خلال افتتاح القمة العالمية للتسامح بأبوظبي
نهيان مبارك: هدفنا جميعاً المساهمة في إرساء مجتمع محلي وإقليمي وعالمي أكثر سلاماً وانسجاماً وازدهاراً
نثمن عالياً جهود رئيس الدولة التي أثمرت وثيقة الأخوة الانسانية لتكون منارة للجميع حول العالم
انطلقت أمس في العاصمة أبوظبي جلسات القمة العالمية للتسامح والأخوة الإنسانية، بحضورمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وتنظمها وزارة التسامح والتعايش بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين في إطار الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية تحت شعار، «متحدون بإنسانيتنا المشتركة» بمشاركات واسعة لقيادات عالمية من هيئة الأمم المتحدة، والأزهر والفاتيكان وقادة دينيين عالميين، ومفكرين عالميين، وثمن المشاركون بأعمال القمة دور الإمارات ودعمها للسلم والتعايش، وإعلاء القيم الإنسانية، ورعايتها للمبادرات التي تهم البشرية جمعاء، واحتضانها لمؤسسات أسهمت في تعزيز القيم العليا للإنسانية، وأن جهود دولة الإمارات وقادتها تلقى تأييداً دولياً واسعاً. يركز المؤتمر هذا العام على تعزيز الجهود الدولية من أجل الإنسانية إقليمياً وعالمياً، كما يحمل المهرجان رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي حول جهود الإمارات لتعزيز قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية محلياً وعالمياً، بالتعاون مع كافة الأشقاء والأصدقاء حول العالم، كما تناول المؤتمر أربعة محاور رئيسة من خلال جلساته المختلفة وهي الإيمان والسلام والكوكب، والتنوع.
وحضر المؤتمر معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية بالبحرين، والسيد ميجيل موراتينوس وكيل الأمين العام الأمم المتحدة والممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، ومعالي الدكتور علي راشد النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، ومعالي الدكتور مغير الخييلي رئيس دائرة تنمية المجتمع، ومعالي الدكتور حنيف حسن القاسم رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي، وعفراء الصابري المدير العام بوزارة التسامح والتعايش، والدكتور محمد مطر سالم الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، وعبد الرحيم البطيح النعيمي مديرعام أبوظبي للإعلام بالإنابة، إضافة إلى أكثر من 40 من سفراء الدول الصديقة والشقيقة لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وعدد من القيادات الاتحادية والمحلية، وعدد من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي.
دقيقة حداد
وحرص المؤتمر على بداية أنشطته بالوقوف دقيقة حداد على أرواح الضحايا الذين سقطوا جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، وعبر معالي الشيخ نهيان بن مبارك بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن كافة الحضور عن عزائه وتعاطفه مع أهالي كافة الضحايا، داعياً الله أن يشفي المصابين، وأن يعم العالم السلام والآمن للجميع.
وقال معاليه في كلمته إلى المؤتمر «إن اجتماع اليوم يعبر عن قوة التسامح والأخوة الإنسانية وما لهما من مكانة في فكر ووجدان الجميع. فجميعنا على يقين بأن الأخوة الإنسانية هي السبيل الأمثل للتفاهم والتعاون لتجاوز كافة صور الاختلاف، فهي تمنحنا القوة والشجاعة للتعامل مع التنوع الإنساني بما يخدم المجتمعات البشرية، كما إن الأخوة الإنسانية تتطلب منا التعرف على بعضنا بعضاً، وأن نقضي على الهواجس والمخاوف التي تفرض علينا أنماط الانقسام والعنف، وهي في الوقت نفسه لا تطالبنا بالتخلي عن هوياتنا والتزاماتنا، وإنما تطالبنا بالحوار، بمعنى التحدث والاستماع، وإني على يقين من أن هذا الحوار سيكشف لنا عن تفاهمات مشتركة واختلافات حقيقية على حد سواء، فالحوار الذي نعنيه لا يعني بالضرورة اتفاق الجميع على الطاولة وإنما يعني العزم على المشاركة النشطة بالتزام وعقل منفتح».
