حقاً تُظهِر الأدلة التجريبية أن الشمول المالي أداة للمساعدة في تلبية احتياجات الأزمات الإنسانية

شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، كبير مستشاري برنامج الخليج العربي للتنمية، أجفند، 03 يوليو 2023

أشارت صاحب الجلالة ملكة هولندا وبصفتها المدافعة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة عن التمويل الشامل للتنمية (UNSGSA) وفي الدورة السنوية للمجلس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) ، التي عقدت من روما في 26 يونيو 2023، إلى أن ” الصراع تسبب في دفع 103 ملايين شخص إلى مغادرة منازلهم بحلول منتصف عام 202، و تؤثر الأحداث المناخية المتطرفة بشكل عميق على سبل العيش والمجتمعات. وفي كل يوم ، يستيقظ 345 مليون شخص وهم يواجهون انعدام الأمن الغذائي”. كما أشارت إلى “أن الأدلة التجريبية تظهر أن الشمول المالي يمكن أن يكون أداة فعالة للمساعدة في تلبية هذه الاحتياجات وبناء مصدات لمواجهة أسوأ الأزمات” .

أشار الخطاب الى موضوعات هامة متعلقة بدور الشمول المالي خلال الأزمات. لأهميتها وفي هذا المقال نستعرض بالتعليق أهم ما جاء في خطابها فيما يتعلق بالشمول المالي عبر الهاتف المحمول والتحويلات المالية وتطور التكنولوجيا المالية وتأثير مشكلات النوع على الشمول المالي للمرأة.

أهم الحقائق والرؤي التي جاءت في الخطاب بخصوص الموضوعات أعلاه مايلي:
· الفوائد العديدة للشمول المالي لم تصل بعد إلى معظم الناس الذين يعانون من الأزمات لأن أكثر من 75٪ منهم غير مرتبطين بأي شكل من الأشكال بالنظام المالي الرسمي.
· الهاتف المحمول يوفر مرونة للمستلمين للأموال لاختيار كيف ومتى ينفقون أموالهم. كما يكتسبون أيضًا خيارات لتوفير مبالغ صغيرة ، والاستعداد للنفقات المستقبلية ، وبناء المرونة.
· التحويلات المالية للأسر الفقيرة هامة في الحصول على الغذاء والماء والأدوية ،
· من خلال الخبرة في استخدام الأموال عبر الهاتف المحمول ، يمكن بناء الثقة لاستخدام الخدمات المالية الأخرى مثل التأمين. والتحويلات النقدية وربما المساهمة في تشجيع مشاركة النساء والرجال في مجموعات مدخرات مجتمعية للوصول للخدمات المالية.
· يمكن أن تؤدي التكنولوجيا المالية الناشئة والآمنة للبيانات وترتيبات التمويل المفتوح إلى حلول أكثر تخصيصًا وملاءمة لتقديم الخدمات المالية للمحتاجين خلال الأزمات
· يجب أن تكون المرأة في مقدمة ووسط كل حل، حيث تُضاعف المعايير التقييدية المتعلقة بالنوع الاجتماعي الحواجز أمامها لتحقيق الشمول المالي في ظل الأزمات

لا شك أن تعزيز الوصول إلى التمويل والخدمات المالية عبر أستخدام التكنولوجيا المالية لتعزيز الخدمات المالية الرقمية من الممكن أن تسهم بشكل كبير في مواجهة تحديات كثيرة ليس فقط تحديات عدم الاستقرار بل تمتد لتشمل الأحداث المناخية المتطرفة عبر الصمود، والتخفيف من حدة البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية وعدالة النوع، والتحوط في المستقبل من أجل مواجهة أسوأ الأزمات المحتملة. التكنولوجيا المالية ليست محل إهتمام الدول والمؤسسات المالية فحسب بل أيضا المنظمات والهيئات الدولية مثل برنامج الغذاء العالمي. فلا غرو أن خطاب صاحب الجلالة ملكة هولندا ركز عليها لأهميتها في تحويل المساعدات المالية بسرعة وأمان للجهات المستهدفة التي تمر بأزمات للتمكن من شراء الطعام والحصول على مأوى بأسرع ما يكون. الأمر المشجع حقيقة أن هنالك تحول دولي ملحوظ و تسارع لتبني التحول الرقمي، كما أن هنالك إرهاصات قوية بأن التحول نحو المدفوعات الرقمية سيكون أمرا دائماً ومتسارعاً وليس عابراً أو راكداً. كما أن تسارع الابتكارات والحلول التقنية يظهر همة شركات التكنولوجيا المالية (فينتك) وشركات الاتصالات في تبني تحولات متسارعة، فضلا عن مواكبة كثير من التشريعات والتنظيم المرتبط بهذه التحولات، حتى في الدول النامية. ولكن الشيء المزعج أن هنالك أعداد كبيره في العالم تقدر بالمليارات لا يمتلكون حسابات مصرفية لإجراء المعاملات المالية الأساسية كالتحويلات و تلقي الأموال والقيام بعمليات الإيداع والادخار.

وفي إطار الشمول المالي تبرز الحاجة الملحة لمزيد من الاهتمام بأنشطة التحويلات والمدفوعات الصغيرة داخل الدول و عبر الحدود، كما أن هنالك ضرورة لتعزيز كفاءة وتسهيل مثل هذه المعاملات وإدماجها في المعاملات الرسمية، وتوسيع قاعدة الخدمات المالية عبر المؤسسات المالية صغيرة الحجم، وبذل المزيد من الجهد للوصول إلى اكبر عدد من بنوك التنمية المجتمعية متعددة الأطراف والتي تعمل بنظام يحقق الاستدامة المالية والتشغيلية بمساهمات من القطاع الخاص لخدمة الشمول المالي للمحتاجين وغير المشمولين بما في ذلك الذين يتعرضون للكوارث والصراعات. فضلا عن الاهتمام بالشمول المالي للمرأة، حيث هنالك نحو 1.1 مليار من الإناث بعيدين كل البعد من النفاذ إلى الخدمات المالية بنسبة 55% من غير مشمولين مالياً . وتواجه الإناث على وجه الخصوص عدد من التحديات التي تحول دون نفاذهن إلى الخدمات المالية الأطر التنظيمية والسياسات غير المشجعه، وتخلف النظم الاجتماعية السائدة، وغياب الأوراق ثبوتية وضعف المعرفة المالية و ضآلة ملكية الإناث للأصول غير المالية. أخيرا، ينبغي ان يعمل العالم على إستمرار خدمات الشمول المالي وتوسيعها وضمان وصول كل الأفراد للنظام المالي الرسمي، ليس فقط في ظل الظروف العادية بل أيضا خلال الأزمات، حيث تكون الحاجة ملحة

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

هل يمكن تطبيق الصيغ غير المعتمده على الفائدة في ظل النظام المصرفي التقليدي بدون تغير في الاطر التنظيمية؟

شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، كبير الخبراء، برنامج الخليج العربي للتنمية، …