جهود إماراتية مستدامة لتعزيز الأمن الغذائي العالمي

عبر تنفيذ مشاريع زراعية ذكية ورفع القدرات الصناعية

استصلاح مساحات شسعة من الأراضي في الخارج وتوريد المحصول للدول المنتجة

الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي بحلول 2051

تحديد آليات واضحة للاكتفاء الذاتي وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء

توقيع شراكات استراتيجية مع الدول المنتجة لتوفير الغذاء مع ضمان استدامته

تتكاتف جهود الجهات الحكومية والشركات العامة والخاصة لضمان الأمن الغذائي وتنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في دولة الإمارات، بهدف تعزيز الأمن الغذائي العالمي والتوافق مع متطلبات «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051».

وأسهمت التطورات المتلاحقة في الدول المنتجة للحبوب والمصدرة للغذاء في زيادة مخاطر نقص الغذاء العالمي في ظل ارتفاع وتيرة المشكلات التي تتعرض لها سلاسل التوريد وزيادة الأسعار، إلى جانب التداعيات المتعلقة بالتغير المناخي على إنتاج المواد الغذائية الأساسية، لاسيما الحبوب التي تعد محصولاً استراتيجياً يصعب الاستغناء عنه.

وتتضمن الجهود التي تبذلها دولة الإمارات، في اعتماد القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2020 بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة والذي يضع آليات واضحة للاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الرئيسية، كما وضعت الدولة توفير الغذاء على رأس أولوياتها عبر توقيع شراكات استراتيجية مع الدول المنتجة.

ولتحقيق هذا الهدف، توسعت الشركات الإماراتية في استصلاح مساحات شاسعة من الأراضي المؤجرة لتنفيذ مشاريع زراعية ذكية مناخياً في دول العالم المختلفة حتى إنها تمكنت من توريد الإنتاج لتلك الدول، فضلاً عن سعي الدولة لرفع قدراتها الصناعية الغذائية المحلية وتنويع وجهات وارداتها الغذائية منذ أزمة «كوفيد 19» التي تسببت في تعطل سلاسل الإمداد العالمية.

كما تشهد الدولة تجارب رائدة لزراعة المحاصيل الأساسية ومنها المشروع الاستراتيجي «سبع سنابل»، في الشارقة لتعزيز الأمن الغذائي للإمارة والدولة عموماً، وامتلاك الشارقة اليوم أكثر من 9920 مزرعة تنتج نحو 35 نوعاً من القمح العضوي.

وأكد مركز «إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية» أن اعتماد القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2020 بشأن تنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في دولة الإمارات ساهم في تعزيز الأمن الغذائي، عبر وضع آليات واضحة للاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الرئيسية.

وقال المركز في دراسة حديثة، إن موقع الإمارات كبوابة لتجارة الأغذية بين الشرق والغرب عزز تأمين احتياجات الدولة من الحبوب، لاسيما من القمح والأرز والبقوليات، وسط أجواء عالمية ملتهبة بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية التي تسببت في حالة من الإرباك عالمياً في تجارة الحبوب على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن الإمارات رفعت قدراتها الصناعية الغذائية المحلية ونوعت وجهات وارداتها الغذائية منذ أزمة «كوفيد 19»، التي تسببت في تعطل سلاسل الإمداد العالمية، كما وضعت الدولة توفير الغذاء على رأس أولوياتها.

وأوضح مركز «إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية» أن «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051»، لدولة الإمارات تستهدف أن تكون الدولة الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول العام 2051، كما تهدف إلى تطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء.

وذكر أن توقيع الإمارات شراكة استراتيجية مع الهند على وجه الخصوص قد عزز التبادل التجاري بشكل عام بين البلدين، كما وفرت الشراكة للإمارات وجهة مثالية لتصدير الأغذية والحبوب، مع الاضطرابات الكبيرة للاقتصاد العالمي الناجمة عن جائحة كوفيد–19 والأزمة الروسية الأوكرانية، منبهاً إلى أهمية الشراكات الاقتصادية الشاملة التي أنجزتها دولة الإمارات مؤخراً وأبرزها الشراكة الصناعية مع مصر والأردن والبحرين وفرنسا والتي تسهم في جزء منها في تعزيز حركة الصادرات بين الإمارات وهذه الدول لاسيما الصادرات الغذائية منها.

