«أبوظبي للاستدامة» عنوان لمسيرة إماراتية انطلقت قبل 3 عقود

عائشة العبدولي الوكيل المساعد للتنمية الخضراء في «التغير المناخي والبيئة» لـ«الاتحاد»:
أكدت عائشة العبدولي، الوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي في وزارة التغير المناخي والبيئة، أن انطلاق أعمال الدورة الجديدة من أسبوع أبوظبي للاستدامة منتصف الشهر الجاري، يأتي لتعزيز وتسريع وتيرة التنمية المستدامة محلياً وعالمياً، مستندة إلى نجاحات عالمية حققتها خلال الدورات الماضية، وحلول ابتكارية ساهمت في نشرها في العديد من المجالات والقطاعات، أهمها جهود تحول الطاقة ومواجهة التغير المناخي، ومسيرة إماراتية وضعت الاستدامة وصداقة البيئة وحمايتها والعمل على مواجهة التحديات العالمية وبالأخص تغير المناخ في قلب اهتمامها وحراكها للنمو الاقتصادي.
وأضافت العبدولي في تصريحات لـ «الاتحاد»، أن الدورة الجديدة من الأسبوع تأتي عقب أشهر قليلة من إعلان دولة الإمارات عن خريطة، وتوجه جديد يؤسس لمسار بيئي متكامل يستهدف تحقيق نظام اقتصادي مستدام يشمل كافة القطاعات، ويعزز من تنوع الاقتصاد الوطني، حيث أعلنت في أكتوبر الماضي عن المبادرة الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وأشارت العبدولي إلى أن المبادرة التي من دورها إيجاد حالة من التكامل بين آليات العمل في كل القطاعات لضمان تعزيز وتسريع النمو الاقتصادي وفق معايير تستهدف في المقام الأول حماية البيئة والعمل من أجل المناخ، وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، لذا تتجه الأنظار نحو الدورة الجديدة من أسبوع أبوظبي للاستدامة، متوقعة أن تشهد باقة واسعة من الحلول الابتكارية والنقاشات ورسم القرارات الداعمة لتحقيق الاستدامة بوتيرة أسرع وأكثر فعالية.
وأوضحت أن ما يزيد من أهمية الدورة الحالية أنها الحدث العالمي المتخصص في الاستدامة الذي ينظم عقب فعاليات مؤتمر دول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة من أجل المناخ «COP26» الذي عقد في غلاسكو نوفمبر الماضي، وإفرز عن العديد من التعهدات والإعلانات، بالإضافة إلى المُخرج الأهم والمتمثل في (ميثاق غلاسكو للمناخ)، حيث ينتظر أن تسهم المناقشات والحلول التي ستعرض خلاله في دعم وتعزيز مسيرة العمل من أجل المناخ.
وذكرت أن كل هذه العناصر المهمة للدورة الحالية، تستند إلى مسيرة من العمل من أجل المناخ وتحول الطاقة محلياً وعالمياً برز خلالها نموذج الإمارات على مدار 3 عقود متواصلة بدأت بتوقيعها على برتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتأكل طبقة الأوزون في عام 1989. وتابعت: «في مطلع التسعينيات تم الاتفاق بشكل دولي على إطلاق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ لتمثل أول تحرك عالمي لمواجهة هذا التحدي الهام، وفي 1995 انضمت دولة الإمارات للاتفاقية للمشاركة في الحراك الدولي للعمل المناخي».
وأضافت: مع تطور النقاشات والالتزامات القانونية لحراك العمل من أجل المناخ وبعد إطلاق واعتماد برتوكول كيوتو الملزم للدول المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات، صدقت دولة الإمارات في العام 2005 على البروتوكول كأول دولة من الدول الرئيسية عالمياً لإنتاج النفط، كما أنه مع تحديث وتطور أهداف العمل المناخي لتركز بشكل أكبر على معالجة إشكالية ارتفاع درجة حرارة الأرض، بالإضافة للحد بشكل أكبر من انبعاثات غازات الدفيئة مع إطلاق اتفاق باريس للمناخ في 2015، سارعت دولة الإمارات للانضمام للاتفاق والتوقيع على بنوده كأول دول خليجية ووحدة من دول المنطقة الأولى، وقدمت تقريرها الأول لمساهماتها المحددة وطنياً.
ولفتت إلى أنه في نهاية ديسمبر 2020 رفعت دولة الإمارات تقرير مساهماتها المحددة وطنياً الثاني والذي شمل رفع طموحها للعمل المناخي في جوانب عدة شملت حصة الطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي، وزيادة معدلات خفض الكربون، والتوسع في مشاريع التقاطه وتخزينه واستخدامه، والتوسع في زراعة أشجار القرم التي تساهم بقوة في التقاط وتخزين الكربون، وفي أكتوبر الماضي كشفت عن مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، والتي ارتفع معها بطموح العمل المناخي شكل أكبر على مستوى كافة القطاعات والمجالات ليتخذ شكل التوجه لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

