوفير الأمن المائي والأمن الغذائي.

مركز الكفاءات لتغير المناخ بالمغرب يطلق منصة المبادرات المناخية
على مدى السنوات العشرين الماضية أصبح المجتمع الدولي على دراية بتأثير تغير المناخ على البيئة وكذلك على الأنشطة الإنتاجية والسكان،ولقد لقد تولى المغرب وهو بلد به انبعاثات منخفضة من غازات الاحتباس الحراري ولكنه شديد التأثر بتأثيرات تغير المناخ مسؤولياته في وقت مبكر جدا من خلال رسم الخطوط العريضة لرؤيته بشكل تدريجي مع الامتثال للتدابير المتخذة على المستوى الدولي، حيث تزينت الرؤية الوطنية لتغير المناخ في سياستها المناخية مؤخرا بالطموح الكبير المتمثل في الرفع من المساهمات المحددة وطنيا مما يعكس إرادة الدولة القوية في تعزيز جهودها في مكافحة آثار تغير المناخ في إطار رؤية عالمية للتنمية المستدامة، وضمان تحقيق التنمية المستدامة، والانتقال إلى تنمية منخفضة الكربون قادرة على الصمود أمام الآثار السلبية لتغير المناخ، ومن هذا المنطلق ، تم تنفيذ العديد من البرامج أو المشاريع أو المبادرات في مجال التكيف أو التخفيف من غازات الدفيئة من قبل جميع الفاعلين في المجتمع المغربي، وتستحق هذه المبادرات، التي يدعمها التعاون الدولي في معظمها أن تعرف وتقدر وتوسع نطاقها.
وتذكر السيدة المديرة رجاء شافيل أن: ”هذه المنصة التي تم إنشاؤها بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إطار برنامج التعزيز التشغيلي لـمركز الكفاءات لتغير المناخ بالمغرب إلى تسليط الضوء على جميع المبادرات لمكافحة تغير المناخ من أجل تبني أنماط حياة جديدة وتغيير العادات وتحويل اقتصادنا” وتضيف: “إنها تمثل دعوة لتعبئة مختلف الفاعلين ولاسيما المجتمع المدني من أجل تبادل الخبرات فيما يتعلق بمكافحة تغير المناخ وبالتالي تساعد هذه المنصة في إلهام أي قائد مشروع يشارك في الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ من أجل الإعلان عن التجارب الناجحة والترويج لها وتسهيل تكرارها من قبل الجهات الفاعلة الأخرى”
وتسلط مبادرات هذه المنصة الضوء على السكان المستهدفين وكذلك الأهداف التي يجب تحقيقها من أجل مستقبل أفضل يحترم أسس التنمية المستدامة، أخيراً تبقى “منصة مبادرة المناخ” مركز ا للمعلومات لجمع جميع المبادرات على المستوى الأفريقي من خلال إتاحة إمكانية اقتراح مبادرات عبر الإنترنت عبر الرابط “اقتراح مبادرة”.

تغير المناخ في إفريقيا
لقد تغير مناخ الأرض دائما ولكن نظرا للأنشطة البشرية فإنه يتغير الآن بشكل أسرع مما كان عليه منذ آلاف السنين، هذا ما يشير إليه العلماء وصناع القرار عندما يتحدثون عن تغير المناخ اليوم، هذا التغير المناخي هنا، ولفترة طويلة قادمة، سيؤثر ذلك على حياتنا كلها وفي كل مجال من مجالات المجتمع تقريبا من صحتنا وغذائنا إلى قطاع الأعمال والاقتصادات الوطنية، ويهدد تغير المناخ بعكس اتجاه الكثير من التقدم الإنمائي الذي حققته البلدان الأفريقية، إنه يهدد الأمن الغذائي والمائي، والاستقرار السياسي والاقتصادي، وسبل العيش والمناظر الطبيعية، لكنه يوفر أيضا فرصا للسياسيين وقادة الأعمال والناس للعمل لصالح الجميع، يمكن أن يوفر الفرصة لإنشاء نماذج وابتكارات أعمال جديدة، ونهج جديدة للتنمية المستدامة، وطرق جديدة لتسخير معرفة الماضي، في المنزل وفي بقية العالم، لكن في الوقت الحالي تواجه إفريقيا رياحا معاكسة بسبب عدم المساواة التي تهيمن على ملف تغير المناخ فإفريقيا هي القارة التي تساهم بأقل قدر في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية هي الأكثر تضررا من الآثار السلبية لتغير المناخ والعواقب على أراضيها تشكل تهديدا ملموسا لسلامها وأمنها وتنميتها المستدامة.