ووفقاً لمركز «إنترريجونال» فإن مؤتمر «كوب 28» الذي تستضيفه دولة الإمارات في نوفمبر المقبل يضع قضية الأمن الغذائي على رأس أولوياته، حيث تدعو العالم إلى تعزيز التعاون الدولي من أجل تكاتف الجهود الدولية لإيجاد حلول جذرية لأزمة الغذاء العالمية، مشدداً على أهمية أن تنتهج الحكومات سياسات تحفز زيادة إنتاج الغذاء، وتنوِّع سلاسل التوريد، بما لا يجعلها في مهب الريح في ظل إشارة منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، إلى أن مابين 691–783 مليون شخص كانوا معرضين للجوع في العالم خلال 2022، بزيادة 122 مليون شخص عن 2019، فيما يواجه 345 مليوناً من بين هؤلاء الأشخاص مستويات حادة من الجوع.

تجربة رائدة
وتعد تجربة شركة «الظاهرة» الرائدة عالمياً في القطاع الزراعي، في مصر، حيث تقوم «الظاهرة» بزراعة 28 ألف هكتار في مصر، ما يساهم في ضمان الأمن الغذائي للدولة من خلال إنتاج العديد من المحاصيل الأساسية.

وتُعدُّ شركة «الظاهرة» من أكبر منتجي القمح والذرة في القطاع الخاص في مصر، إلى جانب إنتاجها للبصل والبنجر السكري والسمسم والحمضيات والذرة الرفيعة وكذلك علف الحيوانات، فضلاً عن توفيرها ما يقارب من 85% من المنتجات المحلية من مزارع الظاهرة في مصر، مما يساهم في تقليل عبء الاستيراد على الدولة.

وقبل أسابيع قليلة أبرمت «الظاهرة»، مع مكتب أبوظبي للصادرات (أدكس)، التابع لصندوق أبوظبي للتنمية، اتفاقية شراكة تتضمن صفقة مدتها خمس سنوات تبدأ من عام 2023 لتزويد مصر بقمح مستورد عالي الجودة، وبقيمة سنوية تبلغ 100 مليون دولار، وبقيمة إجمالية تصل إلى 500 مليون دولار أميركي. وأفادت الشركة بأن مزارع الشركة في مصر، وردت على مدى السنوات الثلاث الماضية أكثر من 180 ألف طن من القمح بسعر السوق المحلي للهيئة العامة للسلع التموينية في جمهورية مصر، ما يجعلها أكبر مورد للقمح في القطاع الخاص فيها، موضحة أنه على الصعيد العالمي يبلغ إنتاج الشركة من الحبوب والبذور الزيتية ما يقارب 600 ألف طن متري.

كما يعد مشروع مزرعة قمح الشارقة في منطقة مليحة «سبع سنابل»، من المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي تعزز الأمن الغذائي للإمارة والدولة عموماً. وتمتلك إمارة الشارقة اليوم أكثر من 9920 مزرعة كما تنتج نحو 35 نوعاً من القمح العضوي، المدعوم بأحدث التقنيات التي تعزز الاستدامة.

منظمة الأمن الغذائي
وأصبحت دولة الإمارات، المقر الجديد للجمعية الإسلامية الدولية لتصنيع الأغذية (IFPA) التابعة للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي (IOFS) التي أنشأها الأعضاء المؤسسون لمنظمة التعاون الإسلامي (OIC) كواحد من 16 برنامجاً للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي.

وتضم دول منظمة التعاون الإسلامي أكثر من 25% من المستهلكين في العالم وينفقون نحو 15% من أصل 8 تريليونات دولار أميركي على الغذاء في عام 2021.

وخلال كلمتها في افتتاح المقر الجديد للجمعية الإسلامية الدولية لتصنيع الأغذية التي تضم في عضويتها 57 دولة إسلامية في الوقت الحالي، أكدت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، أن دولة الإمارات تعمل من خلال نهج من الشراكة مع مختلف دول العالم والمنظمات والأطراف المعنية من أجل تحقيق أهدافها الاستراتيجية والتي من بينها تعزيز أمنها الغذائي القائم على الابتكار، معتبرة أن افتتاح مقر الجمعية الإسلامية الدولية لتصنيع الأغذية التابعة للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي في دبي، يعكس أن الإمارات سيكون لها دور محوري في تعزيز العلاقات التجارية القوية داخل منظمة التعاون الإسلامي، والمساهمة في دفع الأنشطة الاستثمارية داخل المنظمة، بجانب تطوير صناعة الأغذية المرتبطة بها.

