معالجة النفايات الخطرة.. منظومة آمنة تعزز الاستدامة البيئية

تشريعات وإجراءات للإدارة السليمة

بذلت الإمارات جهوداً حثيثة لتعزيز الإدارة السليمة للنفايات الخطرة من خلال إطلاق العديد من المبادرات وسن التشريعات البيئية، وانضمامها إلى الاتفاقيات الدولية، ووضع الإجراءات والضوابط المناسبة لإدارة وإحكام الرقابة على هذا النوع من النفايات، انطلاقاً من مسؤولية الدولة للحد من التغيرات المناخية والارتقاء بجودة الهواء والحفاظ على البيئة.

ويبرز محور «الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي»، ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، جهود ومبادرات دولة الإمارات في مختلف المجالات لتحقيق أهداف الحياد المناخي بما يتماشى مع التوجهات الوطنية للدولة وخططها الاستراتيجية. وتهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً لمجتمع واعٍ بيئياً. ويبرز الموقع الإلكتروني للحملة sustainableuae.ae المبادرات وقصص النجاح الوطنية في مجال الاستدامة، حيث تحظى دولة الإمارات بسجل حافل في مجال الاستدامة، من خلال مبادرات ومشاريع رائدة تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة والتقاليد المجتمعية، وغيرها من القيم التراثية الأصيلة.

حماية الكوكب
وتُعرّف النفايات الخطرة بأنها نفايات الأنشطة والعمليات المختلفة والأجهزة والمعدات المستعملة والنفايات الطبية أو غيرها من النفايات المحتفظة بخواص المواد الخطرة.

وتشكل النفايات الخطرة تهديداً كبيراً على صحة الإنسان والبيئة إذا لم يتم إحكام الرقابة عليها في كافة المراحل، بما في ذلك استخدامها ونقلها وتخزينها، وتكمن مخاطر هذه النفايات في أنها تكون عادة مواد عالية السمية، وعسيرة التحلل، ما يعني أنها تتحلل ببطء شديد في البيئة، ويؤدي دفنها في الأرض إلى تسربها إلى مصادر المياه الجوفية والتربة الزراعية فتلوثها وتتسبب في إصابة الإنسان بأمراض خطيرة، كما أن إغراقها في البحر يؤدي إلى تلوث مياهه ونفوق أسماكه وأحيائه.

ويترقب العالم مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) الذي تستضيفه الإمارات في نوفمبر المقبل، لمناقشة الجهود والإجراءات الكفيلة بمكافحة التغير المناخي، ووضع حلول وخطط توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية كوكب الأرض.

تنظيم تداول النفايات الخطرة
ومواكبة للنهضة التنموية الشاملة التي تشهدها دولة الإمارات، وخصوصاً في المجال الصناعي، وتلافياً للمخاطر والأضرار التي تنتج عن إدارة النفايات الخطرة بصورة غير سليمة، اتخذت الجهات المعنية في الدولة جملة من الإجراءات على المستويين التشريعي والتنفيذي.

أفضل الممارسات العالمية
كما أصدرت الإمارات القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2018 في شأن الإدارة المتكاملة للنفايات، بهدف تنظيم عملية إدارة النفايات وتوحيد آليات وطرق التخلص السليم منها.

النفايات الطبية
تعد النفايات الطبية من أخطر أنواع النفايات، ولذلك حددت الجهات المعنية في دولة الإمارات ضوابط ومعايير عدة للتعامل معها وفق أفضل الممارسات العالمية، حيث يتم جمع النفايات الطبية الناتجة عن المستشفيات والعيادات ومراكز الرعاية الصحية والصيدليات والمؤسسات التعليمية، وغيرها من خلال فرق عمل مدربة، ويتم نقلها عبر مركبات مجهزة إلى محطات المعالجة والمحارق المخصصة لهذا النوع من النفايات.

ويتم حرق النفايات الطبية والخطرة عند درجة حرارة تبلغ 1200 درجة مئوية بموجب التشريعات البيئية في الدولة، والتي تعالج الانبعاثات الغازية من عملية الحرق بحسب معايير الاتحاد الأوروبي المعتمدة، لضمان عدم تخطي المستوى المطلوب من عملية الحرق، وتنتج عملية معالجة النفايات بالحرق رماداً يتم التخلص منه بطرق مستدامة وآمنة بيئياً، وقد تمت معالجة النفايات الطبية المتولدة في إمارة أبوظبي بنسبة 100% خلال عام 2022.

تبني مصادر الطاقة النظيفة
في إطار حرصها الدائم على تبني مصادر الطاقة النظيفة في مختلف المشاريع الحالية والمستقبلية، فإن شركة أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير» تبنت استراتيجية تهدف إلى الاعتماد المتزايد على مصادر الطاقة النظيفة في كافة مشاريعها، وذلك بفضل الجهود الدؤوبة والخطط الدقيقة التي تنتهجها الشركة من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات في هذا الإطار. ومن هذا المنطلق، نجحت شركة «تدوير» بتدشين نظام هجين يتكون من الطاقة الشمسية الكهروضوئية ومولد الديزل والبطارية، ونتيجة لذلك، ستتمكن إحدى محطات معالجة النفايات الطبية والخطرة التي تعمل بالديزل حالياً من تقليل استهلاك الوقود والنفقات التشغيلية والبصمة الكربونية لتطبيق الرؤية المستدامة لدولة الإمارات.