ريادة المملكة المغربية مناخيا
بالاعتماد على تجربتها كدولة نموذجية في مكافحة تغير المناخ أبدت المملكة المغربية دائما رغبتها في مشاركة هذه المعرفة وتطويرها في إفريقيا، وهي قارة يتنافس فيها ترسيخها الجغرافي مع ارتباطها التاريخي والتقاليد من الشراكة، فقد سلط مؤتمر الأطراف الثاني والعشرون بالفعل الضوء على ضعف القارة وأرسل إشارة قوية لصالح التكيف والعلاقة الضعيفة بتمويل المناخ من خلال العديد من الإجراءات الملموسة: زيادة حصة تمويل التكيف من 12.5٪ إلى 24٪ بحلول عام 2020، قرار بالسماح لصندوق التكيف بالاستفادة من الموارد المعبأة بموجب اتفاق باريس واقتراح تنفيذ آليات الحكامة وطريقة العمل، حيث حشدت بالفعل أكثر من 80 مليون دولار لصندوق التكيف المخصص للمشاريع المتعلقة بالمياه والزراعة والصحة، والتزام المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية الإقليمية بزيادة التمويل للمناخ والتكيف (بين 25٪ و 30٪) حيث تم إطلاق العديد من المبادرات من قبل المغرب لمخاطبة القارة الأفريقية بمناسبة مؤتمر COP22 فيما يتعلق بالعديد من موضوعات أجندة العمل ، مثل “الماء لإفريقيا أو “شراكة مراكش العالمية للطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة”، حيث في كل قمة مناخ تنعقد يتم التأكيد مرة أخرى على إمكانات التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي في مكافحة تغير المناخ عدة مرات ويتم التركيز بشكل عام على الجوانب التالية: زيادة الطموح المناخي ، وتعزيز بناء القدرات وتطوير نقل التكنولوجيا ، وتعزيز المؤسسات.
إن التزام المملكة المغربية تجاه تغير المناخ ولصالح إفريقيا مدعوم أيضا بسياسة رفيعة المستوى كما يتضح من انعقاد قمة العمل الإفريقية الأولى لصالح التعاون القاري والتي تم تنظيمها بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس على هامش COP22 بمراكش حيث تم الإعلان عن إنشاء ثلاث لجان مناخية مخصصة لقيادة السياسة القارية للتنمية المستدامة:

لجنة المناخ في حوض الكونغو
الأداة المالية الرئيسية للجنة المناخ لحوض الكونغو هي الصندوق الأزرق لحوض الكونغو الذي يهدف إلى جمع الموارد المخصصة لتمويل البرامج والمشاريع في مجالات الاقتصاد الأزرق والاقتصاد الأخضر ومكافحة تغير المناخ بما في ذلك مكافحة الفقر، والمملكة ملتزمة اليوم بدعم تنفيذ الصندوق الأزرق لحوض الكونغو من خلال مركز الكفاءات لتغير المناخ بالمغرب وفقا للقرارات المتخذة في مؤتمر برازافيل في أكتوبر 2017 من قبل وزراء البيئة والاقتصاد في المغرب والمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا وجماعة شرق أفريقيا، فقد كان الهدف من قمة برازافيل هو تقييم أنشطة لجنة المناخ لحوض الكونغو وحشد المانحين الدوليين لتفعيل الصندوق الأزرق للسماح لرؤساء الدول بالحصول على الأدوات اللازمة لتلبية توقعات القطاع الخاص والسكان والشركاء التقنيين والماليين في الحفاظ على المنطقة. في 4 أبريل 2019 انعقد اجتماع إطلاق الدراسة التنبؤية للصندوق الأزرق أيضا في برازافيل بحضور شركاء تقنيين وماليين بما في ذلك مركز الكفاءات لتغير المناخ المغرب

