الطريق إلى الحياد الكربوني .. ثورة في استثمارات الطاقة

17 مليار دولار استثمارات إماراتية بالطاقة النظيفة في 6 قارات
أحدثت السياسات والقوانين والتشريعات الدولية المتعلقة بتغير المناخ ثورة حقيقية في الاستثمارات بقطاع الطاقة المتجددة، وفتحت السياسات والمبادرات العالمية المعنية بتحقيق الاستدامة البيئية ومواجهة تحديات التغير المناخي آفاقاً واسعة للاستثمار في قطاعات نوعية تتعلق بالطاقة النظيفة والمتجددة، بهدف حشد الطاقات من أجل الارتقاء بجهود حماية الأرض من تداعيات التغير المناخي والتكيف مع تأثيراته المحتملة على النظم البيئية والقطاعات الاقتصادية كافة.
وأكد عدد من المسؤولين والخبراء في قطاع الطاقة أن الإمارات رائدة في خلق بيئة استثمارية في قطاع الطاقة المتجددة، وأشاروا إلى أن إسهامات الإمارات في مجال الطاقة تتجاوز النطاق الجغرافي للدولة، حيث استثمرت أكثر من 17 مليار دولار في مشاريع الطاقة النظيفة في 6 قارات، وأضافوا أن التصدي لظاهرة التغير المناخي أولوية رئيسية في دولة الإمارات لتحقيق التنمية المستدامة.

بيئة استثمارية
ويرى حسين المير المدير العام لشركة مصدر في المملكة المتحدة، أن الإمارات رائدة في خلق بيئة استثمارية في قطاع الطاقة المتجددة عن طريق مبادرات متنوعة وعديدة منذ 2006، مشيراً إلى أن مبادرة «مصدر» تعتبر من أهم المبادرات العالمية التي لها تأثير مباشر وغير مباشر على الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة.
وأوضح أن مبادرة «مصدر» ركزت على شقين أساسيين، الأول إنشاء شركة «مصدر» لتطوير استخدامات تكنولوجيا الطاقة المتجددة حول العالم والمساهمة في دعم تطلعات الدول في الوصول إلى اقتصاد منخفض الكربون، والثاني معهد مصدر للتكنولوجيا والعلوم والذي تم دمجه مع المعهد البترولي وجامعة خليفة، والذي يهدف لتطوير وتأهيل كفاءات من أجيال المستقبل لقيادة قطاع الطاقة المتجددة، وأضاف أن الجامعات رافد مهم لهذا القطاع في الإمارات لتأهيل كوادر والمساهمة في تطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة واستخداماتها وكذلك كيفية تعامل شبكة النقل والتوزيع مع دخول تكنولوجيا الطاقة المتجددة.
وأوضح أنه بفضل دعم القيادة الرشيدة للاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، يعتبر مشروع 10 ميجاوات في مدينة «مصدر»، ومشروع «شمس 1» من أهم المشاريع التجارية الأولى التي وضعت الإمارات ضمن خارطة الدول في الطاقة المتجددة، وكشف عن أن الإمارات استثمرت في قطاع الطاقة المتجددة حوالي 20 مليار دولار عن طريق محفظة شركة «مصدر» وطاقة إنتاجية بـ 14 جيجاوات في دول عدة، حيث أسهمت «مصدر» في العديد من المشاريع الابتكارية منها استخدام السيارات الكهربائية وحالياً تعمل على الاستثمار في الهيدروجين الأخضر.
وأضاف أن الإمارات رائدة في إنشاء بيئة الأعمال، حيث وضعت حكومة الإمارات خطة الدولة 2050 في الطاقة المتجددة وكذلك عملت دائرة الطاقة في أبوظبي وهيئة مياه وكهرباء دبي على وضع خطط واستراتيجيات لمواكبة رؤية 2050 مع الخطة الاقتصادية لتحفيز الأعمال والابتكار وجذب الاستثمارات الخارجية.

