شركات صناعية تتوسع في الاستثمار بتقنيات الاستدامة

مصطفى الجزيري: تقنيات وحلول لتسريع الانتقال نحو مستقبل محايد للكربون

آفيناش كاسيناثان: الأساليب المستدامة للإنتاج والنقل تقلص الابنعاثات الكربونية

أكد رؤساء شركات صناعية خاصة، عاملة بالدولة، التزامهم بوضع الاستدامة في أولوية عملياتهم التشغيلية والإنتاجية مع الاعتماد على أساليب مستدامة للإنتاج والنقل والتخزين وتوزيع المنتجات.
وشددوا، في تصريحات لـ«الاتحاد»، على حرصهم على الاستثمار في تقنيات جديدة لتسريع الانتقال نحو مستقبل محايد للكربون، وبهدف تطبيق حلول متقدمة صديقة للبيئة، مثل الاعتماد على التقنيات التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والاستثمار في تقنيات ذات كفاءة في استهلاك الطاقة، إلى جانب العمل على تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات الدفينة من خلال تحسن العمليات الإنتاجية، وأيضاً استخدام المواد المعاد تدويرها، وإشراك الموردين في جهود تحقيق الاستدامة، وأخيراً عقد شراكات مع العملاء لاستخدام المواد والمنتجات الصديقة للبيئة.

أكد الدكتور مصطفى الجزيري، المدير التنفيذي في منطقة الخليج العربي والشرق الأدنى وباكستان، لشركة «هيتاشي إنرجي»، أن الشركة تضع الاستدامة في جوهر أعمالها، كما أن خطط وأهداف الشركة للاستدامة، ترتكز على تطوير مستقبل مستدام للطاقة للجميع.
وقال، إن الهدف الرئيسي يتمثل في تعزيز أنظمة الطاقة محلياً وحول العالم لتصبح أكثر استدامة ومرونة وأماناً، ولذا كان لدى الشركة الريادة في تطوير العديد من التقنيات وتحسين سلسلة القيمة لعملائها لتمكينهم من تصميم وبناء وتشغيل البنية التحتية للطاقة والمحافظة عليها، منبهاً إلى أن تقنيات وحلول الشركة تساعد على تسريع الانتقال نحو مستقبل محايد للكربون، وتحسين جودة العيش للأجيال الحالية والمستقبلية، لاسيما وأنه من المتوقع أن ترتفع قدرة توليد الطاقة عالمياً بحلول العام 2050، بمعدل أربعة أضعاف عما هي عليه الآن.
وأضاف الجزيري، أنه كجزء من الخطة الاستراتيجية للاستدامة 2030، نعمل بشكل نشط على تحقيق أهدافنا للوصول إلى صافي صفر انبعاثات كربونية من خلال التركيز على أربعة محاور، تتماشى مع غايات الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وهي الكوكب، والموظفين، والسلام، والشراكات الفعالة، بحيث تغطي هذه المحاور الجوانب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية، وتعد بمثابة دليل إرشادي لأعمال الشركة من أجل مستقبل مستدام للطاقة.

حلول آمنة
وأوضح الجزيري، أن الشركة تستثمر في التقنيات والحلول الموثوقة والآمنة لتعزيز منظومة الطاقة، وتشتمل مبادراتها على الارتقاء بالبنية التحتية لشبكات الطاقة، وتحسين إدارة شبكات الطاقة، وأنظمة التحكم، ودمج الحلول الرقمية المتقدمة لتعظيم كفاءة استهلاك الطاقة واستقرارها، لافتاً إلى أن «هيتاشي إنرجي» تستهدف زيادة قدرة إنتاج الطاقة المتجددة مقارنة بالمستويات الراهنة، ولتحقيق ذلك، نعمل على دفع تطور تقنيات الطاقة الخضراء، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة، ودعم التحول إلى المركبات الكهربائية. وعن الممارسات المستدامة في العمليات التشغيلية والتصنيعية، أفاد الجزيري، بأن «هيتاشي إنرجي» تسعى إلى تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات غازات الدفيئة من خلال تحسين العمليات الإنتاجية والاستثمار في التقنيات ذات الكفاءة في استهلاك الطاقة.
وذكر أن الشركة نجحت بالفعل في خفض البصمة الكربونية بنسبة 50% مقارنة بعام 2019، من خلال الاعتماد على الكهرباء النظيفة بنسبة 100% في عملياتها التشغيلية، معرباً عن تطلع الشركة بشكل دائم لعقد شراكات واتفاقيات تعاون مع المؤسسات والحكومات والمجتمعات التي تشاركها الرؤية ذاتها لدفع الابتكار المستدام وخلق قيمة مشتركة.

