ندوة فكرية نظمتها جمعية حركة الطفولة الشعبية فرع وزان وبشراكة مع جمعية التميز الدولية لمهن التجارة والتسيير
شبكة بيئة ابوظبي، وزان، المملكة المغربية، 08 ابريل 2022
إحتضنت دار الشباب المسيرة بوزان يومه الأربعاء 06 أبريل 2022 لقاء تواصلي حول موضوع ” أهم التحديات المستقبلية، تحدي تكنولوجيات القطيعة ” من تنظيم جمعية حركة الطفولة الشعبية فرع وزان و بشراكة مع جمعية التميز الدولية لمهن التجارة والتسيير. والذي قام بتأطير محاورها الأستاذ أمين سامي الخبير في التخطيط الاستراتيجي ، حيث عرفت الجلسة نقاش حول أهم الثورات الحضارية التي عرفتها البشرية بدءا من الثورة الزراعية وصولا الى الثورة الصناعية الرابعة والمبنية على دمج ماهو حسي بما هورقمي والاعتماد بالأساس على المعرفة بشكل كبير حيث لم يكن أحد يتوقع لهذه التكنولوجيات أن تتطور بهذا الشكل وتتحول الى تنين يُسيطر على كل المجالات والذي زاد من تطورها وسرعتها التطور السريع للأنترنت و التقدم التكنولوجي هم أحد الأسباب الرئيسية التي سرعت بظهور الثورة الصناعية الرابعة.
كما تطرق المحاور إلى تأثيرات الثورة الصناعية الرابعة على المجتمع بشكل عام و على الأسرة والمدرسة والسوق والمهن بشكل خاص.
حيث على مستوى الأسرة ، تتجه الأسرة اليوم في ظل التغييرات الجذرية إلى التقليص بشكل جذري والخروج عن نمط الأسرة التقليدية النووية بعددها المقلص من 3إلى 4 أفراد كحد أقصى إلى مفهوم جديد للأسرة وهي (الأسرة الأحادي)، حيث أصبحنا نتكلم عن الأسرة الأحادية بشكل كبير وتقلص دور الأب بشكل أكبر وأصبحت الأسرة أميسية وهذا بسبب خروج المرأة للعمل، وسيزداد هذا التحول بشكل أكبر وبالتالي سيتقلص دور المرأة تجاه الأسرة وسترتفع حالات الطلاق وسنتجه إلى أن مؤسسة الزواج لن تبقى لها أي أهمية وخاصة أننا نشاهد اليوم على مستوى العالم ظهور ظاهرة العيش المزدوج بين الرجل والمرأة في مكان موحد بدون وثيقة رسمية وأصبحت هناك زيجات زواج شاذة لا يمكن تصورها وأصبحت لها حقوق تطالب بها وتدعو إلى إعادة النظر في مفهوم الأسرة بشكل عام وتطالب الحكومات بإعادة النظر في التشريعات المرتبطة بالأسرة، كما أصبحنا نتكلم عن الأمهات العازبات و الآباء العزاب وغير ذلك كثير وللأسف بدأت هذه النوعية من الثقافة تنتشر في واقعنا العربي للأسف وهناك حالات كثيرة من هذا النوع على المستوى العربي مخبأة ولكن هذا النوع من الثقافة أصبح منتشرا لدى الشباب في الوطن العربي وهذا مرده الغزو الثقافي الذي تمارسه الالة الاعلامية الأوروبية والرأسمالية العالمية المتوحشة من أجل تدمير الشعوب وتدمير أهم مكون من مكونات التوازن الإنساني وهو الأسرة.
أما على مستوى المدرسة فقد أبرز الخبير في التخطيط الإستراتيجي بوادر التحول التي بدأت تظهر بشكل جلي خاصة مع أزمة كورونا فيروس والتي أبانت عن محدودية التعليم الحضوري كما كشفت عن أزمة عميقة في النظام التعليمي بالنسبة للدول الضعيفة والنامية والتي أظهرت ضعف التعليم وهشاشته وعدم انتاجيته وبالتالي عدم مواكبته للمستجدات والتطورات التكنولوجية.
كما أظهر المحاور أن جائحة كورونا فيروس أبانت عن أهمية خاصة وبالغة لثلاث قطاعات حيوية تعتبر هي الركيزة الأساسية لبناء الدولة وتتجلى هذه الأخيرة في :
١. القطاع التعليمي
٢. القطاع الصحي
٣. قطاع البحث العلمي
إن المستقبل الجديد كما أوضح الخبير هو للتعلم عن بعد، والتعلم الذاتي الفعال و التعلم الالكتروني ويتضح هذا جليا من خلال المنصات العالمية الرقمية التي أصبحت تدرس ملايين الطلاب من مختلف التخصصات العلمية ومن مختلف البلدان المتقدمة وحتى النامية فالتوجه العالمي اليوم يسعى لتوفير التعليم دون تحمل تكاليف السفر من أجل الدراسة، فقط وانت في بيتك أو منزلك ممكن أن تدرس في أرقى الجامعات وبأفضل اللغات وأحسن الأساليب والط ق التعليمية وبأفضل المدرسين من حيث الجودة وتحصل في الأخير على أفضل الشهادات العالمية ويتيح لك النظام التعليمي العالمي الجديد التعلم والتدريب في نفس الوقت ويضمن لك أفضل مراكز التدريب لتطوير مهاراتك وكفاياتك بشكل جيد، إن قرار الرئيس ترامب اعتماد التوظيف على المهارات بدل الشهادات هو قرار الرأسمالية العالمية المتوحشة والتي أنهت زمن لعبة الشهادات ودخلت إلى لعبة جديدة وهي لعبة المهارات أو الكفايات compétences.