تحول الطاقة
وأشارت العبدولي إلى أن فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة تتزامن مع احتفالية اليوم العالمي لتحول الطاقة، الذي تحل ذكراه في 14 يناير لتتسلط الأضواء على اجتماعات الجمعية العمومية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «أيرينا» وتوجهاتها المنتظر أن تدعم مخرجات مؤتمر «COP26»، وجهود العمل المناخي بشكل عام، كما تحل الذكرى لتؤكد بقوة على الدور الذي يلعبه أسبوع أبوظبي للاستدامة في استعراض أهم وأحدث الحلول الابتكارية في مجال تحول الطاقة عالمياً، وطرحه لأهم النقاشات والحوارات بين نخبة واسعة من صناع القرار والخبراء والمختصين في مجال الطاقة والاستدامة.
وبيّنت أنه في إطار تحول الطاقة قدمت دولة الإمارات للعالم نموذجاً رائداً في تبني حلول الطاقة المتجددة والنظيفة والتوسع في استخدامها محلياً والمساهمة في نشرها عالمياً، حيث يمثل العام 2006 نقطة فارقة في مسيرة عمل الإمارات من أجل البيئة والمناخ، حيث شهد إطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» كنموذج إماراتي عالمي لقطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام.
وقالت: على مدار الأعوام الماضية حققت الدولة إنجازاتٍ ملموسة في تحول الطاقة الذي يصب بشكل مباشر في تعزيز منظومة العمل المناخي، حيث تم التوسع في نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة على المستوى المحلي، لترتفع القدرة الإنتاجية من 10 ميجاوات في 2009 إلى 2400 ميجاوات حالياً، وبدخول المشاريعِ الجاري تطويرها حيّزَ التشغيلِ الفعلي، ستساهم في إضافة 6000 ميجاوات جديدة بحلول 2030، كما تم إطلاق مشروع «براكة» للطاقة النووية والذي دخلت محطة الأولى حيز التشغيل، ومن المتوقع مع الانتهاء الكامل منه أن يوفر ما يصل إلى 25% من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية، ما ساهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات ودورها العالمي في العمل المناخي عبر دعم تحول الطاقة وتعزيز نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة، الإعلان في عام 2009 عن استضافة العاصمة أبوظبي للمقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا».
وأشارت إلى أنه خلال الأعوام الماضية دعمت دولة الإمارات جهود الوكالة في نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة عالمياً، وعملت عبر شراكة بين الوكالة وصندوق أبوظبي للتنمية على دعم مجموعة من الدول النامية لتمويل أنشاء مجموعة من مشاريع الطاقة المتجددة بقيمة وصلت إلى 350 مليون دولار، وعبر تطور دور شركة «مصدر» عالميا، تحولت الشركة إلى واحد من أهم اللاعبين الدوليين في مجال تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة عبر الاستثمار المباشر الذي تدير عبره حالياً محفظة تصل قدرتها على 10.7 جيجا وات في أكثر من 30 دولة، ومع توقيع اتفاقية استراتيجية لشركتي «طاقة»، و«أدنوك» مع «مبادلة» للانضمام لها في امتلاك حصة في شركة «مصدر» سيتم تطوير أكبر محفظة عالمية للاستثمار في الطاقة المتجددة وزيادة القدرات الاستثمارية لـ «مصدر» لتصل إلى 50 جيجاوات بحلول 2030.

