مشاريع رائدة بأبوظبي لمواجهة تغير المناخ

تماشياً مع رؤية الإمارات
في إطار التزامها برؤية الاستدامة لحكومة الإمارات العربية المتحدة، تقود هيئة البيئة – أبوظبي مجموعة من المشاريع للحد من تأثير تغير المناخ. وبعد إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في أكتوبر، عن استراتيجية الإمارات لتحقيق الحياد المناخي 2050، تستعد الهيئة لاتخاذ دور ريادي في قيادة الجهود التي تبذلها إمارة أبوظبي للمساعدة في تحقيق أهداف هذه المبادرة الطموحة. وتؤكد هيئة البيئة في أبوظبي أنه للمضي قدماً في تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 يتطلب العمل بشكل جماعي على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في كافة القطاعات باستخدام مصارف الكربون الطبيعية والاصطناعية، بالإضافة إلى النهوض بأجندة التنويع الاقتصادي في أبوظبي من خلال حلول مبتكرة منخفضة الكربون.
وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي: «إن مفهوم تغير المناخ ليس جديداً على هيئة البيئة – أبوظبي، ونحن في طور وضع سياسة لإمارة أبوظبي، بالتعاون مع شركائنا الاستراتيجيين، تستهدف الآثار والآفاق السلبية لتغير المناخ في أبوظبي. واضعين في الاعتبار المحفزات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والتي تحقق التوازن بين احتياجات المجتمع والحفاظ على البيئة. وستكون السياسة أيضاً المنطلق الذي سنبني عليه برامجنا لتحقيق أهداف استراتيجية الحياد المناخي في الإمارات بحلول 2050، وتحويلها إلى خطط فعالة وملموسة».

شيخة الظاهري
وأضافت: «نحن نلعب أدواراً متعددة في الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ، ومن ضمنها تحسين عملية جمع البيانات من خلال استخدام التكنولوجيا والابتكار، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتقنيات المكانية، وتوافر البيانات وخدمات المعلومات المتعلقة بانبعاثات غازات الدفيئة وعلى رأسها غاز ثاني أكسيد الكربون، فضلاً عن التدابير المتعلقة بالحد من آثار التغير المناخي على القطاعات المختلفة، والتي تشمل الصحة والمياه والبنية التحتية، وكذلك على الأنواع والموائل وخدمات النظام البيئي».
وأوضحت: «على المستوى الاستراتيجي، عملت حكومة أبوظبي على تطوير وتنفيذ خطة بيئية متعددة القطاعات تغطي تغير المناخ، وجودة الهواء، والمياه، والنفايات، والتنوع البيولوجي وعناصر أخرى. نظراً لأن إدارة الموارد البيئية والطبيعية هي قضية يشارك فيها عدد من الجهات والقطاعات، فقد تم تطوير الاستراتيجية البيئية لهيئة البيئة – أبوظبي بالتشاور مع الجهات والمؤسسات ذات الصلة من القطاعين الحكومي والخاص والمؤسسات التعليمية وشركاء التنمية والمنظمات المعنية الأخرى. تهدف هذه الاستراتيجية إلى دمج القضايا البيئية في السياسات وخطط العمل وخطط الاستثمار على المستويين المؤسسي والمحلي، وقد بدأنا بتنفيذ هذه الاستراتيجية في أبوظبي لتحقيق أهدافها الطموحة».
وتماشياً مع أهداف حكومة أبوظبي، يعد التخفيف من آثار تغير المناخ أحد أهم الأولويات الاستراتيجية التي وضعتها الهيئة ضمن استراتيجيتها الخمسية الجديدة 2021-2025، حيث تعمل الهيئة على أولوية تحقيق المرونة البيئية لإمارة أبوظبي، وذلك من خلال التخفيف والتكيف مع التغير المناخي، وحماية جودة الهواء والمياه البحرية. وستقوم الهيئة من خلال هذه الأولوية بتطوير وتنفيذ العديد من المشاريع للحد من تغير المناخ في إمارة أبوظبي.
وتقوم الهيئة منذ عام 2010 وبدعم ومشاركة جميع القطاعات، بإعداد تقرير جرد الانبعاثات بالاعتماد على أفضل المنهجيات العالمية. ويتضمن التقرير نتائج عمليات جرد انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى الإمارة والتي يتم تحديثها باستمرار كجزء من خطة الهيئة الشاملة لمراقبة الانبعاثات، وهذا من شأنه دعم الحكومة الاتحادية للإيفاء بالتزاماتها تجاه اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وأيضا تعزيز قدرات الجهات المحلية على تتبع وإدارة انبعاثاتها. وتساهم عمليات الجرد هذه في إنشاء قاعدة بيانات قوية ومحدثة باستمرار، تتيح للباحثين وواضعي السياسات فهم التغييرات في الانبعاثات ورسم السياسات المحلية السليمة لتحسين جودة الهواء والحد من تأثير ظاهرة التغير المناخي.
وتعتبر عمليات جرد الانبعاثات في إمارة أبوظبي هي الأولى من نوعها في المنطقة من حيث التطبيق على مستوى الإمارة، ومن حيث شمولية الجرد لجميع مصادر الانبعاثات، بما فيها قطاعات الطاقة والصناعة والنفايات، وطريقة التنفيذ التي تقوم على تطبيق أحدث المعايير والممارسات العالمية والشراكة مع جميع الجهات.
ويتضمن جرد انبعاثات الغازات الدفيئة حصراً شاملاً لجميع مصادر ومصارف ومستويات انبعاثات غازات الدفيئة في إمارة أبوظبي، وتقييم تصوراتها المستقبلية، وتحديث عملية الجرد مرة كل سنتين وفق إرشادات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وسيتم خلال الفترة القادمة الإعلان عن نتائج الدورة الرابعة من الجرد والذي تم إنجازه بناء على خطة عمل المشروع ومنهجية منظمة التغير المناخي الدولية IPCC.
كما أن الهيئة البيئة – أبوظبي العديد من البرامج التي تدعم جوانب متعددة لتغير المناخ، تتضمن تطوير السياسات واللوائح، والإنفاذ، والمراقبة، والإدارة.
وستواصل هيئة البيئة – أبوظبي دعم تطوير وتنفيذ واعتماد المركبات منخفضة الانبعاثات في أبوظبي بدءاً من الأسطول الحكومي، وذلك بالتعاون مع الشركاء المعنيين. كما ستعمل الهيئة مع دائرة البلديات والنقل، ومركز النقل المتكامل لتوفير وسائل نقل عام صديقة للبيئة، وتعزيز المزيد من الأنشطة مثل المشي وركوب الدراجات. وتدرس الهيئة كذلك جدوى استبدال الحافلات وسيارات الأجرة وشاحنات التخلص من النفايات ببدائل تعمل بالطاقة الكهربائية، ومن خلال التنسيق مع الجهات المعنية لتقديم حوافز استخدام المركبات الشخصية التي تعمل بالكهرباء. هذا بالإضافة إلى حوافز استبدال الحافلات والشاحنات القديمة، والتي تعد من أكثر المركبات تلويثاً وأقلها كفاءة، بالإضافة إلى تحويل دراجات التوصيل إلى دراجات تعمل بالطاقة الكهربائية. وتعمل هيئة البيئة – أبوظبي حالياً مع الشركاء المعنيين لوضع خطط واضحة لخفض الانبعاثات لقطاعات محددة، والملوثات، والمناطق التي لا يمكن الوصول إليها، والتي تشكل مصدر قلق واضح لمستويات جودة الهواء. يشمل ذلك القطاعات ذاتية التنظيم مثل النفط والغاز. كما ستستمر الهيئة البيئة في سد الفجوات بشأن حدود تركيز الملوثات في الهواء لتكون في حدود الانبعاثات المحددة لكل القطاع، خاصة بالنسبة للمصادر المتنقلة.