رحلة الاستدامة
من جانبه، قال بهارات باتيا، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «كوناريس» إن الشركة العاملة في مجال صناعة الحديد والصلب، تضع الاستدامة في أولوية عملياتها التشغيلية، وبما يتماشى مع الأجندة الوطنية لدولة الإمارات 2030، مؤكداً التزام الشركة القوي بالاستدامة البيئية، حيث طبقت مبادرات لتقليل بصمتها الكربونية ولتشجيع الممارسات المستدامة، ومنها الاعتماد على الغاز الطبيعي كوقود أخضر، لضمان توليد الطاقة الحرارية مع الحفاظ على الحد الأدنى من التأثير البيئي، وتركيب ألوح طاقة شمسية على أسطح مقرات الشركة من أجل زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتعزيز عمليات الإنتاج المستدامة.
وأوضح باتيا أن التزام الشركة بالاستدامة يتخطى عملياتها الداخلية، حيث أشركت المورّدين في دفع عمليات التطوير والابتكار، والعمل بشكل نشط على تقليل معدل استهلاك البضائع والخدمات، بما يسهم في نهاية المطاف في الحدّ من الانبعاثات الكربونية.
معايير بيئية
وأضاف باتيا أن الجهود التي تبذلها «كوناريس» على صعيد الاستدامة ساهمت في حصولها على شهادة الاستدامة من مؤسسة UK Cares، التي تؤكد امتثالها للمعايير البيئية الصارمة حيث تعد هذه الشهادة دليلاً على تعزيز انسيابية العمليات التشغيلية من أجل صحة ورفاه موظفينا والمجتمع الذي نعمل به، مع العمل في ذات الوقت على توفير منتجات حديد عالية الجودة إلى الأسواق.
وذكر باتيا، أن الشركة تسعي دائماً لتشجيع ثقافة الاستدامة من خلال الجهود التطوعية للموظفين وحملات التوعية المنتظمة، من أجل إلهام الموظفين، وحثّهم على تبني ممارسات صديقة للبيئة بأنفسهم، لافتاً إلى أنه من خلال الممارسات المستدامة الشاملة، تستهدف الشركة أن تكون مثالاً يُحتذى به في قطاع التصنيع، ومع تركيزها على المسؤولية البيئية ورفاه الموظفين والمشاركة المجتمعية، ستواصل الشركة رحلتها نحو مستقبل أكثر اخضراراً، وإبراز نموذج كيف يمكن للشركات الصناعية الازدهار وفي الوقت ذاته خفض تأثيرها على الكوكب إلى أدنى حد.

دمج الاستدامة
شدد عبد الجبار بي بي، العضو المنتدب لمجموعة «هوتباك» الصناعية، على أن تركيز الشركة الرئيسي يتمثل في ضمان دمج الاستدامة في مختلف مجالات عمل الشركة، ولهذا الغرض اعتمدت الشركة عدداً من الحلول المتقدمة والصديقة للبيئة، مثل الاستثمار في خطوط طلاء مائية متطورة تتجنب استخدام أية مذيبات أو مواد بلاستيكية لضمان قابلية إعادة تدوير الأكواب الورقية الأكثر استخداماً لتصبح صديقة للبيئة.
وقال، إنه بالإضافة إلى ذلك، تم تجهيز مصنع البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) الأحدث في مجمع دبي للصناعات لاستخدام المواد المعاد تدويرها بعد الاستهلاك بالكامل بنسبة 100%، بما يتيح لنا توليد صفر نفايات، وكذلك ضمان تقليل العبء على مكبات النفايات، منوهاً بأن الشركة تمكنت من تزويد عملائها بمحفظة مبتكرة ومتنوعة من منتجات التغليف المستدامة في إطار التزامها بالتقنيات التي تدعم النمو المستدام.