وقال معاليه «إن هذه الأفكار حول الأبعاد المختلفة للأخوة الإنسانية تشكل جوهر حياتنا في الإمارات العربية المتحدة، فلدينا ثقافة نعتز بها، وفي الوقت نفسه بنينا هذا الوطن بمساهمات من أكثر سكان العالم تنوعاً ثقافياً، ويشرفنا أن نسير على درب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» الذي التزم بالتسامح والأخوة الإنسانية بوصفهما مكوناً أساسياً لنجاح بلادنا، وتبدو قيم التسامح والرحمة والأخوة والحوار في قيادته لدولة الإمارات العربية المتحدة نحو المستقبل، حيث يعتمد سموه على عقله وضميره في تقديره الآخرين من خلال أفعالهم، وليس من خلال جنسيتهم أو دينهم أو عرقهم أو جنسهم أو ثقافتهم، وقد أدت جهوده والتزامه بالسلام والوئام العالميين إلى إعلان أبوظبي التاريخي للأخوة الإنسانية قبل أربع سنوات، التي وقعها قداسة البابا فرانسيس وفضيلة الشيخ الدكتور أحمد الطيب خلال زيارتهما التاريخية لأبوظبي في عام 2019.
وأوضح معاليه أنه في ظل قيادة وتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، كان للإمارات دور فعال في إعلان الأمم المتحدة يوم 4 فبراير يوماً دولياً للأخوة الإنسانية، معبراً عن عظيم شكره وتقديره لصاحب السمو رئيس الدولة وقداسة البابا وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر على منح العالم إعلان أبوظبي التاريخي للأخوة الإنسانية وإتاحة الفرصة للاحتفال فهذا اليوم بقيمنا ومبادئنا المشتركة.
وقال معاليه: «تشرفت العام الماضي بالتحدث إليكم، وعبرت عن سعادتنا بانضمامكم إلينا في رحلة نشر التسامح والأخوة الإنسانية في جميع أنحاء العالم، وأطلقنا التحالف العالمي للتسامح لنشر رسالة وثقافة التسامح والأخوة الإنسانية، وتابع معاليه «نستمد إلهامنا من الإمكانات الهائلة للتحالف العالمي للتسامح»، والذي يهدف إلى المساهمة في إرساء مجتمع محلي وإقليمي وعالمي أكثر سلاماً وانسجاماً وازدهاراً، وقدمنا مجموعة من الأهداف للتحالف التسامح العالمي تشمل التوعية بالتسامح والأخوة الإنسانية وفوائدهما للمجتمع والعالم، وتبادل المعرفة بأفضل الممارسات التي تعزز وتشجع على ترسيخ التسامح والأخوة الإنسانية في المجتمع والعالم، والاحتفال بالأخوة الإنسانية والمبادرات والأمثلة المؤيدة للتسامح في جميع أنحاء العالم. وخلق فرص للمشاركة المجتمعية المحلية والدولية لتعزيز التسامح والأخوة الإنسانية، معرباً عن سروره بالتقدم المحرز بالفعل في تحقيق هذه الأهداف».
التحالف العالمي للتسامح
وأكد معاليه أن المبادرات المقترحة والمناقشات المخطط لها اليوم تبشر بالخير لمستقبل التحالف العالمي للتسامح، معبراً عن استعداده الكامل للمضي قدماً في التحالف العالمي للتسامح، الذي تتسع أهدافه لتغطي كافة القضايا العالمية، ولا سيما واحدة من أهم القضايا العالمية، وهي السعي لحماية وتحسين البيئة الطبيعية من تهديد تغير المناخ، فحماية البيئة والحفاظ على الاستدامة الاقتصادية والمجتمعية واحدة من العديد من القضايا التي تم تسليط الضوء عليها في إعلان أبوظبي للأخوة الإنسانية.
قيم التعايش والحوار والتسامح
من جانبه أكد الأسقف ميسروب ساركيسيان مطران الكنيسة الأرمنية في دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، أن دولة الإمارات أثبتت عن جدارة سعيها نحو تعزيز قيم التعايش والحوار والتسامح المشترك بين كافة الشعوب المتواجدة على أراضيها، وذلك بتنظيم القمة العالمية للتسامح والأخوة الإنسانية.
وقال:« أنا باعتباري من أحد ممثلي الطوائف في هذه الدولة العظيمة، أناشد العالم بأخذ العبرة من هذا المثال المتكامل من أجل تعزيز قيم الأخوة الإنسانية والتسامح بين المجتمعات وذلك للحفاظ على النسيج الاجتماعي بين الشعوب والطوائف ومواجهة التحديات كافة».
