وفقاً لتقرير جامعة “ييل” الذي يرصد أداء 180 دولة
الدولة تتصدر مؤشر التنوع البيولوجي والموائل الطبيعية ومعالجة مياه الصرف الصحي
تصدرت دولة الإمارات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الترتيب العام لتقرير «مؤشر الأداء البيئي 2022» الصادر عن جامعة ييل، الذي يرصد الأداء البيئي لـ 180 دولة، وجاءت الإمارات في المركز الأول عالمياً في 6 مؤشرات 40 مؤشراً يتضمنها التقرير.
ويصدر «مؤشر الأداء البيئي» (EPI) مرة كل سنتين منذ 2006، ليقدم ملخصاً عن حالة الاستدامة في جميع أنحاء العالم بالاعتماد على البيانات وباستخدام 40 مؤشراً للأداء تغطي 11 محوراً في التقرير، ضمن الأهداف الرئيسية الثلاث للتقرير وهي: أداء التغير المناخي، والصحة البيئية، بالإضافة إلى حيوية النظام البيئي، والتي توفر بمجملها مقياساً للدول التي يرصدها التقرير من حيث سعيها لتحقيق أهداف السياسة البيئية، كما يقدم التقرير إرشادات للبلدان التي تطمح إلى التحرك نحو مستقبل مستدام.
ريادة عالمية وإقليمية
ووفقاً لتقرير مؤشر الأداء البيئي 2022، فقد حققت الإمارات العلامة الكاملة 100% في 6 مؤشرات بيئية، وهي: (المحميات البحرية، خدمات النظام البيئي، قلة انحسار الأراضي الرطبة، قلة الاعتماد على الوقود الصلب المنزلي، انخفاض معدل نمو الكربون الأسود، وقلة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الغطاء الأرضي). كما حلت الدولة بالمركز الأول إقليمياً والثالث عالمياً في «مؤشر حيوية النظام البيئي»، متقدمة على ألمانيا، ولوكسمبورغ، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والدانمارك، والسويد، وهولندا، وجاءت الإمارات أيضاً في المركز الأول إقليمياً في «مؤشر التنوع البيولوجي والموائل الطبيعية» و«مؤشر معالجة مياه الصرف الصحي»، الذي حلت فيه بالمركز 13 عالمياً في، متقدمة على دول مثل: إسبانيا، فرنسا، اليابان، كندا والنرويج، كما تصدرت الإمارات الدول العربية في «مؤشر قلّة الصرف الصحي غير الآمن»، وذلك وفقاً لتقرير مؤشر الأداء البيئي 2022 الصادر عن جامعة ييل العريقة والذي حلت فيه دولة الإمارات في المركز الـ 39 عالمياً متقدمة 3 مراتب عن ترتيبها في الدورة السابقة للتقرير (2020)، ومتقدمة خلال الدورة الحالية للتقرير على دول كالنمسا، كندا، الولايات المتحدة، والبرتغال.
مقاييس جديدة
ويتميز التقرير بشمولية منهجيته في الاعتماد على مقاييس ذات تأثير على مواجهة التغير المناخي، وكذلك اعتماد التدوير وتلوث المحيطات بالبلاستيك تحت مظلة إدارة النفايات، ومؤشرات انبعاثات الغازية الملوثة وانبعاثات الغازات العضوية، ويسلط الضوء على استخدامات الموارد الطبيعية وقدرة هذه الموارد على تقديم الخدمات اللازمة وليس فقط الموضوعات الخاصة بالتلوث، كما كشف التقرير أن الوصول إلى التنمية المستدامة لا يعتمد فقط على توفير رأس المال بل أيضاً على الإدارة الفعالة، حيث يعد المال شرطاً رئيسياً للاستثمار في تطوير هياكل الصحة العامة والبيئة، والإدارة الرشيدة تؤول إلى تقليل التلوث والحفاظ على الموارد البيئية.