لجنة المناخ لمنطقة الساحل
لجنة المناخ في منطقة الساحل هي واحدة من لجان المناخ الثلاث التي تم إنشاؤها في أعقاب “إعلان رؤساء الدول الأفريقية” خلال “قمة العمل الأفريقي لصالح التعاون القاري” الذي تم تنظيمه بمبادرة من جلالة الملك المغرب على هامش الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف، ومن خلال هذا الإعلان، أكد القادة الأفارقة رغبتهم في العمل بشكل جماعي ومتضامن من أجل إفريقيا قادرة على التكيف مع تغير المناخ والتي تحدد مصيرها، من خلال نهج مبتكرة، القرار الذي تم اتخاذه في الدورة العادية الثامنة والعشرين لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي ، المنعقد في 30 و 31 يناير 2017 أحاط علما بإنشاء ثلاث لجان ، بما في ذلك منطقة الساحل رئاسة جمهورية النيجر، وكجزء من تفعيل لجنة المناخ لحوض الساحل، تم تطوير خطة استثمار مناخي لمنطقة الساحل تضمنت المحاور الستة: استعادة وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، تحسين كفاءة الطاقة والحصول على الطاقة النظيفة، الإدارة المتكاملة لموارد المياه، تطوير الاتصال والدعوة، الإدارة المستدامة للنظم الزراعية والرعوية وبناء القدرات ويبقى الهدف الرئيسي من البرنامج ذي الأولوية لتحفيز الاستثمارات المناخية في منطقة الساحل (2020-2025) هو تحفيز الاستثمارات اللازمة لتحسين مرونة سكان منطقة الساحل بشكل كبير في مواجهة تغير المناخ في سياق تنفيذ المساهمات. المناخ المحدد، وخلال المؤتمر الأول للجنة المناخ لمنطقة الساحل، يوم الاثنين 25 فبراير 2019 في نيامي أكد جلالة الملك محمد السادس على أهمية إطلاق خطة الاستثمار المناخي لمنطقة الساحل وبرنامجها الإقليمي ذي الأولوية الذي سيكمل مشاريع “جارية بالفعل” وأعلن التزام المغرب بتولي مسؤولية دراسات الجدوى لاستكمال هذه الخطة، وبذلك ستكون اللجنة قادرة على الاعتماد على مركز الكفاءات لتغير المناخ المغرب لاسيما فيما يتعلق ببناء قدرات أعضائه.
لجنة المناخ في الدول الجزرية الصغيرة
تتكون الدول الجزرية الصغيرة في إفريقيا من كابو فيردي وجزر القمر وغينيا بيساو وموريشيوس وساو تومي وبرينسيبي وسيشيل، يشير تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ على وجه اليقين إلى أنه من بين عوامل الخطر الحالية والمستقبلية المتعلقة بالمناخ للدول الجزرية الصغيرة في القرن الحادي والعشرين، ارتفاع مستوى سطح البحر والأعاصير المدارية وخارج المدارية وارتفاع درجات حرارة سطح البحر والجو ، وكذلك التباين في أنماط هطول الأمطار مع ارتفاع مستوى سطح البحر باعتباره التهديد الأكثر شهرة في جميع أنحاء المناطق الساحلية المنخفضة للجزر والجزر المرجانية.
وتهدف لجنة المناخ للدول الجزرية الصغيرة، برئاسة جمهورية سيشيل إلى تنفيذ اتفاقية باريس، إعلان مراكش، أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 وخطة أفريقيا لعام 2063، وتنسيق ورصد الإجراءات والمبادرات التي تسهم في مكافحة تغير المناخ والتنمية الاقتصادية للبلدان الأعضاء في الدول الجزرية الصغيرة الأفريقية، من خلال وضع خطط استثمارية بهدف المساهمة في مكافحة الآثار السلبية للمناخ يتغير.
في الاخير تجدر الاشارة الى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المغرب كان قد أطلق حملة رقمية وإعلامية تسلط الضوء على المبادرات الملهمة التي يقودها قادة مغاربة شباب في مجال المناخ والاقتصاد الأخضر حيث تم كشف النقاب عنها بمناسبة المائدة المستديرة التي نظمتها برنامج الأمم المتحدة الانمائي بالمغرب خلال الشهر الماضي بالرباط تحت شعار “بعد قمة غلاسكو ، أي طريق للمغرب وشبابه نحو التحول البيئي”، هذه الحملة هي جزء من برنامج عمل اشتغلات عليه سفارات المملكة المتحدة وإيطاليا والمجلس الثقافي البريطاني لدعم النشطاء المغاربة والشباب العاملين في قضايا المناخ والاقتصاد الأخضر.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

لماذا مات الكثيرون في إسبانيا؟ لأن أوروبا لم تتقبل بعد حقائق الطقس المتطرف

من المؤسف أن الفيضانات الشديدة أمر لا مفر منه. ولكن ما ليس حتميًا هو مدى …