عام الاستدامة
نبه معالي الشيخ نهيان بن مبارك إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» حدد هذا العام عاماً للاستدامة في الإمارات، وتوج باستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP 28 في وقت لاحق من هذا العام، مؤكداً أن دولة الإمارات تؤمن بأن الاستدامة هي مسؤولية المجتمع بأكمله، وعندما يتعلق الأمر بالبيئة، فإن المجتمع المسؤول هو بالضرورة عالمي، فتغير المناخ لا يعترف بالحدود، ولكي يكون المجتمع العالمي فعالاً، يجب أن يكون مفعماً بروح التسامح والأخوة الإنسانية، لأن تحقيق النجاح المنشود يتطلب مشاركة الجميع، بغض النظر عن اختلافاتهم أو خلفياتهم، كما إن الأخوة الإنسانية هي الطريق السديد لدفع الحكومات والمؤسسات والصناعات والشركات، والشعوب بشكل عام، إلى العمل الفعال والمفيد والسلمي والموحد للمجتمع.
وأشار معاليه إلى أنه من خلال مواجهة العديد من التحديات المرتبطة بالاستدامة، فإن التحالف العالمي للتسامح لديه فرصة لإظهار أثر فضائل الأخوة الإنسانية والتسامح على الرفاهية الاجتماعية في جميع أنحاء العالم. وكجزء من التحالف، تخطط وزارة التسامح والتعايش لإطلاق مشروع الاستدامة هذا العام تحت شعار «الأخوة الإنسانية هي عامل تمكين للاستدامة»، مؤكداً أن نجاح هذا المشروع يتطلب إقامة شراكات فعالة والتزاماً قوياً بالخدمة العامة على كل مستويات المجتمع العالمي، ولذا يسعد وزارة التسامح والتعايش التواصل مع الجميع لاستطلاع الأفكار والآراء في هذه القمة وما بعدها.
برثلماوس نثنائيل يوسف: نبذ ثقافة العنف والكراهية وازدراء الأديان
قال برثلماوس نثنائيل يوسف مطران السريان الأرثوذكس في الإمارات ودول الخليج، لقد أسهمت وثيقة الأخوة الإنسانية في تعزيز قيم التسامح والعيش المشترك، كما نشرت مبدأ الحوار وثقافة قبول الآخر بين جميع المجتمعات متعددة الإثنيات والأعراق، حتى أصبحت وثيقة الأخوة الإنسانية مسؤولية عالمية تعزز ثقافة المواطنة والوعي بين جميع مكونات الشعوب، للعيش بمحبة وسلام وتعاون ومشاركة بين الجميع على اختلاف إنتماءاتهم الدينية والعرقية، وهذا ما أسهم في نشر الأمن والآمان في البلاد التي تتعدد فيها الإثنيات والجنسيات.
ولفت إلى أنه بات واضحاً جداً، أن قيادة الدولة الحكيمة في الإمارات العربية المتحدة، أولت اهتماماً كبيراً لهذه الوثيقة باعتبارها ركناً أساسياً في تعزيز الأمن والسلام ونشر الأمان في المجتمعات، وتعميق أواصر الأخوة الإنسانية والعيش السلمي ونبذ ثقافة العنف والكراهية وازدراء الأديان. وهذا ما تجده اليوم وتعيشه في دولة الإمارات من أمنٍ واستقرار وعيش سلمي ومشترك ينعم فيه المواطن والوافد على حدٍ سواء.
محمد عبد السلام: وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية مصدر إلهام لكل محبي الخير والتعايش
أعرب الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، المستشار محمد عبد السلام، عن فخره واعتزازه بأن أصبحت وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية مصدر إلهام لكل محبي الخير والتعايش والسلام حول العالم، حيث تبنتها العديد من الدول وقادة وزعماء الأديان بالإضافة إلى إدراجها في العديد من برامج التعليم في أعرق الجامعات العالمية، مؤكداً أن انعقاد القمة العالمية للتسامح والأخوة الإنسانية بالشراكة بين وزارة التسامح والتعايش ومجلس حكماء المسلمين تزامناً مع الاحتفاء باليوم الدولي للأخوة الإنسانية والذي يوافق الذكرى الرابعة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، الوثيقة الأهم في التاريخ الإنساني الحديث، يستهدف توجيه رسالة إلى ضمير العالم ورموزه الدينية، وقياداته المجتمعية، ونخبه الفكرية والثقافية، والمؤثرين من إعلاميين وشباب عن الأهمية الحاسمة للعمل في سبيل تعزيز الأخوة الإنسانية خاصة في ظل ما تواجهه الإنسانية من مخاطر الكراهية والعنصرية والخوف المرضي من الآخر. وأكد الأمين العام أن عصرنا هو عصر الحاجة الروحية الماسة للدين، ولعطاءات الإيمان والتمسك بقيمه السمحة وتعاليمه السامية، وصوت الحكماء من قادة الأديان ورموزها، ليكون الدين عامل مؤاخاة بين الناس، ومقوم بناء للسلام بينهم على اختلاف الدين والقومية واللغة.