تقييم السياسات
وتعد نتائج مؤشر الأداء البيئي (EPI)، وسيلة أساسية لتقييم السياسات البيئية العالمية ومدى فاعليتها في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية، وتوفير إرشادات للبلدان التي تطمح إلى التحرك نحو مستقبل مستدام، ويمنح التقرير الدول تقييماً بالدرجات حول أدائها في 11 محوراً ضمن الأهداف الرئيسية الثلاث للتقرير والمشار إليها أعلاه، وتشمل المحاور (نوعية الهواء، مياه الشرب والصرف الصحي، المعادن الثقيلة، إدارة النفايات، التنوع الحيوي والموائل، الغابات، المصائد السمكية، المناخ والطاقة، تلوث الهواء، الموارد المائية، والزراعة)، وتعطي المحاور وزناً حسب الأهمية، استناداً إلى 40 مؤشراً فرعياً، كما يتم قياس البيانات بمقياس من (0 إلى 100)، ويتم وضع جميع المؤشرات على مقياس مشترك ليتم مقارنتها وتجميعها في المؤشر المركب، ويتم تحديد نتيجة كل بلد تم قياسه وفقاً لأدائه الأفضل أو الأسوأ بالنسبة للأهداف.
تصدر المشهد الدولي
في مؤشر الأداء البيئي، تصدرت الإمارات المشهد الدولي في مجموعة من المؤشرات التابعة له، مثل: «مؤشر الوقود الصلب المنزلي»، الذي يقيس نسبة استخدام المواد الصلبة المستخدمة كوقود لإنتاج الطاقة وتوفير التدفئة، وتصدرت الدولة هذا المؤشر كونه لا يتم استخدام الوقود الصلب لإنتاج الطاقة والتدفئة في المنازل، و«مؤشر المحميات البحرية» الذي يقيس مساحة المحميات البحرية من إجمالي مساحة الدولة، حيث حافظت دولة الإمارات على تصدرها العالمي لفئة المحميات البحرية، حيث تمتلك 16 منطقة محمية بحرية، وارتفعت نسبة المساحة الإجمالية للمحميات الطبيعية من مساحة الدولة من 15.07% خلال عام 2019 إلى 15.53% 2020، إضافة إلى ارتفاع مساحة المحميات البرية من 17.1% إلى 18.4% 2020، فيما وصلت نسبة مساحة المحميات البحرية إلى 12.01%.
وضمن الأداء البيئي، تصدرت الدولة المشهد العالمي في «مؤشر خدمات النظام الإيكولوجي»، وتتمثل خدمات هذا النظام في المنافع المتعددة التي توفّرها الطبيعة للمجتمع من خلال التنوّع البيولوجي الموجود على مستوى الأنواع والنظم الإيكولوجية وفيما بينها، وجاءت النتيجة المتميزة للدولة عالمياً نتيجة للجهود التي تبذلها في الحفاظ على الأنواع المحلية وتنميتها، والمحافظة على التنوع البيولوجي ضمن مستوياته الآمنة المستدامة، و«مؤشر الأراضي الرطبة»، ويقيس هذا المؤشر مدى فقد/ خسارة مساحات الأراضي الرطبة على مدى 10 سنوات، حيث تبوأت الدولة المركز الأول لحفاظها على الأراضي الرطبة التي تمثل إحدى البيئات الغنية بالتنوع البيولوجي في الإمارات. كما جاءت الإمارات في المركز الأول عالمياً ضمن الأداء البيئي «مؤشر انخفاض معدل نمو الكربون الأسود»، والذي يقيس معدل النمو والتراجع لانبعاثات الكربون الأسود، ومتوسط المعدل السنوي للزيادة أو النقصان على مر السنين، وطبيعة التعديل عليه وفقاً للاتجاهات الاقتصادية، و«مؤشر قلة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الغطاء الأرضي»، والذي يقيس نسبة انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الغطاء الأرضي، ومتوسط المعدل للنقصان، وطبيعة التعديل عليه.
