نقطة الانطلاق نحو قيادة وتطوير الاستدامة العمرية في الإمارات

شبكة بيئة ابوظبي، حوار مع ديمتري كامينسكي، الشريك العام، مجموعة المعرفة المتعمّقة، 30 ابريل 2023

الإمارات تتصدر المنطقة في النهوض بقطاع الشيخوخة الصحية. ماذا يعني هذا الإنجاز على أرض الواقع؟
قبل ربع قرن تقريباً، ظهر قطاع علوم الحياة في دولة الإمارات. وكانت حينها صناعة الأدوية والرعاية الصحية المحرك الرئيسي للنمو ضمن هذا القطاع. ومنذ ذلك الحين، احتلت الإمارات مركز الصدارة في مجال علوم الحياة إقليمياً. وأصبحت اليوم تلك الرؤية والانجازات عالمية المستوى، مع توافر بنية تحتية وخدمات رعاية صحية استثنائية داخل الدولة.
وتستمر الإمارات في المحافظة على مركزها الريادي إقليمياً وتعزيز مكانتها عالمياً ضمن قطاع الشيخوخة الصحية الناشئ نسبياً. وبرزت الإمارات من خلال تبني البيانات والتحليلات المتعمّقة التي تمثل أول خطوة للنهوض بالقطاع، من خلال تعزيز المعرفة ورفع مستوى الوعي والبدء بتطوير سياسات الشيخوخة الصحية الوطنية مع تزايد عدد المسنين.

ونشهد اليوم اهتمام متزايد بشأن الرعاية الصحية للمسنين بسبب تزايد عدد هذه الفئة من السكان. وتهدف هذه الجهود لتطوير مزيد من مرافق الرعاية الصحية التي تستهدف كبار السن، وتشييد عيادات متخصصة بالشيخوخة الصحية، واستقطاب تقنيات متطورة واستثمارات إلى القطاع، وتشجيع الشركات الناشئة والابتكارات التكنولوجية للمساهمة بتطوير القطاع.

ما هي الخطولت التالية المتوقعة ضمن قطاع الشيخوخة الصحية في الإمارات؟
حالياً هناك توجه عام للتحول من النهج العلاجي، الذي ينص على محاولة تجنّب العبء الاقتصادي الناتج عن النسبة المتزايدة من السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 عام وما فوق، إلى النهج الوقائي والاستباقي، الذي يتمحور حول إطالة العمر الصحي للسكان. ويعود إتمام هذا التحول من النهج العلاجي إلى النهج الوقائي بالعديد من الفوائد، مثل تطوير الفرص الاجتماعية والاقتصادية عن طريق إطالة فترة مشاركة القوى العاملة في سوق العمل وإنتاجيتهم، فضلاً عن تخفيض عبء الرعاية الصحية للمسنين وبالتالي تحقيق النمو الاقتصادي نتيجة النهوض بالقطاع.

تاريخياً، لطالما كان تركيز السياسات الوطنية على الشباب. أما اليوم، هناك تركيز على تلبية احتياجات كبار السن أيضاً، بسبب الأثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية نتيجة تزايد عدد المسنين. تدرك الدول المتقدمة أهمية تطوير خطط رعاية الشيخوخة المستدامة على الصعيد الوطني، إذ نشهد مستويات ملحوظة من التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمستثمرين الذين يلعبون دوراً مهماً في النهوض بالقطاع.

وتتمحور الخطوات التالية حول تطوير البنية التحتية لقطاع الشيخوخة الصحية وبناء الاستراتيجيات عن طريق إجراء تحليلات مفصّلة للعمر الافتراضي أولاً، يشمل الشركات والمستثمرين ومراكز البحوث والتطوير والمؤسسات الأكاديمية وكافة المتخصصين العاملين في هذا المجال.

ويتمثل دورنا في المساعدة على تعزيز الفرص المهنية للطلاب من خلال إنشاء برنامج تعليمي يركز على الشيخوخة الصحية داخل الجامعات في الإمارات. ومن خلال غرس ثقافة التعلّم بالمناهج الدراسية، سنتمكّن من تزويد قادة المستقبل بالمعرفة اللازمة لمعالجة مشاكل الشيخوخة وتعزيز سياسات الاستدامة العمرية الوطنية، وبالتالي توفير مصادر جديدة للنمو الاقتصادي.

ما هو سوق الشيخوخة الصحية وماذا يشمل؟
يمكن الإشارة إلى قطاع الشيخوخة الصحية كمنصة تعنى بالاستمرارية العمرية الصحية. ويشمل القطاع عدة فروع منها علم الشيخوخة والعلاجات الطبية الحيوية، والطب التجديدي الذي يمثّل فرع مهم من الأبحاث المختصة بهندسة الأنسجة وعلم الأحياء الجزيئ لتجديد خلايا وأعضاء البشر. ونظراً لأهمية هذا القطاع وحجمه، تقوم الحكومات المتقدمة اليوم بالنظر في التحديات ضمن هذا المجال، وهناك حاجة ملحّة لتغيير المواقف الوطنية اتجاه الشيخوخة.