وأوضح المستشار عبد السلام أن هذا المنتدى العالمي للتسامح والأخوة الإنسانية يمثل فرصة حقيقة للتلاقي، وللتفكير سوياً في حجم المشكلات الكبرى التي تكابدها البشرية، ولاقتراح حلول لها تنسجم مع الإيمان الديني للأفراد، والخصائص الثقافية للمجتمعات.
بيرترام ماير: «الوثيقة» إجابة صادقة لما يواجهه العالم من أسئلة وجودية
أعرب نيافة المطران الدكتور بيرترام ماير رئيس لجنة الشؤون الكنسية الدولية التابعة لمؤتمر الأساقفة الألمان وأسقف كاثوليكي مسؤول عن الحوار بين الأديان في ألمانيا عن سعادته بالمشاركة في القمة، وتقدم بالشكر لوزارة التسامح والتعايش وكذلك مجلس حكماء المسلمين على دعوتهم الكريمة وعلى كل جهودهم لتوطيد أواصر الأخوة الإنسانية.وقال: مع إيماني الكامل بأننا كأخوة لدينا القدرة، التي يجب ان تتحلى بالالتزام بالمشاركة في تعاون أكبر، لمواجهة التحديات على أساس القيم المشتركة، لتقليل التوترات والصراعات، وتعزيز التفاهم والتقدير للثقافات المختلفة، والدعوة إلى العدالة في ظل ما نوجهه من ظروف لاقتصادية عالمية، لمعاملة كل إنسان باحترام، فالأخوة ليست بأي حال من الأحوال سلعة فاخرة، ولكنها مسألة بقاء.
وقال:«دعونا لا نغمض أعيننا عن جراح عصرنا، وما بها من اختلال العدالة، وأزمة المناخ والكوارث البيئية الأخرى، والقسوة تجاه اللاجئين، والحرب والخلاف بين الشعوب، وأعتز كثيراً بأن مواجهة هذه الأسئلة الوجودية تشكل الأساس الراسخ الذي انطلقت منه وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية.. وأوضح المطران الدكتور بيرترام ماير أن البابا فرنسيس قد تناول فكرة العلاقة «الأخوية» بين جميع الناس وتطويرها، واصفاً إياها بقوله «إنها صداقة اجتماعية لا تستثني أحدًا وأخوة مفتوحة للجميع». لأننا جميعًا مرتبطون ببعضنا بعضاً من خلال علاقتنا مع الخالق، الذي أوكل إلينا الاهتمام بالأرض، مؤكداً أن الإدراك المخلص لحقيقة أننا مخلوقات الله يمكن أن يحمينا من إغراء الغطرسة ومن ثم تلعب الأديان دوراً مهماً في ظل سيطرة الحداثة والعلمانية، وكما قال البابا «الأديان مدعوة لمساعدتنا على فهم أن مركز كل شخص يقع خارج نفسه، وأننا نتجه نحو الله ونحو الآخر الذي هو جارنا»..
جواد الخوئي: السلام أهم مبادئ الأخوة الإنسانية وجسرِ التواصلِ مع الآخَرينَ
قال الدكتور جواد الخوئي في كلمته إلى القمة إنَّ الأديانَ هي رسائلُ إلهيةٌ جاءتْ لهدايةِ البشرِ إلى السلامِ والمودَّةِ والتسامُحِ والتعاوُنِ، فليس هنالكَ مفهومٌ مشترَكٌ بينَ الأديانِ السماويةِ أكثرُ عمقاً من مفردةِ السلامِ على اختلافِ اشتقاقاتِها واستعمالاتِها في أبعادِها الإنسانيةِ كافَّة، فالسلامُ هو فِطرةٌ إنسانيةٌ وهدفٌ نبيلٌ لجميعِ الأُمَمِ والشُعوبِ.
