مزودة بـ “الطاقة المتجددة” و “تدوير النفايات” و “محطات شحن المركبات”
أنس باتاو: الحلول الخضراء تقلص التكلفة التشغيلية وتعزز تنافسية العقارات
جمال لوتاه: المطورون تخلوا عن المباني التقليدية
رياض بصيص: التوجه نحو الاستدامة على رأس أولويات رؤية الإمارات
أحمد سلطان: الامتثال للمعايير والتشريعات المنظمة للبناء أهم أسباب الزيادة
تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة دول المنطقة في إقبال المطورين العقاريين على تنفيذ المباني الخضراء المزودة بأنظمة لإنتاج الطاقة المتجددة، وتدوير النفايات، ومحطات شحن المركبات الكهربائية، وحلول المنزل الذكي، وخدمات التحكم في المرافق المتكاملة، وذلك انسجاماً مع التوجهات الاستراتيجية للدولة، ورغبة في تقليص التكلفة التشغيلية للمباني، ونزولاً على رغبات المستثمرين والمستأجرين.
وأكد خبراء لـ «الاتحاد» أن الإمارات، حققت تقدماً كبيراً على صعيد تطوير المباني الخضراء، حيث تعتبر من أبرز الدول التي تواكب مستجدات استدامة المباني، مرجعين هذا التطور الكبير إلى المبادرات الحكومية المختلفة التي تسعى لتأصيل الاستدامة في مختلف المشاريع التنموية والتجارية والسكنية، والتزام المسؤولين بكافة مستوياتهم بتحسين جودة الحياة، والوصول إلى الحياد الكربوني.
وأوضح الخبراء أن التكلفة الأولية للمباني الخضراء أعلى بنسبة 2-3% فقط من نظيرتها غير الخضراء، وهي التكلفة التي يتم تعويضها سريعاً من خلال مساهمة المباني الخضراء في تقليص التكاليف التشغيلية والصيانة، حيث إنها مصممة للعمل بشكل أكثر كفاءة.
ويخضع قطاع الإنشاءات والبناء في دولة الإمارات حالياً لإشراف هيئة الاستدامة التي تشرف على سن التشريعات التي من شأنها الحد من التأثيرات البيئية للقطاع، حيث يأتي التوجه نحو الاستدامة في مقدمة أولويات رؤية الإمارات 2021.
ريادة إقليمية
وأكد الدكتور أنس باتاو، مدير مركز التميز في البناء الذكي (CESC) والأستاذ المشارك للإنشاءات الذكية في جامعة «هيريوت وات» دبي لـ «الاتحاد»، أن الإمارات تتصدر دول المنطقة مع المملكة العربية السعودية في بذل جهوداً كبيرة لجعل قطاعي العقارات الإنشاءات أكثر استدامة وزيادة إقبال المطورين على المباني الخضراء، حيث وضعت خطة عمل للتنمية المستدامة ومزارع الطاقة الشمسية قيد الإنشاء واستخدام الموارد المتجددة والحد من انبعاثات الكربون، واستخدام الطاقة النظيفة هي بعض الممارسات التي تمارسها صناعة البناء في المنطقة.
وقال: إن مبادرات المدن الذكية مثل مدينة مصدر في أبوظبي، والمدينة المستدامة في دبي أمثلة رئيسية على جهود الدولة في ابتكار مدن ذكية للناس ولدى الدولة مستقبل واعد، حيث سيتم تحويل موقع «إكسبو 2020» إلى مدينة ذكية «دستركت 2020» من خلال الاحتفاظ بـ 80% من إرث «إكسبو 2020 دبي» وتحويله إلى مساحة مستدامة ممكنة تقنياً لمعيشة المجتمع الحضري سيتم تحويله ليشمل المناطق السكنية والمساحات الخضراء وأماكن العمل المشترك والبحث والتطوير والتنقل الذكي.
وقال: إن ممارسات البناء المستدامة لم يعد ينظر إليها على أنها رفاهية، بل أصبحت ضرورية نتيجة الكثير من التغييرات على مر السنين بسبب عوامل مثل التحضر السريع، والزيادة السكانية، والكميات الهائلة من الطاقة المستخدمة، ومستويات الانبعاثات العالية.
