تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات من خلال الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي

ضمن إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي “

شبكة بيئة ابوظبي، د. يوسف الكمري، أستاذ باحث في البيئة واستشاري في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية. المملكة المغربية 18 فبراير 2024

تقديم عام
شعار *من الاتفاق إلى العمل: إعادة بناء التنوع البيولوجي* الذي اختارته الجمعية العامة للأمم المتحدة: خلال تخليد المنتظم الدولي لليوم العالمي للتنوع البيولوجي، ويعكس هذا الشعار مدى أهمية التنوع البيولوجي القصوى، خصوصاً بعد اعتماد الإطار العالمي الجديد للتنوع البيولوجي في COP15 الذي عقد بمونتريال الكندية في شهر دجنبر 2022، وأيضا بالنظر إلى أن اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD) تحتفل بمرور 30 عاما على دخولها حيز التنفيذ وتفعيلها من قبل الدول الأطراف الموقعة. وأيضاً شهد اختتام المؤتمر الخامس عشر للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي اعتماد إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي . كما يهدف المنتدى العالمي للطبيعة، في خضم التدهور الخطير في الطبيعة الذي يهدد بقاء مليون نوع ويؤثر على حياة البلايين من البشر، إلى وقف وعكس اتجاه فقدان الطبيعة. ويتكون الإطار من أهداف عالمية يتعين تحقيقها بحلول عام 2030 وما بعده لحماية التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام. وقد شكل هذا التخليد فرصة للمجتمع المدني الدولي لتسليط الضوء على الجهود المبذولة في مجال المحافظة على الأصناف المهددة بالانقراض وتطوير شبكة المناطق المحمية التي تشكل لبنة رئيسية لبرنامج المحافظة على التنوع البيولوجي.

وعقب اعتماد الإطار في الوقت الحالي، أصبح تسريع العمل عبر القطاعات والمجتمع نحو تحقيق أهداف وغايات المنتدى البيئي العالمي أمراً ملحاً لمعالجة الدوافع الرئيسية لفقدان التنوع البيولوجي وتعزيز جدول أعمال العمل من أجل الطبيعة. ويعتمد تكوين الأهداف العالمية الأربعة على أفق عام 2050، على أساس صحة النظم البيئية والتصميم، مع مراعاة استنفاد الأصل البشري للأنواع، والاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي، والجزء العادل من المزايا ، وفقًا لسياسة العمل والتمويل، بما في ذلك معالجة العجز في تمويل التنوع البيولوجي الذي يصل إلى 700 مليار دولار من الولايات المتحدة على قدم المساواة.

وعلى وجه الخصوص، تمت مناقشة ودراسة كيف يمكن للمجتمعات المحلية المهمشة، بما في ذلك النساء والفتيات، الاستفادة من التنوع البيولوجي ومن الموارد الموجودة على أراضيهم، وكيفية الاسهام في المحافظة على التنوع البيولوجي.

أصبح هذا سؤالًا مهمًا بشكل متزايد حيث تؤدي التطورات السريعة في عجلة التنمية إلى زيادة فجوة تهميش المرأة في مجموعة من المجالات، من ادارة الموارد الطبيعية إلى الزراعة. لهذا سوف نسلط الضوء، من خلال هذه المقالة، على كيفية تحقيق المساواة بين الجنسين و تمكين النساء والفتيات من خلال الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، برنامج الأمم المتحدة للبيئة – خاصة إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، مع تحديد علاقة الترابط بين الهدف 15 من أجندة التنمية المستدامة 2030: حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي, والهدف 5: المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات.

إن الأخذ بعين الاعتبار ادماج النوع الاجتماعي يمكنه أن يسهم في الحد من المعيقات التي يمكن أن تواجه تحقيق غايات الهدف الخامس عشر بحلول عام .2030. ومن جهة أخرى، اذا اعتمد المخططون ومتخذو القرار مقاربة ادماج المرأة في التخطيط وتنفيذ السياسات والبرامج الهادفة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، فإن آليات القياس والتطبيق سوف تزداد فعاليتها في المتابعة والتقييم. ولهذا الغرض، تم رصد مجموعة من المعايير للمتابعة تضمن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في إطار تنفيذ الهدف 15:

1. النساء غائبات بشكل كبير عن الحوار والتخطيط الوطني المتعلق بإدارة الموارد الطبيعية للحد من تدهور الأراضي وفقدان التنوع البيولوجي.
2. يعتبر التعادل في تدهور الأراضي من أهم المسائل التي يمكن أن يلعب النوع الاجتماعي دوراً فاعلاً نظراً لأن النساء يمتلكن معارف محلية تسهم في الأمن الغذائي لأسرهن إضافة إلى اتخاذهن لمعظم القرارات الاستهلاكية.
3. ينبغي أن يراعى التمويل العام/الخاص ما لأنشطة الحد من تدهور الأراضي وفقدان التنوع البيولوجي من آثار سلبية على وصول النساء إلى الموارد مثل الأراضي ويعمل على التكيف معها والحد من تدهورها.
وعليه فإن تحقيق محور المساواة في النوع الاجتماعي هو شرطاً أساسياً لتحقيق الهدف الخامس عشر وبذات الوقت ادماج النساء وتمكينهن والاستفادة من معارفهن المحلية في الحد من التصحر يسهم في تخفيف الأعباء على أسرهن ويتيح لهن فرصة الانخراط في تحقيق التنمية المستدامة من خلال المحافظة على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي.

إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي
وبالرجوع إلى مقرر تم اعتماده من طرف مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي 2022، نجد على أن :
 مؤتمر الأطراف، إذ يشير إلى المقررين 7/12 و24/9 اللذين يرحبان بالنسخ السابقة من خطة عمل الاعتبارات الجنسانية لالتفافية،
 وإذ يسلم بأهمية النهوض بالجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين و تمكين النساء والفتيات لضمان التنفيذ الفعال لإطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي،
 وإذ يسلم أيضا بأن المشاركة الكاملة والفعالة للمرأة وقيادتها في جميع جوانب عمليات الاتفاقية، ولا سيما في السياسات والإجراءات على المستويين الوطني والمحلي، أمر حيوي لتحقيق أهداف التنوع البيولوجي الطويلة الأجل، ورؤية 2050 للعيش في وئام مع الطبيعة،
 يعتمد خطة عمل الاعتبارات الجنسانية الواردة في مرفق هذا المقرر؛
 يحث الأطراف على تنفيذ خطة عمل الاعتبارات الجنسانية لدعم وتعزيز تعميم الاعتبارات الجنسانية و تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي بطريقة مراعية للاعتبارات الجنسانية، ويدعو الحكومات الأخرى والمدن والسلطات المحلية الأخرى والمنظمات ذات الصلة إلى القيام بذلك ؛
 يدعو المنظمات ذات الصلة في أسرة الأمم المتحدة والمنظمات والمبادرات الدولية الأخرى إلى دعم تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي بطريقة متسقة تراعي الاعتبارات الجنسانية، من خلال تحديد أوجه التآزر والاستفادة من الخبرات ذات الصلة ؛

خطة عمل الاعتبارات الجنسانية (2030-2023) : الغرض والطرائق
أولاً: الغرض

الغرض من خطة عمل الاعتبارات الجنسانية هو دعم وتعزيز تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي بطريقة مراعية للاعتبارات الجنسانية. وستدعم الخطة أيضا نهجا يراعي الاعتبارات الجنسانية لتطبيق آليات التنفيذ المرتبطة بالإطار.
ثانياً: الطرائق:
يستند تنفيذ خطة عمل الاعتبارات الجنسانية ونتائجها وأهدافها وإجراءاتها المتوقعة المقترحة إلى الطرائق التالية:
أ. تعظيم أوجه التآزر بين المساواة بين الجنسين وحفظ الموارد الجينية واستخدامها المستدام والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، مع مراعاة أيضا آثار تغير المناخ والتغير في استخدام الأراضي والبحار باعتبارها محركات لفقدان التنوع البيولوجي. واعترافا بالروابط بين المساواة بين الجنسين والشواغل البيئية الرئيسية، يهدف تنفيذ خطة عمل الاعتبارات الجنسانية إلى تعميم الاعتبارات الجنسانية والمساهمة في تعظيم أوجه التآزر بين هذه المجالات، من أجل تحقيق الأهداف المشتركة ودعم تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي؛

ب. ضمان الاتساق والتنسيق مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030، تتضمن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة الواردة فيها المساواة بين الجنسين كهدف قائم بذاته و مكون شامل حاسم، وتؤكد على عدم تجزئة الغايات والأهداف المختلفة. وتهدف خطة عمل الاعتبارات الجنسانية إلى استكمال ودعم تنفيذ مختلف أهداف التنمية المستدامة، بما يتماشى مع جدول أعمال التنوع البيولوجي وتنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي؛

ج. تطبيق نهج قائم على حقوق الإنسان للنهوض بالمساواة بين الجنسين في حفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية، وملاحظة أن القرار /76/300ARES/ الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة يقر بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة كحق من حقوق الإنسان. و تقدم الصكوك والآليات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ولجنة الخبراء التي أنشأتها، إرشادات حاسمة للعمل البيئي الذي يراعي الاعتبارات الجنسانية الذي يعود بفائدة على الناس وكوكب الأرض؛

د. وسيسعى تنفيذ خطة عمل الاعتبارات الجنسانية أيضا إلى ضمان مشاركة الرجال والفتيان، لضمان اتباع نهج تعاوني وداعم لتحقيق المساواة بين الجنسين في حفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية؛