وأضافت معاليها «إن التعاون هو ما ينبغي أن نعمل على ترسيخه من أجل تعزيز أمننا الغذائي المشترك وفق أسس مستدامة، وهو ما سوف يحدث من خلال تبني تقنيات وحلول مبتكرة في كامل سلسلة القيمة الغذائية»، مشيرة إلى أنه في هذا الصدد هناك مبادرة «الابتكار الزراعي للمناخ» المشتركة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأميركية، ونمو تعهدات الدول المشاركة في المبادرة إلى 13 مليار دولار لتنفيذ مشاريع زراعية ذكية مناخياً في مختلف دول العالم.

واختتمت المهيري، بالتأكيد على أنه بجانب لعب دور محوري كمركز إقليمي لتجارة الغذاء، تلتزم الإمارات بتعزيز التعاون وبناء القدرات بين دول منظمة التعاون الإسلامي، ونعمل معها من أجل تعزيز قدرات الدول الأعضاء في مجالي الأمن الغذائي والتغير المناخي.

الأعمال المستدامة
تستهدف الشركات الإماراتية، الاستثمار في الفرص المتاحة في مجال الأعمال التجارية الزراعية المستدامة على مستوى العالم، ومنها على سبيل المثال، توقيع شركة «دبي للاستثمار»، المدرجة في سوق دبي المالي، مذكرة تفاهم مع شركة E20 Investment للاستثمار الزراعي ومقرها أبوظبي، بهدف استصلاح 3750 هكتاراً من الأراضي الزراعية في أنغولا، والاستفادة من إمكانات القطاع الزراعي في البلاد، والمساهمة في تحقيق النمو المستدام والتنمية الاقتصادية.

وتركز مذكرة التفاهم على استصلاح مساحة شاسعة من الأراضي المؤجرة في أنغولا، من خلال مشروعٍ مشترك يتضمن زراعة محاصيل الأرز والأفوكادو، وإنتاج كميات كبيرة من المحاصيل. كما يهدف المشروع المشترك الذي يمتد على فترة 18 شهراً، إلى تحويل هذه الأراضي إلى مركز زراعي استراتيجي، حيث من المتوقع أن يصل حجم الإنتاج إلى 28 ألف طن من الأرز و5500 طن من الأفوكادو، خلال ذروة الإنتاج.

استدامة الغذاء
ولتعزيز توجهات ومستهدفات دولة الإمارات في تحقيق الأمن الغذائي وضمان استدامته، ناقش اجتماع اللجنة التمثيلية لمجموعة عمل قطاع تجارة وصناعة المواد الغذائية بالشارقة، واقع ومستقبل قطاع صناعة المواد الغذائية وبحث فرص التوسع بالتصدير ورصد الأسواق الخارجية لتحفيز وزيادة الإنتاج المحلي، والتعرف على التحديات المحتملة للقطاع وسبل وضع الحلول المقترحة لها، فضلاً عن تحفيز الجهود للمساهمة في تعزيز توجهات ومستهدفات دولة الإمارات في تحقيق الأمن الغذائي وضمان استدامته، انطلاقاً من البنية التحتية اللوجستية المتقدمة التي تتمتع بها الدولة وعلاقاتها التجارية المتينة مع دول العالم واستراتيجياتها المبتكرة في هذا الشأن.

وأشار عبد العزيز شطاف، مساعد المدير العام لقطاع الاتصال والأعمال بغرفة تجارة وصناعة الشارقة إلى أهمية قطاع تجارة وصناعة المواد الغذائية، في تعزيز رأس المال الغذائي للدولة ودعم مرونته في مواجهة أي تغيرات، مؤكداً الدور الذي يجب أن يلعبه قطاع الأغذية على مستوى إمارة الشارقة من خلال تنويع الخدمات اللوجستية ومواكبة أحدث التوجهات في عالم الأغذية واستشراف آفاقها المستقبلية، بما يلبي ويحقق مستهدفات دولة الإمارات الاستراتيجية للأمن الغذائي 2051.

المصدر، جريدة الاتحاد، حسام عبدالنبي (أبوظبي) 18 سبتمبر 2023 00:50

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية تنظم مؤتمراً دوليًا لمكافحة الغش الغذائي

تحت شعار “معاً لمكافحة الغش في الغذاء” شبكة بيئة أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، 22 أبريل …