«كوب» 26
أوضحت العبدولي أنه خلال فعاليات COP26، اتخذت دولة الإمارات مجموعة من الخطوات البناءة التي تسهم في تعزيز جهود العمل من أجل البيئة والمناخ، مشيرة إلى أنه في هذا الإطار عززت الدولة جهودها في خفض ومعالجة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر العديد من المشاريع، حيث أعلنت عن رفع طموحها في مجال زراعة غابات القرم (المانغروف) والتي تمثل أحواض طبيعية للكربون، حيث زادت هدفها التي أعلنت عنه ضمن تقريرها الثاني للمساهمات المحددة وطنياً لزراعة غابات القرم من 30 مليوناً إلى 100 مليون شجرة بحلول 2030، كما تتوسع الدولة في تنفيذ مشاريع التقاط وتخزين الكربون وإعادة استخدامه على مستوى قطاع الطاقة.
وأضافت: «لم تقف جهود الدولة في مجال الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة عند هذا الحد، حيث تم الإعلان خلال COP26، عن خريطة طريق تحقيق الريادة في مجال الهيدروجين عن طريق إطار عام ومحدد لتنفيذ الدولة منظومة واسعة من مشاريع إنتاج الهيدروجين تشمل 7 مشاريع تستهدف من خلالها الاستحواذ على حصة 25% من أسواق التصدير الرئيسة».
وقالت: لأن جزءا كبيرا من التحدي المناخي يتمحور حول الغذاء والزراعة. عندما نأخذ في الاعتبار أن أكثر من ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تأتي من النظم الغذائية، وأن نمو عدد سكان العالم يعتمد بشكل متزايد على إنتاج الأغذية المعرضة للتأثر بالمناخ، في هذا الإطار وضمن الحاجة العالمية الملحة لتعزيز الاستثمار في الابتكار الزراعي والبحث والتطوير لإيجاد نظم زراعية ذكية مناخياً، أطلقت دولة الإمارات بالشراكة مع الولايات المتحدة الأميركية، مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ – AIM4C – والتي تمثل تحركا جريئا نحو تسريع تحول نظام الغذاء العالمي الذي نحتاج إليه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والقضاء على الجوع في العالم بحلول عام 2030.
وأضافت: المبادرة حظيت بدعم أكثر من 30 دولة حول العالم، و48 منظمة غير حكومية، وتسعى إلى خلق حركة استثمار بقيمة 4 مليارات دولار لتسريع الابتكار في الزراعة الذكية مناخياً، وكعادتها في السبق أعلنت الدولة عن تعهدها بزيادة استثماراتها في هذا المجال بقيمة مليار دولار كجزء من إجمالي الاستثمارات المطلوبة للمبادرة.
وأكدت أن كل هذه الإعلانات والمبادرات من المنتظر أن تعزز دورها بشكل أكبر الحلول الابتكارية والنقاشات واللقاءات التي ستطرحها فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة الذي سيمثل الخطوة العالمية الأولى في 2022 نحو الاستدامة ستعقبها القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، ثم أحدث «COP27» في جمهورية مصر العربية ليمثل 2022 عاماً هاماً وتمهيد لتنظيم واستضافة دولة الإمارات لفعاليات مؤتمر دول الأطراف «COP28» في 2023.

مستقبل الطاقة
أكدت أن طموحات دولة الإمارات لم تقف عند نشر وتطوير حلول الطاقة المتجددة الاعتيادية، بل تبنت أحدث التوجهات العالمية لمصادر إنتاج الطاقة، حيث تم إطلاق المشروع الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو الأول من بين العديد من المشاريع في الدولة لتطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر وفتح أسواق الهيدروجين المحلية التي ستخدم مختلف القطاعات.

المصدر، جريدة الاتحاد، شروق عوض (دبي) 12 يناير 2022

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

قمة طاقة المستقبل.. تدعم تحقيق أهداف «كوب 28»

تنطلق بأبوظبي اليوم بمشاركة 350 من خبراء وقادة القطاع تنفيذ أطر عمل “كوب28” عبر 5 …