من يعتلي عرش المناخ دولياً يوليو القادم

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم الدكتور سمير طنطاوي، استشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة 29 مايو 2022
بعد فترة قضتها في أعلي منصب دولي لمسئول أممي عن التغيرات المناخية، تتنحي الدبلوماسية المكسيكية الشهيرة باتريشيا اسبينوزا عن منصب الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية في يوليو القادم بعد فترة ست سنوات قضتها في منصبها كانت حافلة بالعديد من التحديات والصعاب وبعض الإنجازات. ومما لا شك فيه أنها كانت تتمني أن تحضر قمة مناخ شرم الشيخ القادمة كرئيس للعمل المناخي الدولي إلا أن ذلك لا يمنعها من الحضور والمشاركة كضيف شرف. وقد شغلت السيدة اسبينوزا منصب وزيرة خارجية المكسيك ورئيس مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية في دروته رقم (16) التي عقدت بمدينة كانكون بالمكسيك خلال الفترة من 29 نوفمبر حتى 10 ديسمبر 2010
ويدور منذ فترة في أروقة المقر الرئيسي للأمم المتحدة سؤال عمن هو – أو هي – الأجدر لقيادة العالم في ملف حيوي ومصيري كالتغيرات المناخية خلال المرحلة القادمة، وتظهر التحليلات الأولية أن الترشيحات من إفريقيا وآسيا هي الأقرب لخلافتها، وقد بدأت الإجراءات الرسمية بالفعل لتقدم الدول بأسماء مرشحيها لشغل هذا المنصب الأممي الدبلوماسي الرفيع وتستمر حتى 24 يونيو القادم، ويتوقع أن تكون المنافسة شرسة، إلا أن الخيارات قد تنحصر في بعض الأسماء اللامعة في مجال العمل الأممي والمناخي وستضمن المؤهلات اللازمة للمرشحين إظهار خبرة القيادة العليا والرؤية الاستراتيجية والفهم العميق لقضايا المناخ والتنمية، وتمثل الخبرة الأممية والوزارية ميزة إضافية للمرشح، ويقع مقر الوظيفة في بون بألمانيا حيث مقر أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية
وفي ضوء شغل هذا المنصب من خلال أمناء تنفيذيين من أوروبا وأمريكا اللاتينية والشمالية هناك توجه للدفع بالمرشحين من أفريقيا وآسيا، وكان كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أبرز المروجين للقيادة النسائية، ويبدو أن نائبته السيدة أمينة محمد – وزيرة البيئة النيجيرية السابقة – سيكون لها تأثير في عملية الاختيار
وينتظر الحاكم الجديد لمناخ العالم العديد من التحديات والعمل والتنسيق الدولي علي أعلي المستويات والبدء في بناء هيكل
جديد للمساءلة والانتقال من مرحلة الوعود والتعهدات إلى مرحلة التنفيذ ويتطلب ذلك من المرشح التمتع بقد ا رت متميزة في
التنسيق الدولي والتنفيذ
يأتي في مقدمة المرشحين السفير سامح شكري، وزير الخارجية المصري وأحد أبرز الدبلوماسيين دوليا والرئيس المعين للدورة رقم (27) لمؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخي الذي سيعقد بمدينة شرم الشيخ نوفمبر القادم، وقد شغل السفير شكري منصب وزير خارجية مصر منذ عام 2014 في فترة عصيبة اتسمت بتوتر الأوضاع الداخلية والخارجية واستطاع بحكمته وكياسته إدارة دفة العمل الدبلوماسي بشكل رائع والتنسيق مع مختلف القوي الدولية بشكل متوازن. التحق بالسلك الدبلوماسي في عام 1976 وشغل سابقا منصب سفير مصر في لندن وبيونس آيرس والولايات المتحدة من 2008 حتى 2012، وعمل مندوباً دائماً لمصر في جنيف من 2005 حتى 2008، ويمثل الرئيس في اجتماعات قمة الأمن النووي وهو حاصل على ليسانس في القانون
ومن المرشحين وزيرة البيئة الرواندية السيدة جان دارك موجواماريا والتي تتمتع بسجل دبلوماسي قوي وخبرة وزارية طويلة
يظهر اسمها كثيراً في دوائر المناخ خلفا لإسبينوزا، وقد شاركت في قيادة المناقشات الوزارية لمواءمة خطط المناخ للبلدان خلال فترة زمنية مشتركة، وفي الآونة الأخيرة اقترحت قراراً لمعاهدة منع التلوث بالبلاستيك في جمعية الأمم المتحدة للبيئة.
وقد درست الكيمياء الفيزيائية في روسيا وحصلت على درجة الدكتوراه من المعهد الهندي للتكنولوجيا، وقبل تعيينها في وزارة البيئة في نوفمبر 2019 عملت كسفيرة لرواندا في روسيا ووزيرة للتعليم ومن ثم وزيرة الشؤون الاجتماعية وتتقن اللغة الإنجليزية
والفرنسية والروسية