«مدونات صوتية» للتوعية بالقضايا البيئية
أطلقت هيئة البيئة في أبوظبي، بالشراكة مع شركة بروج، سلسلة حلقات صوتية «بودكاست» بعنوان «مثقف بطبيعته» تركز على موضوعات بيئية مهمة. وسيتم نشر حلقة جديدة كل أسبوعين، مع استضافة خبير بيئي ليشارك معرفته وخبرته في البودكاست، والتي سيتم بثها من خلال الموقع الإلكتروني لمبادرة الجامعات المستدامة التابعة للهيئة والموجهة لفئة الشباب.
وتم إطلاق الحلقة الأولى من بين العديد من الحلقات التي تخطط الهيئة لإعدادها، والتي تغطي مجموعة واسعة من الموضوعات التي تهدف إلى إلهام الشباب، وتبادل المعرفة والعمل كأداة تستخدم في المناهج الجامعية، والتي يمكن أن تدعم البحث العلمي والتعلم القائم على المشاريع.
تحدّث في الحلقة حميد عبد الله كنجي، خبير اقتصادي بيئي في قطاع السياسات والتخطيط البيئي المتكامل من هيئة البيئة – أبوظبي، حيث تناول موضوع تغير المناخ. وما يحدث حالياً على أرض الواقع كجزء من الجهود المبذولة لمواجهة هذا التحدي. كما ناقش التحول الذي شهده تحدي تغير المناخ منذ جائحة كوفيد – 19.
ويتناول بودكاست هيئة البيئة – أبوظبي مجموعة من التحديات التي تواجه كوكب الأرض اليوم، حيث تؤمن الهيئة أنه ضمن كل تحد تكمن فرصة للقيام بعمل أفضل، وتحسين الوضع الراهن عندما يتعلق الأمر بالعمل البيئي. ومن خلال الاستفادة من المعرفة الموضوعية والأبحاث والرؤى المستقبلية، سيقوم خبراء هيئة البيئة – أبوظبي بإطلاع الجمهور وزيادة وعيهم، بما يجب القيام به على كوكب الأرض ليكونوا قادرين على دعم الجهود المبذولة للمحافظة على النظم البيئية، وضمان استدامة الموارد الطبيعية للعقود والقرون القادمة.
وقالت خنساء البلوكي، مدير إدارة التوعية البيئية، في قطاع إدارة المعلومات والعلوم والتوعية البيئية بالهيئة: «نسعى دائماً في هيئة البيئة – أبوظبي إلى اتخاذ المبادرة لنكون متناغمين مع القنوات الإعلامية الأكثر انتشاراً في وقتنا الحالي. لذا، قررنا تطوير سلسلة من البودكاست لأننا نعلم أنه وسيلة فعالة للغاية في الوصول إلى شبابنا. في الواقع، أثبتت الدراسات أن مستمعي البودكاست يثقون في هذه الوسيلة أكثر من غيرها من الوسائط التقليدية، ونحن ندرك أن الشباب يتحولون بعيداً عن الوسائط التقليدية باتجاه عالمهم الرقمي، ونحن نريد أن نستفيد من هذه الأدوات وإمكانية تفاعلهم معها». وأضافت البلوكي: «اخترنا بدقة المتحدثين في هذه السلسلة، والذين نعتقد أنهم سيكونون ذوي مصداقية ولديهم متابعون من جمهورنا المستهدف. لقد اخترنا أيضاً خبراءنا بعناية من داخل الهيئة، ممّن نعتقد أنهم يستطيعون تقديم بيانات علمية وغنية بالمعلومات ومثيرة للاهتمام حول جميع الموضوعات البيئية الهامة التي يتردد صداها في جميع أنحاء العالم».
وقالت ميثاء المرعشي نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الاستدامة من بروج: «إنه لمن دواعي سرورنا دائماً أن تشارك بروج هيئة البيئة – أبوظبي في المبادرات البيئية المبتكرة والمجتمعية كجزء من حملات المسؤولية الاجتماعية للشركات لدينا».