مستقبل بيئي مستدام
جاء تربع دولة الإمارات في المركز الأول عالمياً في 6 مؤشرات للأداء البيئي، نتيجة حتمية لجهودها الحثيثة في هذا القطاع الحيوي على مدار السنوات الماضية، وها هي اليوم تضمن لها مكانة مرموقة بين الدول الأكثر قدرة على استشراف المستقبل ومواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات المتفردة، وفقاً لإحدى محاور خطتها التنموية الشاملة والمتمثلة في صناعة مستقبل بيئي مستدام للأجيال من خلال التركيز بشكل كامل على المحافظة على البيئة من التهديدات البشرية والمناخية وضمان استدامتها بشكل أفضل وأنشط، بما يحقق طفرة تنموية بيئية، عبر التكامل بين أدوار مؤسسات الدولة في كافة تخصصاتها ومستوياتها الاتحادية والمحلية، لبناء بيئة نظيفة مستدامة تكفل كل ما تحقق من مكتسبات خلال السنوات الماضية.
ركيزة أساسية
على الرغم من تسارع وتيرة نهضة دولة الإمارات في مدى زمني قصير والزيادة السكانية التي رافقتها نتيجة استضافة الملايين من العمالة الوافدة، ما أفرز ضغوطاً بيئية حادة كاستنزاف موارد المياه الجوفية والثروات المائية والحية وغيرها، إلا أنها عملت على الحد من تلك الضغوط ومعالجة أثرها واسقاطاتها السلبية بأقصى سرعة ممكنة، انطلاقاً من إدراك القيادة الرشيدة أنّ الاعتبارات البيئية وحماية الموارد يجب أن تظل محوراً وركيزة أساسية للتنمية الشاملة في الدولة، بدليل الإنجازات المتفردة التي حققتها في مختلف مجالات البيئة مثل التنوع البيولوجي والعمل من أجل المناخ والموارد المائية والإدارة المتكاملة للنفايات والإدارة السليمة للمواد الكيميائية وغيرها الكثير.
مكانة مرموقة
وتحتل الإمارات مكانة مرموقة بين الدول الأكثر قدرة على استشراف المستقبل ومواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات المتفردة في كافة مجالات القطاع البيئي الذي ظلّ نابضاً في قلب مسيرة التنمية على مدار العقود الخمسة الماضية (رؤية الإمارات 2021)، وسيبقى كذلك خلال العقود الخمسة القادمة (مئوية الإمارات 2071)، عبر تحويل التحديات ذات العلاقة إلى فرص تنموية، وذلك بالاستناد إلى أفضل الممارسات والعلوم المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي وغيرها الكثير.
توجهات وسياسات
ولضمان تحقيق منظومة العمل من أجل البيئة والمناخ، فقد تبنت الإمارات مجموعة من التوجهات والسياسات والمبادرات التي تشكل إطاراً عاماً لعمل كافة القطاعات ومنها: توجه التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتوجه تحول الطاقة، والسياسة العامة للبيئة للدولة، وسياسة الاقتصاد الدائري، والخطة الوطنية للتغير المناخي، والبرنامج الوطني للتكيف مع تداعياته وتبنى توجه إدماج العمل المناخي في استراتيجيات كافة القطاعات ومن أهمها القطاع الزراعي عبر التوسع في نشر واستخدام نظم الزراعة الحديثة المستدامة، والانضمام للمبادرة العالمية «الابتكار الزراعي للمناخ، ومبادرة الحياد المناخي 2050 التي تمثل محركاً مهماً لاستراتيجية التنويع الاقتصادي بالإمارات من أجل تطوير صناعات وتقنيات ومهارات ووظائف جديدة، إلى جانب حماية البيئة.
و تعتبر جامعة ييل الأمريكية التي تصدر تقرير الأداء البيئي من أعرق الجامعات العالمية حيث تأسست في العام 1701 في ولاية كونيتيكت الأمريكية، ويعمل بها 65 باحثاً حائزاً على جائزة نوبل.
المصدر، جريدة الاتحاد، شروق عوض (دبي) 13 يونيو 2022 01:42