وتأتي الوزيرة الجنوب أفريقية مايتي نكوانا ماشاباني – الوزيرة السابقة للمرأة والشباب وذوي الإعاقة في جنوب إفريقيا مناصرة قوية لسياسة المناخ المراعية للمنظور الاجتماعي، وقد شغلت منصب وزيرة لمدة 13 عامًا وعملت في ملف العلاقات الدولية والتعاون لمدة تسع سنوات، وخلال تلك الفترة أصبحت جنوب إفريقيا عضوًا في مجموعة الاقتصادات الناشئة المعروفة باسم بريكس (مع البرازيل وروسيا والهند والصين). كما ترأست مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية في دورته رقم (17) بمدينة ديربان بجنوب أفريقيا والتي كانت دورة هامة حيث وافقت الدول على خارطة طريق لمعاهدة المناخ العالمية (التي أصبحت اتفاقية باريس فيما بعد) وأنشأت صندوق المناخ الأخضر
ومن نيجيريا تأتي شارون إيكيزور – وزيرة البيئة النيجيرية، والتي أشرفت على إعداد مشروع قانون مناخي رائد لتعيين كميات
انبعاثات الكربون السنوية للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050 . وتنتهي فترة ولايتها الوزارية في عام 2023، وقبل تعيينها في عام 2019 عملت إيكيزور محامية في العديد من البنوك الوطنية والدولية، كما عملت لدى شركة شل في نيجيريا في أوائل التسعينيات قبل أن تبدأ عملها القانوني، وهي مناصرة لحقوق المرأة وأسست منظمة غير حكومية لمنح النساء النازحات قروضاً بدون فوائد لبدء أعمال تجارية صغيرة.
من المرشحين أيضا اليابانية ناوكو إيشي والتي تتمتع بخبرة واسعة في العمل مع منظمات الأمم المتحدة بشأن تمويل المناخ والتنمية مما يجعلها مرشحة قوية لآسيا، وقد تم انتخابها كرئيس تنفيذي لمرفق البيئة العالمي في عام 2012 وقادت المنظمة المانحة لمدة ثماني سنوات حتى سبتمبر 2020، وقبل انضمامها إلى المرفق شغلت منصب نائب وزير المالية الياباني وتفاوضت بشأن تصميم صندوق المناخ الأخضر، وشغلت مناصب في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومعهد هارفارد للتنمية الدولية. وهي عضو في المجلس الصيني للتعاون الدولي بشأن البيئة والتنمية، وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، وسفيرة تحالف الغذاء واستخدام الأراضي.
ومن إندونيسيا تأتي المرشحة سري مولياني إندراواتي الخبيرة الاقتصادية والتي شغلت منصب وزير المالية الإندونيسي منذ عام 2016 – وهو المنصب الذي شغلته سابقًا 2005 – 2010 قبل أن تتقدم باستقالتها لتشغل منصب مديرة عامة لمجموعة البنك الدولي، وكان لها الفضل في توجيه الاقتصاد الإندونيسي خلال الأزمة المالية لعام 2008 من خلال قيادة الاستثمارات. وتتمتع بفهم قوي لتحديات التنمية والتمويل التي تواجه العالم النامي، وتعمل كرئيسة مشاركة لتحالف وزراء المالية للعمل المناخي.
ومن أوروبا تأتي الوزيرة تيريزا ريبيرا التي يُنظر إليها على أنها تمتلك بعضًا من أكثر الخبرات ذات الصلة لتولي منصب رئيس الأمم المتحدة لتغير المناخ. وسبق أن تدخلت الحكومة الإسبانية لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية في دورته رقم (25) بمدريد بعد انسحاب شيلي بسبب الاضطرابات الاجتماعية في العاصمة سانتياغو، وكان لريبيرا دورا بارز في ذلك، وتشغل منصب وزير الانتقال البيئي وتتبني أفكار تهدف إلى إغلاق مناجم الفحم كجزء من حزمة استثمار انتقالية في مجال الطاقة، وكانت ترأست سابقًا مركز الفكر البيئي الذي يتخذ من باريس مقراً له.
الوزيرة الكندية السابقة للبيئة والبنية التحتية والمجتمعات كاثرين ماكينا والتي تركت السياسة العام الماضي للتفرغ للأعمال الإنسانية وحماية الأطفال من آثار تغير المناخ، وتم تعيينها في مارس الماضي لرئاسة فريق الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة ما يسمي بالغسيل الأخضر والمكلف بتقديم توصيات لمؤتمر المناخ في دروته القادمة لضمان السلامة البيئية للشركات والمدن والمناطق للوصول إلى الالتزامات الصفرية الصافية للانبعاثات. وقد وقعت اتفاقية باريس نيابة عن كندا
ويأتي في قائمة الترشيحات أيضا المفاوض المخضرم من بربادوس سيلوين هارت والذي تم تعيينه في بداية عام 2020 مستشاراً خاصًا للأمين العام للأمم المتحدة بشأن العمل المناخي والانتقال العادل. وكان هارت كبير مفاوضي المناخ في باربادوس ومفاوضًا رئيسيًا بشأن التمويل لتحالف الدول الجزرية الصغيرة النامية، وقاد فريق الأمم المتحدة الذي ساعد في تنظيم قمة المناخ للأمم المتحدة لعام 2014 في نيويورك. كما عمل سابقًا كمدير تنفيذي لمنطقة البحر الكاريبي في بنك التنمية للبلدان الأمريكية وكمستشار مناخي لبنك التنمية الكاريبي.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

لماذا مات الكثيرون في إسبانيا؟ لأن أوروبا لم تتقبل بعد حقائق الطقس المتطرف

من المؤسف أن الفيضانات الشديدة أمر لا مفر منه. ولكن ما ليس حتميًا هو مدى …