إسهامات
وأكدت المهندسة نوال الهنائي، مدير إدارة طاقة المستقبل في وزارة الطاقة، أن إسهامات الإمارات في مجال الطاقة تتجاوز النطاق الجغرافي للدولة، حيث استثمرت أكثر من 17 مليار دولار في مشاريع الطاقة النظيفة في 6 قارات، من ضمنها مشاريع في 27 دولة جزرية مهددة مناخياً، كما وظفت استثمارات مهمة في عدد من المشاريع الكبرى لطاقة الرياح في المملكة المتحدة، بما فيها محطتا «دادجن» و«مصفوفة» لندن، مما يجعل المملكة المتحدة السوق الرائدة عالمياً لطاقة الرياح البحرية.
وأضافت أن حصة الطاقة النظيفة في الإمارات مع نهاية 2021 قد تصل إلى نحو 6000 ميجاوات، حيث تشمل الطاقة المتجددة والطاقة النووية. وأوضحت أن الإمارات سباقة في اعتماد أحدث الممارسات والتكنولوجيا المستدامة من حيث مشاريع الطاقة النظيفة العملاقة وتحويل النفايات إلى طاقة، ومشاريع التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون لتكون أول دولة في المنطقة تطبق تقنية التقاط وتخزين واستخدام الكربون على نطاق صناعي، وأول دولة تضيف الطاقة النووية إلى شبكتها الكهربائية، كما تحتضن اليوم 3 من أكبر محطات الطاقة الشمسية وأكثرها كفاءة من حيث التكلفة في العالم.
وقالت: طوت الإمارات 50 عاماً مكللة بإنجازات نوعية وطموحة في مجالات الطاقة، لا سيما النظيفة منها، ونحن اليوم حريصون على الاستعداد جيداً للخمسين عاماً المقبلة، والتعاون والعمل المشترك مع مختلف دولة العالم لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، وأوضحت أن الإمارات لها دور فاعل ومؤثر عالمياً في قضية التغير المناخي، فقد توجت جهودها ومسيرتها في العمل من أجل المناخ بانضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في 1995، ومصادقتها كأول دولة في المنطقة على اتفاقية باريس عام 2016.

التغير المناخي
وأشارت نوال الهنائي إلى أن موضوع التصدي لظاهرة التغير المناخي أولوية رئيسية في الإمارات لتحقيق التنمية المستدامة ونتطلع للاستفادة من التكنولوجيا النظيفة لتحقيق التنمية المستدامة وتطوير خبرات رأس المال البشري، واستقطاب الكفاءات المتميزة لدعم مستهدفات الدولة في مجال الطاقة النظيفة المستدامة، وضمان مستقبل أفضل للبشرية.
وأكدت أن الإمارات تتخذ نهجاً شاملاً للعمل المناخي، من خلال إعداد استراتيجيات وتشريعات طويلة المدى لخفض الانبعاثات الكربونية، وخلق مزيج متنوع من مصادر الطاقة وتحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والحد من تداعيات تغير المناخ، وأضافت أن الإمارات تستثمر في المستقبل من خلال نظرة واقعية، وتدرك أن العالم سيبقى بحاجة إلى النفط والغاز لعقود قادمة حتى في ظل أسرع سيناريوهات التحول في قطاع الطاقة، وبالتالي من الضروري أن يتم تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن النفط والغاز إلى أدنى حد ممكن. وبفضل التقنيات وابتكارات التصميم، فإن قطاع إنتاج الوقود الهيدروكربوني في الإمارات يسجل إحدى أقل نسب انبعاثات الكربون في العالم، ونعمل حالياً على تطوير الاستراتيجية الوطنية للطاقة لمواءمة التطورات الحاصلة في القطاع على المستويين المحلي والعالمي، كما نعمل بشكل دؤوب على رفع كفاءة عمليات إنتاج البترول والغاز والبتروكيماويات وتقليل البصمة الكربونية، بالاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتقنيات المستدامة مثل التقاط الكربون واستغلاله في تعزيز إنتاج البترول.