وأضاف: «لقد أدّى هذا المفهومُ دوراً مهمًّا في العصرِ الراهنِ، فما سيادةُ القانونِ والتكافُلُ الاجتماعيُّ والتعايُشُ السِلميُّ ونبذُ العنفِ وتحقيقُ مبدأِ المواطنةِ والمساواةِ والعدالةِ والحرِّياتِ العامّةِ إلا مفاهيمٌ تنشدُ جميعُها تحقيقَ السلامِ.
وأوضح أن النُخَبَ اليومَ مَعنِيَّةٌ أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى بمواجهةِ جملةٍ من التحدِّياتِ التي من شأنِها أنْ تُعرقِلَ بناءَ السلامِ والمُصالَحةِ وخلقَ بيئةٍ مناسبةٍ للعيشِ المشترَكِ في المجتمعاتِ المتنوِّعةِ دينيًّا وعِرقيًّا، ومن أهمِّها عدمُ التعرض بالسوء لمقدَّساتِ ورموز الآخَرِينَ والنيلِ منها، واستفزازِ مئاتِ الملايينِ على أساسِ مواقفَ تصدُر عن بعضِ المحسوبينَ على أتباعِ هذه الأديانِ، لذا ندعو الأمم المتحدة إلى تشريعِ قانونٍ دوليٍّ لتجريمِ الاعتداءِ على رموزِ الأديان ومُقدَّساتِها، فالأديانَ تدعو من خلالِ أحكامِها وأهدافِها إلى تربيةِ أتباعِها على السلامِ والمَحَبَّةِ، فالسلامُ رسالةٌ ملأَتِ الكتبَ المقدَّسةَ، والسلامُ اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ الحُسنى.
واختتم كلمته قائلاً: «إنَّ الدعوةَ إلى السلامِ والعملَ على تحقيقِهِ ومواصلةَ دعمِهِ هي أُسُسٌ عقلانية فضلاً عن كونها دينية تأخُذُ بالبشريّةِ إلى الاستقرارِ العادلِ الذي يؤدِّي إلى فتحِ الآفاقِ الواسعةِ أمامَ الإنسانِ لتطويرِ قُدُراتِهِ وتنميةِ مهاراتِهِ، وإطلاقِ مواهبِهِ لتعزيزِ شخصيّتِهِ، وإقامةِ جسورِ التواصُلِ مع الآخَرينَ بغضِّ النظرِ عن أعراقِهِم وألوانِهِم وعقائِدِهِم».
إياد أبو مغلي: ضرورة إطلاق ميثاق اجتماعي اقتصادي بيئي لازدهار البشرية
قال الدكتور إياد أبو مغلي مدير «مؤسسة الإيمان من أجل الأرض، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة»، إن وثيقة الأخوة الإنسانية تبدأ باسم الله الذي خلق الأرض لتعيش فيها، ويتمتع بحقوق وكرامة ومسؤوليات متساوية مع قيم الحب والسلام، ومع ذلك استغلت الإنسانية الأرض لعقود من الزمان بشكل مفرط، ودمرت مواردها الطبيعية، مما تسبب في عدم المساواة بين الأمم والشعوب، والبؤس للفقراء والمحرومين، وهي آثار يجب مواجهتها، حيث تتفق جميع الأديان على المسؤولية الروحية والأخلاقية للإنسان تجاه الأرض، وتملي العديد من الأديان ما يأكله الناس ويشربونه وكيف يجب أن يمشوا على الأرض، لذلك تؤثر تلك القيم على السلوك الفردي والمؤسسي تجاه الطبيعة والموارد الطبيعية، وتؤكد دراسة العلاقة بين أنظمة المعتقدات والسياسة البيئية على حتمية وضع الفاعلين الدينيين في طليعة الإدارة البيئية.
وأضاف«أن للأديان قوتين مهمتين يمكنهما التأثير على نموذج إنمائي جديد، وميثاق اجتماعي واقتصادي جديد بين الناس ومع البيئة المحيطة بهم، من شأنه أن يوفر كوكباً صحياً وازدهاراً للبشر الذين يعيشون في وئام مع بعضهم بعضاً ومع الطبيعة، وهما قوة الاقناع حيث أكثر من 84٪ من الناس يؤمنون بدين أو معتقد روحي، والقوة الثانية هي القوة الاقتصادية، حيث إن المؤسسات الدينية هي رابع أكبر اقتصاد في العالم، وتمتلك المؤسسات الدينية 8 في المائة من الأراضي الصالحة للسكن على وجه الأرض.
المصدر: جريدة الاتحاد، إبراهيم سليم (أبوظبي) 7 فبراير 2023 02:40