على المطورين العقاريين الاستعداد للتحوّل إلى الممارسات المستدامة أو المخاطرة بفقدان زخمهم في السوق
التصميم والهندسة المعمارية المستدامة للمباني ستصبح بمثابة الزوج المثالي في عالم العقارات
شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، غوراف أيداساني، المؤسس والعضو المنتدب لشركة يونيون سكوير للوساطة العقارية 23 مايو 2023
لطالما كانت دولة الإمارات في طليعة المبادرات البيئية، إذ تستمر القيادة الرشيدة بتحديد الأهداف الطموحة في مجال الطاقة المتجددة في حين تواصل التزامها الراسخ بالحياد الكربوني. في ظل جهود الدولة للارتقاء بالاستدامة عالمياً، ما هي الآثار المترتبة على القطاع العقاري على المدى المتوسط والطويل؟
تمثّل العقارات قطاعاً حيوياً في الاقتصاد الوطني المتنامي لدولة الإمارات، ولذلك فإن الإجابة على هذا السؤال ستصبح واحدة من أهم أولويات الحكومة الإماراتية في السنوات القادمة.
تحوّل المطورين باتجاه المباني الصديقة للبيئة والموفرة للطاقة
مع ازدياد أهمية الحد من انبعاثات الكربون، سينصبّ تركيز دولة الإمارات على تشجيع المطورين على تبني ممارسات البناء المستدامة. إن التحوّل نحو مشاريع أكثر استدامة يعد أمراً مفيداً من حيث خفض التكاليف وتعزيز جاذبية العقارات بين المستثمرين الذين يركزون على الاستدامة كجزء محوري من عملية صنع القرار عند شرائهم للعقارات.
أولاً، ستشهد المباني والمرافق الحالية المتوافقة مع المعايير الخضراء زيادة في الطلب. وثانياً يمكن أن يتم استبدال المباني القديمة أو تحديثها لتلبية هذه المعايير. لذلك، يجب على المطورين اليوم اعتماد نهج استباقي والبدء في الاستفادة من الواقع القادم.
…وبين المستثمرين وأصحاب المنازل أيضاً
نشهد كل عام ازدياد في مستوى الوعي بين المستثمرين بتداعيات التغيّر المناخي. إن تنامي “العقلية المتمحورة حول البيئة” سيعزز من جاذبية ناطحات السحاب ومباني المكاتب والشقق السكنية الصديقة للبيئة بالنسبة للمستثمرين. وسيقوم في نهاية المطاف أصحاب المنازل والمستأجرين أيضاً بالتعاطف مع ممارسات البناء والصيانة المسؤولة بيئياً.
ارتفاع تكاليف العقارات التي لا تفي بمعايير المباني الخضراء
شهدت دولة الإمارات في الآونة الأخيرة زيادة مطردة في اللوائح المتعلقة بتنفيذ معايير المباني الخضراء. قد تسعى الحكومة قريباً إلى إصدار المزيد من التوجيهات التي تمكّن المطورين من زيادة الكفاءة عن طريق استخدام التكنولوجيا واعتماد الممارسات البيئية لإدارة النفايات على سبيل المثال، والتي يجب على المطورين وشركات إدارة المرافق تبنيها. ويمكن أن يكون لتنفيذ هذه السياسات أثر ملحوظ على تكلفة خدمات البناء والصيانة، مع احتمال تفضيل الحلول الأكثر كفاءة على البدائل التقليدية من قبل المستثمرين. فيمكن لمثل هذه التغييرات أن تؤثر على القيمة السوقية للعقارات، وبالتالي قد يستفيد المطورون الذين يستوفون المتطلبات الخضراء من عوائد مالية أكبر مقارنةً بأولئك الذين يعملون ضمن الإطار التنظيمي الحالي.
التركيز على التصميم والهندسة المعمارية المستدامة
من المتوقع أن يصبح التصميم والهندسة المعمارية المستدامة للمباني بمثابة الزوج المثالي في عالم العقارات. وفي حين أصبحت القضية البيئية أكثر أهمية من أي وقت مضى، فمن المتوقع أيضاً أن تصبح العقارات المستدامة ذات قيمة غير مسبوقة. يتمتع المطورون الإماراتيون بفرصة فريدة للاستفادة من درجات الحرارة الحارقة في البلاد، وذلك من خلال إنشاء مبانٍ صديقة للبيئة لا تجذب المستثمرين الناشطين ضمن السوق الاستثماري للحوكمة البيئية والاجتماعية فحسب، بل تقلّل أيضاً التكلفة عن طريق الاستفادة من مصادر الطاقة الشمسية التي يمكن دمجها في الأبنية. وقد تساهم المباني التي تتضمن تقنيات موفرة للطاقة وأسطح خضراء ومصادر طاقة متجددة في استقطاب المستثمرين والمشترين المستعدين لدفع علاوة مقابل العقارات التي تتوافق مع قيمهم.
على سبيل المثال، تشمل الجهود المستدامة لبرج خليفة في دبي مخططاً مبتكراً يستخدم ألواح الطاقة الشمسية لتسخين 140 ألف لتر من المياه يومياً، ليتم توزيعها على الوحدات السكنية والتجارية ضمن البرج. وتساهم تقنية تسخين المياه بالطاقة الشمسية في توفير ما يعادل 3200 كيلوواط يومياً أو 690 ميجاواط ساعة سنوياً. إن المقر الرئيسي لـ “مجموعة بيئة” في الشارقة والذي صممته شركة زها حديد للهندسة المعمارية يعد مثالاً آخر على التكامل بين ممارسات البناء المستدامة والتكنولوجيا المتطورة.
تشجيع استخدام مواد البناء المستدامة
ينتج عن مواد البناء المستدامة المستخدمة في الأبنية الحديثة آثار كربونية أقل، إذ يمكن أن تساعد هذه المواد الخضراء في تقليل استهلاك الطاقة. ونتيجة لذلك، قد يتحيّز المستثمرين للعقارات التي يتم بناؤها باستخدام مواد مستدامة، خاصةً وأن العالم أصبح أكثر درايةً بالأثر البيئي لمواد البناء التقليدية. في المستقبل، لن يرى العالم المباني الأيقونية من منظور الفخامة والعلامات التجارية المشهورة فحسب، بل أيضاً من منظار مواد البناء المستدامة المستخدمة.
تركيز أكبر على المسؤولية الاجتماعية للشركات بين المطورين
مع تكثيف الدعوة إلى الاستدامة عبر جميع القطاعات والبلدان، من المتوقع أن يبدأ المطورون في إعطاء الأولوية للمسؤولية الاجتماعية كركن أساسي يتجذّر في أعمالهم التجارية. ومن خلال اعتماد الممارسات البيئية وسياسات الاستدامة بشكل أكثر شمولية، سيتمكن المطورون من اتخاذ نهجاً استباقياً للحفاظ على البيئة والسعي لتنفيذ الجهود الداعمة للمساعدة في الحفاظ على المجتمعات المحلية التي يعملون فيها. على المدى الطويل، سيؤدي هذا التوجه العام نحو حياة أكثر استدامة إلى تعزيز الطلب على كافة الأبنية المستدامة، بما في ذلك العقارات السكنية والمكاتب والمرافق الصناعية.