مشاريع تخطيطية
ويرى المهندس ضاعن المهيري، مدير مكتب العلاقات الدولية وزارة الطاقة والبنية التحتية، أن الإمارات سبقت العديد من الدول الكبرى في الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، وأوضح أن وزارة الطاقة والبنية التحتية لديها مشاريع تخطيطية، حيث تعمل كذراع تنفيذية لرؤية القيادة الرشيدة في تطوير استراتيجية الدولة للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة.
وأضاف أن الإمارات تعتبر بيئة حاضنة للشركات المتخصصة في هذا المجال ومنصة لجذب الشركات الدولية الناشئة في قطاع الطاقة المتجددة، وقال: نحن في وزارة الطاقة والبنية التحتية نعمل على تسهيل مهام الشركات وكذلك نعمل على مساعدة الشركات الإماراتية التي تستثمر خارج الدولة بحيث تكون مظلة للشركات الإماراتية في الخارج.
وأضاف أن عمليات تطوير الشركات الإماراتية مستمرة بهدف إحداث طفرة هائلة في الاستثمار في هذا القطاع ليس فقط داخل الدولة ولكن تطوير الاستثمارات الإماراتية خارج الدولة، وأكد أن الشركات الإماراتية تقوم بتنفيذ مشروعات بنية تحتية في قطاع الطاقة المتجددة في جميع قارات العالم وتقوم بتطوير تقنيات حديثة في هذا القطاع ونحن نقوم بدورنا في دعم الشركات الإماراتية بالخارج.

دول صديقة
وقال: نعمل مع العديد من الدول الصديقة التي تجمعنا معها شراكات استراتيجية في هذا القطاع، مشيراً إلى أن الإمارات لديها شراكة متميزة مع ألمانيا واليابان وكوريا والعديد من الدول والهدف من الشراكات، ليس فقط الاستثمار، ولكن البحث عن حلول جديدة في القطاع.
وأضاف أنه من خلال العلاقات الدولية المتميزة للدولة اطلعنا على أحدث التشريعات في هذا القطاع بالخارج ونقوم كذلك بتطويرها واعتمادها في الإمارات بما يتواكب مع أحدث القوانين الدولية للمساهمة في تعزيز الاستثمارات، مشيراً إلى أهمية دور وزارة الطاقة والبنية التحتية في الترويج للمشروعات والقوانين الخاصة بقطاع الطاقة المتجددة.
وأوضح أن الإمارات تصدرت في الاستثمار الداخلي وكذلك في الاستثمار الخارجي، وتتصدر الدولة في جذب الشركات الناشئة في هذا القطاع بالإضافة إلى أننا نتصدر في التطبيقات والبنية التحتية وكذلك في التشريعات والقوانين، وكذلك في العمليات البحثية من خلال جامعاتنا ومراكزنا البحثية التي انطلقت في قطاع الطاقة المتجددة والبنية التحتية.

رؤية سليمة
وأكد الخبير الاقتصادي أحمد الدرمكي، أن الرؤية السليمة التي تبنتها الدولة لمشاريع الطاقة المتجددة جعلت منها مركزاً إقليمياً دولياً مهماً في مجال الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة وتضمن لها مقعداً في صفوف الدول الأولى في هذا المجال في المستقبل. وأشار إلى أن الاستثمار في هذا القطاع يحقق أهداف بناء مجتمع المعرفة وتطوير الكوادر البشرية وخلق شبكة من المؤسسات المعتمدة على التقنيات الحديثة والمهارات الفائقة لتوليد الثروات من خلال إنجازات العقل البشري مما يسهم في تأهيل مجتمع قادر على مواجهة المتغيرات والتحديات والقفز بالدولة إلى حقبة جديدة من الإنجازات.
وقال الدرمكي: يحظى الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة بأولوية قصوى، إذ يمثل فرصة واعدة لجعل الدولة مركزاً للإبداع البحثي وتصدير التطبيقات التقنية المتطورة إلى العالم مع الاستجابة للاتجاه العالمي المتنامي نحو الحفاظ على نظافة البيئة والتقليل من حجم ما تتعرض له من تلوث.
وأشار إلى أن قطاع الطاقة المتجددة من القطاعات الحيوية في الإمارات، حيث يسهم الإسراع في إصدار القوانين والتشريعات المتعلقة باستراتيجية الطاقة وتوحيد الجهود الحكومية في تسهيل إجراءات إصدار الرخص الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية للدولة.
المصدر، البيان، أبوظبي، صبري صقر، التاريخ: 13 فبراير 2022

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

جوجل تستغل قوة الذكاء الاصطناعي لخفض استخدام الطاقة

بقلم، سام شيد، مراسل التكنولوجيا ، بيزنس إنسايدر تم نشر هذه المقالة بالتعاون مع سيتيAM …