الكربون الأزرق
نفذت هيئة البيئة – أبوظبي مبادرات لتطوير مصارف الكربون الطبيعية وتعزيز المرونة البيئية من خلال دراسة الكربون الأزرق، والتي تمت مراجعتها في مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ 21، لزراعة 14 مليون شجرة من أشجار القرم من خلال تضافر الجهود بين دائرة البلديات والنقل وبلدية منطقة الظفرة. ومن المتوقع أن تسهم زراعة تلك الأشجار في خلال فترة 25 سنة المقبلة إلى تخزين ما يقارب 200 ألف طن من الانبعاثات الكربونية والتي تعادل استهلاك الطاقة لأكثر من 20 ألف منزل لمدة عام، بالإضافة إلى ذلك تقدم أشجار القرم خدمات بيئية تساعد في الحد من تأثير التغيرات المناخية.
تلى ذلك تنفيذ أول مشروع تجريبي في المنطقة لتحليل الكربون في المحيطات /الأسماك بمشاركة خبراء في مجال الثدييات البحرية وأكاديميين بارزين في المنطقة. تمثل هذه الدراسة الاستكشافية حالة اختبار أولية لمخازن الكربون من الكتلة الحيوية للفقاريات البحرية في دولة الإمارات، مع التركيز على إمارة أبوظبي.
ووجدت الدراسة أن المخزون الحالي من الكربون في الكتلة الحيوية للثدييات والسلاحف والطيور البحرية في إمارة أبوظبي يقدر بنحو 520 طناً. وهذا يعادل تقريباً إمكانات تخزين الكربون للكتلة الحيوية المفقودة (532 طناً) عبر مصايد الأسماك في إمارة أبوظبي في عام 2018. وكدراسة تجريبية، ستسمح نتائج المشروع لصناع القرار المعنيين في دولة الإمارات العربية المتحدة بتقييم الخيارات الممكنة لتنفيذ سياسات الكربون الأزرق على المستويين المحلي والوطني. وبالمثل، نفذت هيئة البيئة – أبوظبي أيضاً مشروعاً لزراعة مليوني شجرة قرم على طول المناطق الساحلية لإمارة أبوظبي (بين المرفأ والثُميرية)، من أجل التخفيف من آثار تدهور وفقدان موائل القرم الناتجة عن أنشطة التنمية.

المصدرن جريدة الاتحاد، (ابوظبي) 12 نوفمبر 2021

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

خبير: مؤتمرات المناخ “صراع سياسي اقتصادي بواجهة بيئية” (مقابلة)

في حوار أجرته وكالة الأناضول للأنباء مع خبير الاستدامة والتغير المناخي عماد سعد أجرى الحوار …