أما على مستوى السوق فقد أوضح الأستاذ أمين سامي الخبير في التخطيط الإستراتيجي أن هذا الأخير سيعرف تغييرات هيكيلية بشكل كبير حيث سينتقل من الاقتصاد الرقمي إلى إقتصاد دمج المعرفة مع الرقمي مما ولد ثورة على مستوى السوق العالمي. وبدأ هذا يظهر جليا في تكنولوجيا القطيعة حيث غزت جميع المجالات بما فيها التعليمي والطبي و الاقتصادي و… وأصبحنا نتكلم عن التعليم الرقمي والزراعة الرقمية والطب الرقمي والحكومة الرقمية وأصبح كل شيء ذكيا ومنها القيادة الذكية و المنزل الذكي والهاتف الذكي و … إن تكنولوجيات القطيعة ستقلب موازين القوى في العالم وقد بدأت بالفعل ذلك فأصبحنا نتكلم عن الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والتخزين السحابي والبلوكتشين وغيرها كثير … فالسوق الجديد هو سوق الرقمنة والمعرفة بامتياز سوق مليئ بالتحديات والمخاطر الجديدة وسوق الفرص المستقبلية الواعدة لمن يستشفها ويستشرفها عن بعد.
فالسوق في مفهومه الجديد حسب الخبير في التخطيط الاستراتيجي هو سوق يبحث عن الكفاءة المتميزة وليس الكفاءة فقط، سوق يعتمد على الاستشراف والتخطيط الاستراتيجي لمواجهة المخاطر بشكل كبير، سوق يؤمن بشكل كبير بإدارة التغيير كأحد الدعامات الأساسية لمواجهة التقلبات والأزمات العالمية مثل موجة كورونا فيروس، سوق يؤمن بالانفتاح الدولي بشكل كبير وأن الفرص المستقبلية هي فرص دولية وعالمية لمن يبحث عن التميز والريادة أما الفرص المحلية فأفقها محدود، سوق يؤمن بالفهم السريع لمتطلبات العميل من أجل التحكم فيه عن طريق منتجات الأزمنة الحديثة، سوق يؤمن بالسرعة لتحقيق أكبر المكاسب في أقل مدة معينة، … وبالتالي يطرح الأستاذ أمين سامي عدة تساؤلات أهمها : كيف ستواجه الاقتصادات المحلية للدول الضعيفة والنامية هذه السوق المتوحشة؟ وماهي الاستراتيجيات الذكية لركوب هذا التحدي والتحول الجذري الذي تعرفه سوق الغذ؟
وأخيرا أبرز الأستاذ المحاور أن على مستوى المهن ستعرف هذه الأخيرة تطورات كبيرة على مستوى السوق العالمية، والنموذج التنموي العالمي المتجه نحو الاقتصاد الرقمي والمعرفي والاقتصاد المستدام وظهور بوادر نهاية الطاقة الأحفورية واتجاه الدول الكبرى نحو الطاقات المتجددة والاستثمار فيها، … كل هذا يحيلنا على أن المهن المستقبلية لها ارتباط كبير جدا بشكل السوق، حيث ستظهر مهن لها ارتباط بقطاع الروبوتات وخاصة أن هذا المجال ينتعش بشكل سريع وسيغزو جميع المجالات بشكل قريب، كما سيزداد الطلب على مهن الاستشراف والتخطيط الاستراتيجي وإدارة التغيير لمواجهة المخاطر المستقبلية، كما سيزداد الطلب على مهن مرتبطة بتحليل البيانات الضخمة وتفسيرها، وبالمقابل ستعرف بعض المهن الموجودة حاليا تطورا ملحوظا خاصة في مجالات معينة مثل : الطبيب الرقمي، الأستاذ الرقمي، المهندس الرقمي و… وبالتالي ستصبح التكنولوجيا غدا قاطرة لهذه المهن بعدما كانت مجرد عربة وظيفية داخلها.
و قد حضر أطوار هذه الجلسة مجموعة من الفعاليات المدنية و النقابية و السياسية ، و المهتمين بمجال الرقمنة و التكنولوجيا الرقمية ، و مجموعة من الأساتذة و الطلبة الجامعيين ، وقد عرفت الندوة حوارا و نقاش متميز و هادف بين مختلف المتدخلين كل من موقعه حول راهنية الموضوع لما يكتسيه من أهمية في مجتمع اليوم.