إعادة التدوير
أشارعبد الجبار بي بي إلى أن «هوتباك» طورت مجموعة بيولوجية بديلة من المنتجات التي يمكن إعادة تدويرها، كما أن معظم مصانعها يمكنها قبول ما يصل إلى 90% من المواد والمنتجات الخام المعاد تدويرها لتصنيع منتجات مثل ورق التغليف وصناديق التغليف «كرافت».
وأوضح أنه في الوقت الذي يظل فيه البلاستيك هو الخيار المفضل لمنتجات معينة، فإننا نتحول بشكل تدريجي إلى البدائل الصديقة للبيئة التي يمكنها أن تشتمل على محتوى معاد تدويره بنسبة 70%، مبيناً أن من بين الإنجازات الملحوظة تطوير منتجات ورقية فريدة ذات أغلفة بيولوجية، بما يتيح قابلية التحلل البيولوجي بشكل كامل دون مخلفات ملوثة، وهو ما يضمن تحلل منتجاتنا بشكل آمن، حتى في مدافن النفايات أو المحيطات.
وذكر عبدالجبار، أن التزام «هوتباك» بالاستدامة يتجاوز عمليات التصنيع حيث أبرمت مؤخراً اتفاقية شراكة مع «سبينس» لطرح أكياس التسوق المصنوعة من «الراتنج» المعاد تدويره بعد الاستهلاك PCR، ومن خلال هذا التعاون، أصبحت «سبينس» أول شركة بيع بالتجزئة في دولة الإمارات تعتمد حلول التعبئة والتغليف المعاد تدويرها بعد الاستهلاك، مختتماً بالتأكيد على إيمان الشركة بأهمية الشراكات والجهود التعاونية لدفع التغير الإيجابي ومواصلتها التعاون مع العملاء والجهات الحكومية وأصحاب المصلحة الآخرين لتعزيز انتشار حلول التعبئة والتغليف المستدامة.

تفادي الانبعاثات
أفاد آفيناش كاسيناثان، الرئيس التنفيذي لشركة «سينسا» التابعة لمجموعة «واي كول»، بأن هدر الأغذية يعد ثالث أكبر مُنتج لانبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، ويسهم نموذج «سيسنا» من «واي كول» في خفض الفاقد والمهدر من الأغذية إلى أقل من 1%، وبالتالي تفادي الكثير من انبعاثات الغازات الدفيئة، مؤكداً أن الأساليب المستدامة للإنتاج والنقل والتخزين وتوزيع الأغذية تعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية على نحو كبير.
وقال كاسيناثان، إن التقنيات التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي توفرها «واي كول»، تتيح التحكم بشكل كامل ومستدام في اقتصاد المواد الغذائية من خلال جعل سلسلة التوريد مبنية على الطلب، بما يسهم في تقليل عمليات هدر الأغذية إلى أقل من 1% حيث يساعد هذا النموذج المستدام المبتكر المزارعين في التخطيط وإدارة عمليات الري والموارد بشكل أفضل، والاستعداد للمشكلات غير المتوقعة مثل إدارة الآفات الزراعية، وبالتالي زيادة محاصيلهم بنسبة 15% إلى 40%. وأشار إلى أن الشركة تعمل أيضاً على تطوير تقنيات مستدامة تتيح إحداث تغيير فعّال في طريقة زراعة ونقل وتحويل الأغذية الزراعية، وضمان استدامة سلسلة التوريد للأغذية، من خلال الحدّ من عمليات هدر الطعام، وبما ينعكس في نهاية المطاف على النظام الإيكولوجي بأكمله، لافتاً إلى أن التقنيات المبتكرة تمكن من تحقيق أثر ملحوظ في خفض البصمة البيئية، وبالتالي الحدّ من الضرر على البيئة، بما يتماشى مع توجهات دولة الإمارات لتحقيق الاستدامة وحماية الموارد والثروات والمصادر الطبيعية.
المصدر، جريدة الاتحاد، حسام عبدالنبي (دبي) 16 يوليو 2023 01:21