التكاليف التشغيلية
ونوه أنه من المفاهيم الخاطئة للصناعة أن الاستثمار في المباني الخضراء أكثر تكلفة، إلا أن بيانات مجلس المباني الخضراء في الولايات المتحدة (USGBC) تشير إلى أن التكلفة الأولية لتطوير مبنى أخضر أعلى بنسبة تتراوح بين 2% و3% فقط من نظيرتها غير الخضراء، وهي فروق التكلفة التي يتم استيعابها سريعاً من خلال ميزات المباني الخضراء التي تقلص تكاليف التشغيل والصيانة، حيث إنها مصممة للعمل بشكل أكثر كفاءة. وأضاف أنه وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، تمثل المباني 39% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، بما في ذلك 28% في الانبعاثات التشغيلية، و11% في مواد البناء والتشييد. وقال: إن تطوير المباني الخضراء في الإمارات سيتزايد على نحو مطرد، مع تنامي شعور العديد من المطورين بأهمية الفوائد طويلة المدى لاستخدام المنتجات المستدامة وزيادة حاجتهم إلى خفض التكاليف، لأن المنتجات الموفرة للطاقة والمنخفضة الكربون قد تكلف أكثر قليلاً من المنتجات القديمة.
متغيرات متسارعة
ومن ناحيته، قال جمال عبد الله لوتاه، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إمداد»، إن كوكب الأرض يشهد حالياً نقلة نوعيةً على الصعد كافة، حيث بات عامل الاستدامة يحتل أهمية متزايدة لدى عموم سكان الكوكب، خاصة مع إعلان الكثير من الشركات الكبرى حول العالم، خاصة في مجال المواصلات، التزامها بالعمل على تحقيق الحياد الكربوني، وخفض الانبعاثات الناتجة عن عملياتها ومنتجاتها إلى الصفر، وذلك ضمن أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الأمم المتحدة من أجل الاستعداد للمستقبل. وأضاف لوتاه، أنه مع تنامي وعي المجتمعات بالتأثير الكبير للاستدامة على النواحي كافة البيئية والاقتصادية والاجتماعية من حولنا، وتيقن البشرية من النتائج الإيجابية التي يمكن جنيها إذا ما تم اعتمادها أساساً في مختلف المباني السكنية والتجارية، يجد المطورون العقاريون أنفسهم أمام تحدٍّ مهم يفرض عليهم التخلي عن طريقة التفكير التقليدية، واستحداث أدوات ووسائل مبتكرة، تساهم في خفض التحديات البيئية بشكل عام، مع الحفاظ على التكلفة في مستويات معقولة.
وأشار إلى أن هذا التحرك بدأ منذ فترة ليست بالقصيرة في منطقتنا وهو في تزايد مستمر، حيث شهدت الأعوام الخمسة الأخيرة إقبال المطورين على مفهوم المباني المستدامة، وذلك امتثالاً لشروط وقوانين المباني الجديدة التي اعتمدتها الدول، وسعياً لخفض التكاليف التشغيلية بأقصى قدر ممكن، فضلاً عن الجهود الحكومية الكثيفة الهادفة لتحفيزهم على تشييد مبان أكثر اخضراراً للنهوض بالمجتمعات، وحماية الأجيال القادمة، متوقعاً أن نرى خلال السنوات المقبلة قفزة حقيقية في هذا المجال. جودة الحياة
وقال: «لا يختلف اثنان على التقدم والتطور الكبيرين في قطاع التطوير العقاري على صعيد الاستدامة، حيث تعتبر الإمارات اليوم من أبرز الدول التي تواكب مستجدات استدامة المباني، ويعزى هذا التطور الكبير إلى المبادرات الحكومية المختلفة التي تسعى لتأصيل الاستدامة في مختلف المشاريع التنموية والتجارية والسكنية، والتزام المسؤولين بكافة مستوياتهم بتحسين جودة الحياة، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول العام 2050، وهو ما يطمح إليه المجتمع الإماراتي، وما يتطلع إليه المستثمرون فيه».