يشمل قطاع الشيخوخة الصحية عدة تقنيات وبرامج تهدف إلى تحسين الصحة وإطالة العمر. وكونه يتضمن عدة قطاعات فرعية مثل التكنولوجية الحيوية والأدوية والتكنولوجية المالية وتكنولوجية التأمين وغيرها، هناك توقعات بنمو هذا القطاع بشكل كبير على مدى السنوات القادمة.

ما هي السبل التي تتبعونها لتعزيز المعرفة بهذا القطاع ودعم نموه؟
يتمثّل دورنا بتقديم الدعم من خلال إقامة شراكات مع مؤسسات حكومية وخاصة، نهدف من خلالها إلى رسم خريطة طريق قطاع الشيخوخة الصحية في الإمارات وتعزيز المعرفة بالقطاع محليًا ودوليًا، والتحضير لاعتماد أفضل الممارسات والسياسات ضمن القطاع على الصعيد الوطني.

إن أحد أهم ركائز هذا النوع من الشراكات هو تحديد المحركات الرئيسية لقطاع الشيخوخة الصحية داخل الدولة، والنهوض بالقطاع عن طريق التنسيق مع المؤسسات الحكومية المعنية ووضع الخطط والسياسات لتحقيق أقصى قدر ممكن من الصحة والعائد للدولة. ونهدف أيضاً إلى تقديم الدعم في مجال إعداد قادة المستقبل من خلال تعزيز معرفة الطلبة بالقطاع، باعتبارهم عامل أساسي لدفع عجلة النمو في المستقبل.

ومن الناحية التقنية، نلعب دوراً مهماً من خلال الاستثمار في الشركات الناشئة ضمن القطاع. ونقوم بتوفير البيانات والإحصاءات حول كافة قطاعات التكنولوجيا التابعة للشيخوخة الصحية عن طريق إجراء دراسات تحليلية معمّقة لاتجاهات السوق. يرتكز دورنا على توفير نقطة الانطلاق نحو قيادة وتطوير وتسويق قطاع الشيخوخة الصحية.

ما هو الأثر الاقتصادي المتوقع لهذا القطاع في دولة الإمارات؟
بحسب تقرير صدر مؤخراً من وكالة “تحليلات المعرفة المتعمّقة” (Deep Knowledge Analytics) بعنوان “علوم الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة” بالتعاون مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار(SRTIP) ، نتوقع أن يتجاوز قطاع الشيخوخة الصحية في الإمارات حاجز الـ 32 مليار دولار بحلول عام 2026. وأبرز محفزات النمو هي زيادة الطلب المحلي والصادرات من المنتجات والخدمات ضمن القطاع وتعزيز مستوى الدعم الحكومي للشركات الناشطة ضمن القطاع، من شركات الأدوية الكبرى إلى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية.

ومن أجل تحقيق النمو المستدام في مجال صناعة الأدوية في الإمارات، اعتمدت الجهات الحكومية سلسلة من الخطط الاستراتيجية. على سبيل المثال، تقوم كل من استراتيجية دبي الصناعية 2030 ورؤية أبوظبي 2030 بمنح الأولوية لصناعة الأدوية، نظراً لإمكانات النمو المستقبلية وفرص التصدير والأثر الاقتصادي الناتج عنها.

وتركّز الإمارات أيضًا على جذب شركات الأدوية العالمية لتأسيس وتوسيع وجودها في الدولة، خاصةً في المناطق الحرة التي أصبحت بمثابة مراكز إقليمية لشركات الأدوية العالمية.

بالحديث عن اقتصاد المعرفة، كيف يدعم التقارب بين اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا نمو الناتج الإجمالي المحلي؟
يمثل اقتصاد المعرفة محرك نمو أساسي للاقتصاد العام في دولة الامارات، وخاصةً مع احتفال الإمارات مؤخراً باليوبيل الذهبي ومواصلة الجهود الحكومية اتجاه رؤيةالقيادة الرشيدة، التي تهدف إلى تحقيق اقتصاد تنافسي معرفي مبني على الابتكار.

ومن الصعب اليوم تواجد اقتصاد معرفي من دون بيانات وتحليلات متعمّقة. فبالنسبة لدور المعرفة والتكنولوجية في تنمية الاقتصاد، تمكننا التكنولوجية بدعم البحوث المتعمّقة بهدف توفير المعرفة، التي بدورها تساعد على تعزيز ثقافة الاستمرارية العمرية الصحية، وبالتالي سوف نشهد أثر إقتصادي إيجابي جرّاء تطور قطاع الشيخوخة الصحية. وأبسط الأمثلة هي النمو الاقتصادي الناتج عن استمرارية الانتاجية لفترة أطول ضمن فئة المسنين الصحيين.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

التغيرات المناخية وتداعياتها على حركة الكتل الصخرية في المنحدرات الجبلية باليمن وادي حضرموت انموذجاً

شبكة بيئة ابوظبي، إعداد المهندس صالح احمد مجوحان، ماجستير مخاطر طبيعية، اليمن 22 يوليو 2024 …