ووصل عدد الخلايا الشمسية المستخدمة في رفع كفاءة النظام بأكمله إلى 666 خلية، بطاقة استيعابية تصل إلى 350 كيلوواط وستسهم بنسبة 28% من الطاقة المطلوبة للعميات التشغيلية في المحرقة، كما أنها ستسهم بتخفيف الانبعاث الكربوني بمعدل 685 طن/السنة.

الاتفاقيات الدولية
حرصت الإمارات على المشاركة الفاعلة في الاتفاقيات الإقليمية والدولية ذات الصلة، حيث انضمت إلى اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها، وتهدف هذه الاتفاقية إلى الحد من توليد النفايات الخطرة، وتعزيز الإدارة السليمة بيئياً لها أينما كان مكان التخلص منها، والحد من نقل النفايات الخطرة عبر الحدود، وذلك لحماية الصحة البشرية والبيئة من أضرارها. كما انضمت دولة الإمارات إلى اتفاقية روتردام بشأن الإخطار المسبق عن التجارة الدولية لكيماويات خطرة ومبيدات معينة، واتفاقية ستوكهولم بشأن الملوثات العضوية الثابتة، والتي تهدف إلى حماية الصحة البشرية وحماية البيئة من أخطار الملوثات العضوية الثابتة.

محطات المعالجة
تولي الإمارات اهتماماً كبيراً لمعالجة النفايات الخطرة والطبية من خلال إنشاء المحطات المخصصة لذلك، حيث نجحت شركة أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير» ببدء التشغيل التجاري لثلاث محطات خاصة بمعالجة النفايات الطبية والخطرة في أبوظبي، كما عالجت الشركة 99.5% من النفايات الخطرة خلال العام الماضي. وفي دبي، تبرز محطة معالجة النفايات الصناعية السائلة الخطرة في منطقة جبل علي، وهي مجهزة بنظام الذكاء الاصطناعي، حيث تحتوي على حساسات ذكية، قادرة على قراءة جودة المياه الداخلة إلى الوحدات المختلفة للمحطة، ما يمكنها من تنفيذ عمليات المعالجة دون أي تدخل بشري، لتصبح النفايات بعد معالجتها قابلة لإعادة استخدامها كمياه صالحة للري. كما اعتمدت بلدية دبي أكثر من 20 شركة خاصة عاملة في مجال إعادة تدوير النفايات الخطرة، وذلك في إطار تعزيز التشاركية مع القطاع الخاص لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تعزز مؤشرات زيادة نسب إعادة التدوير وتبني جميع محاور الإدارة المستدامة للنفايات.

تقليص الأضرار
بهدف الحد من أضرار النفايات الخطرة على البيئة والصحة العامة، أصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة في عام 2013 قراراً لتنظيم مرور وتصدير شحنات النفايات الخطرة عبر حدود الدولة، تماشياً مع اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، والتي تعتبر الدولة طرفاً فيها منذ عام 1990.

ونص القرار على أن يحظر بغير تصريح كتابي من الوزارة، السماح بمرور أو تصدير الوسائل البحرية أو الجوية أو البرية التي تحمل النفايات الخطرة في البيئة البحرية أو الجوية أو البرية، حيث يتم إصدار التصريح من الوزارة لمرور أو تصدير شحنات النفايات الخطرة عبر حدود الدولة وفقاً للاشتراطات المحددة في القرار.

وأصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة أيضاً قراراً في عام 2015 بشأن التخلص السليم من المبيدات التالفة وعبوات المبيدات الفارغة، وذلك حرصاً من الوزارة على التخلص الآمن من النفايات الخطرة.
يهدف القرار إلى تقليص حجم الأضرار البيئية الناتجة من التخلص غير السليم لهذه العبوات؛ وذلك تعزيزاً للاستدامة البيئية. وانطلاقاً من مسؤوليتها في إيجاد الحلول وفرض اللوائح والتنظيمات للحد من التغيرات المناخية والحفاظ على البيئة، أصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة العام الجاري قراراً في شأن تنظيم تداول مركبات الكربون الهيدروفلورية «HFCs» في الدولة.

ووفقاً للقرار، ينبغي على المنشآت تقديم كشوف ربع سنوية للوزارة بالكميات المباعة والمستخدمة والمتبقية من مركبات الكربون الهيدروفلورية، وكذلك الحصول على موافقة مسبقة من السلطة المختصة عند التخلص من نفايات مركبات الكربون الهيدروفلورية والأجهزة والمعدات التي تحتوي عليها، وفي حالة التخلص منها عبر الحدود يجب الأخذ في الاعتبار التزامات الدول الأطراف بموجب اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود.

المصدر، جريدة الاتحاد، أبوظبي (الاتحاد) 11 يوليو 2023 01:12

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

إطلاق مشروع لإعادة التدوير وتمكين جامعي المخلفات في مصر

بالتعاون بين “أس آي جي” (SIG) مع بنك البلاستيك والوكالة الألمانية للتعاون الدولي شبكة بيئة …