هـ. ضمان المشاركة الهادفة والفعالة للنساء والفتيات من الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية وتمكينهن. وتشارك نساء وفتيات الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية بشكل متكامل في حفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام، ومع ذلك ما زلن يواجهن التمييز ولا يزلن مهمشات في عمليات صنع القرار، والوصول إلى الموارد وملكيتها بما في ذلك الأراضي. وعلى هذا النحو يقترح أن يشمل تنفيذ خطة عمل الاعتبارات الجنسانية التركيز على تمكين ودعم المشاركة الهادفة والمستنيرة والفعالة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لإعمال حقوقهن وتلبية احتياجاتهن وتحقيق مصالحهن، والاعتراف بمعارفهن وابتكاراتهن وممارساتهن وتكنولوجياتهن وثقافاتهن التقليدية وتقديرها، وما يتصل بها من حقوق في دعم حفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام، وفي التقاسم العادل والمنصف للمنافع.

خطة عمل الاعتبارات الجنسانية (2030-2023): الأهداف

النتيجة المتوقعة (1)
يمتع كل الناس، ولا سيما جميع النساء والفتيات، بتكافؤ الفرص والقدرة على المساهمة في الأهداف الثالثة لالتفافية,
 زيادة حقوق جميع النساء والفتيات في ملكية الأراضي والحصول على الموارد الطبيعية وعلى المياه والسيطرة عليها، لدعم حفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام.
 ضمان المساواة في وصول جميع النساء والفتيات إلى الموارد والخدمات والتكنولوجيات لدعم مشاركتهن في حوكمة وحفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام (بما في ذلك الخدمات المالية والائتمان والتعليم والتدريب والمعلومات ذات الصلة من بين أمور أخرى).
 ضمان المساواة بين الجنسين فيما يتعلق بأدوات الحصول وتقاسم المنافع، حسب الاقتضاء.
 تعزيز تمكين المرأة وفرصها في ريادة الأعمال في سلاسل الإمداد والقطاعات القائمة على التنوع البيولوجي، والتي تدعم الإدارة المستدامة وممارسات الإنتاج.
 تحديد جميع أشكال التمييز والعنف القائمة على الجنس والقضاء عليها ومنعها والتصدي لها، ولا سيما فيما يتعلق بالسيطرة والملكية والوصول إلى الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي وحفظه، بما في ذلك حماية المدافعات عن حقوق الإنسان البيئية وحماة المنتزهات.
 ضمان المساواة بين الجنسين فيما يتعلق بأدوات الحصول وتقاسم المنافع، حسب الاقتضاء.

النتيجة المتوقعة (2)
تتناول سياسات وقرارات و تخطيط وبرمجة التنوع البيولوجي على قدم المساواة منظورات واهتمامات واحتياجات وحقوق الإنسان الخاصة بكل الناس، ولا سيما تلك الخاصة بجميع النساء والفتيات
 زيادة الفرص وتعزيز المشاركة الهادفة والفعالة وقيادة المرأة على جميع مستويات العمل والمشاركة وصنع القرار فيما يتعلق بالأهداف الثالثة لالتفافية.
 تعزيز المشاركة الهادفة والفعالة للمرأة وقيادتها في العمليات بموجب اتفاقية التنوع البيولوجي، بما في ذلك من خلال إشراك المجموعات النسائية والمندوبات.
 دمج حقوق الإنسان واعتبارات المساواة بين الجنسين في الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي.

النتيجة المتوقعة (3)
تهيئة الظروف التمكينية لضمان تنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي بطريقة مراعية للاعتبارات الجنسانية.
 تنمية القدرات الوطنية لاستخلاص واستخدام البيانات المتعلقة بالاعتبارات الجنسانية والتنوع البيولوجي، بما في ذلك توزيع البيانات ذات الصلة (مثال حسب الجنس والعمر والآصل الاثني والعوامل الديمغرافية الأخرى).
 تعزيز قاعدة الأدلة، وفهم وتحليل الآثار المرتبطة بالجنس لتنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي ودور جميع النساء والفتيات كعوامل للتغيير في تحقيق غاياته وأهدافه، بما في ذلك الرؤى المستمدة من المعارف التقليدية لجميع نساء وفتيات الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية,
 دعم الوصول إلى المعلومات والمشاركة العامة لمنظمات وشبكات النساء والفتيات والقادة و الخبراء المعنيين بالاعتبارات الجنسانية في توفير الموارد لإطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي و تنفيذه ورصده والابلاغ عنه.
 ضمان أن توفر التقارير الوطنية والتقديمات المقدمة بموجب اتفاقية التنوع البيولوجي معلومات عن تنفيذ خطة عمل الاعتبارات الجنسانية وتنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي بطريقة مراعية للاعتبارات الجنسانية.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

محمد بن راشد يطلق حملة “وقف الأم” لتكريم الأمهات بإنشاء صندوق بقيمة مليار درهم دعماً للتعليم حول العالم

جرياً على عادة سموه بإطلاق المبادرات الخيرية والإنسانية تزامناً مع الشهر الفضيل. محمد بن راشد: …