ونوه بأنه مع مضي الإمارات في استحداث تقنيات الاستدامة في المباني، ما من شك أن هناك عدداً من التحديات التي تواجه التوسع في اعتماد مفهوم ومعايير الاستدامة، وفي مقدمتها التكلفة التشغيلية لتشييد المباني المستدامة، متوقعاً أن تشهد السنوات المقبلة انخفاضاً تدريجياً في تكلفة البناء والتشغيل، خصوصاً مع استمرار تعافي الاقتصاد من تبعات جائحة فيروس كورونا، ومواصلة المطورين تبني أفضل الممارسات في هذا المجال.
الاقتصاد الدائري
من ناحيته، قال رياض بصيبص، الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة أمانة للاستثمار: إن الاقتصاد الدائري والاستدامة من بين أهم التوجهات الرئيسية للقطاعين العقاري والإنشاءات في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف أن التوجه نحو الاستدامة يأتي على رأس أولويات رؤية الإمارات 2021 وخطة دبي الاستراتيجية 2030 ورؤية المملكة العربية السعودية 2030، لافتاً إلى أن قطاع الإنشاءات في الإمارات يخضع حالياً لإشراف هيئة استدامة تشرف على سن التشريعات التي من شأنها الحد من التأثيرات البيئية.
وأشار إلى أن المشاريع التي تعتمد على التقنيات المستدامة تأتي نزولاً عند رغبة المستثمرين والمستأجرين الذين يقبلون على المباني التي تشمل محطات شحن المركبات الكهربائية، وحلول المنزل الذكي، ومصادر الطاقة المتجددة وخدمات التحكم في المرافق المتكاملة، كما تأتي التزاماً وعملاً باللوائح والنظم والمعايير.
ونوه بأن الاستدامة تعتبر هدفًا رئيسياً في مختلف جوانب أعمال المجموعة، حيث أنشأت مجموعة أمانة عدداً من المباني الخضراء في المنطقة، وستقوم بتسليم المزيد في عام 2022، مثل المقر الرئيسي لشركة جوتن في دبي، ومشاريع شركة البحر الأحمر للتطوير و«DB Schenker» الجديد، وهو عبارة عن مركز لوجستي صديق للبيئة، متطور في دبي الجنوب، يدعم أجندة الاستدامة في المنطقة.
استدامة المباني
ومن جانبه، أكد الدكتور أحمد سلطان الرئيس التنفيذي لشركة «ليفيل» للضيافة، أن الإمارات حققت تقدماً كبيراً على صعيد تطوير المباني الخضراء، حيث تعتبر من أبرز الدول التي تواكب مستجدات استدامة المباني، كما تشهد الدولة أعلى معدل في المنطقة من حيث إقبال المطورين العقاريين على تنفيذ المباني والفنادق الخضراء المزودة بأنظمة لإنتاج الطاقة المتجددة، وتدوير النفايات، ومحطات شحن المركبات الكهربائية، وحلول المنزل الذكي، وخدمات التحكم في المرافق المتكاملة.
وأشار سلطان إلى العديد من العوامل التي ساهمت في زيادة التوجه نحو المباني الخضراء في الإمارات، أولها الامتثال للمعايير والتشريعات المنظمة للبناء، وتماهياً مع التوجهات الاستراتيجية للدولة التي تضع الاستدامة في مقدمة أولوياتها، فضلاً عن رغبة المطورين في تعزيز جاذبية عقاراتهم وتقليص التكلفة التشغيلية للمباني.
ونوه بأن التكلفة الأولية لتطوير مبنى أخضر أعلى قليلاً مقارنة مع المباني التقليدية، إلا أن النوع الأول يتميز بجاذبيته وقدرته على تقليص المصاريف التشغيلية، متوقعاً زيادة التوجه نحو هذه المباني مع إدراك فوائدها بعيدة المدى.
وقال: إن إعلان حكومة دولة الإمارات مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، وخطتها لاستثمار أكثر من 600 مليار درهم في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050، سيحفز المزيد من المطورين العقاريين على تطوير المباني الخضراء.
المصدر، جريدة الاتحاد، يوسف العربي (أبوظبي) 6 مارس 2022 02:04