شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم،كبير مستشاري برنامج الخليج العربي للتنمية، أجفند، 03 ديسمبر 2022
(ندعم أي إتجاد للبنك المركزي لتحويل المؤسسات لبنوك بالإضافة للسماح بقيام بنوك جديدة للتمويل الأصغر. وكذلك تحويل المصارف الصغيره ذات الأداء الضعيف والتي تعمل حاليا الى مصارف للتمويل الأصغر)
(هذا التحول سيكون تحولا نوعيا لقطاع التمويل الأصغر وسيساعد القطاع على لعب دورا رئيسيا في الاقتصاد بتشجيع كل المؤسسات لتوسيع خدماتها من خلال توسيع قاعدة العملاء بالإضافة إلى تعزيز القدرة المالية والرسملة. كما سيقوم أيضا بتشجيع جميع المؤسسات وزيادة المنافسة فيما بينها).
في 15 أغسطس 2020 أصدر البنك المركزي (الوطني) بأثيوبيا توجيهات بالسماح لمؤسسات التمويل الأصغر التي ترغب في التحول إلى بنوك، بعد إستيفاء مجموعة من المتطلبات تشمل عدم إمتلاك أي حكومة إقليمية أكثر من 70 في المائة من أسهم المؤسسة، تحمل المؤسسة تصنيف مركب لا يقل عن ثلاثة في التالي: كفاية رأس المال وجودة الأصول وكفاءة الإدارة والأرباح والسيولة. وأن يظل التمويل الأصغر العمل الأساسي لها بعد التحويل . كما ينص التوجيه على فترة سماح مدتها عامان لإكمال الإنتقال من مؤسسات لبنوك.. هذا التحول الذي جاء قبل عامين فقط من المؤكد أنه سيساعد القطاع على لعب دوره الرئيسي في الاقتصاد بتشجيع المؤسسات الناشئة أن تحذو حذوه المؤسسات المتحولة لبنوك كما يعتبر فرصة للمؤسسات لزيادة توسيع خدماتها وقدراتها المالية.
جسب البيانات الرسمية الحجيثة هنالك نحو 40 مؤسسة للتمويل الأصغر تعمل حاليًا في أثيوبيا برأسمال إجمالي يقارب 20 مليار بر أثيوبي (الدولار يعادل 53 بر أثيوبي) وأصول تصل إلى حوالي 84 مليار بر، وتقدم خدمات الإدخار الأصغر والقروض للمجتمعات المحرومة من الخدمات المالية في المناطق الريفية والحضرية على السواء . وعلى الرغم من توفر هذا العدد من المؤسسات إلا أن الفجوة بين العرض والطلب (الذي يلعب فيه عدد السكان البالغ قدرهم 110 نسمه مليون أغلبهم في الريف دورا رئيسيا)، لا زالت كبيرا للغاية، علما بأن المؤسسات تخدم حاليا نحو 5 مليون أسره بنحو 60 مليار بير من القروض (نحو 70% منها من ودائع العملاء أنفسهم، مع محدودية التمويل بالجملة وغيابه من المصارف للمؤسسات تماما). وحتي الآن هنالك ثلاثة مؤسسات تم تحويلها وهي: أومو ومؤسسة أمهره للتسليف والإدخار (تأسست في عام 1995 لتعمل في ولاية أمهرة برأسمال أولى 3 ملايين بر وصل الى 3.8 مليار بر) ومؤسسة أورومي. وكلها من أكبر المؤسسات (بجانب ديديبت وأديس) . وهذه الخمس مؤسسات. تمثل أكثر من 80% من إجمالي رأس المال ونحو 90٪ من المدخرات، ونحو 85% من الائتمان المقدم في سوق التمويل الأصغر بأثيوبيا.
في السودان بلغ عدد مؤسسات وشركات التمويل الأصغر العاملة حاليا نحو 41 مؤسسة وشركة (نفس العدد تقريبا بأثيوبيا)، بإجمالي تمويل في الربع الأول من هذا العام بلغ أكثر من 70 مليار جنيه (76% منها في القطاع الزراعي و25% تمويل للنساء ونسب 42% من التمويل للخرطوم والجزيره) وعدد الممولين النشطين نحو نصف مليون مستفيد والعدد التراكمي نحو 3 مليون مستفيد. التجربة السودانية في التمويل الأصغر ليست ببعيدة عن التجربة الأثيوبية في كثير من الخصائص الأساسية، مع إختلافات في نسبة حجم الإدخار للتمويل (70% في أثيوبيا ونسبة لا تذكر في السودان)، ووجود سوق كبيره للتمويل بالجملة من البنوك للمؤسسات بالسودان تشكل ما لايقل عن أكثر من 95% من موارد المؤسسات التمويلية، بينما هنالك إعتماد كبير على الإدخارات وغياب في سوق التمويل بالجملة بين البنوك والمؤسسات في أثيوبيا.
ندعم أي إتجاد للبنك المركزي لتحويل المؤسسات لبنوك بالإضافة للسماح بقيام بنوك جديدة للتمويل الأصغر بعد إستيفاء شروط محدده. وكذلك تحويل المصارف الصغيره ذات الأداء الضعيف والتي تعمل حاليا الى مصارف للتمويل الأصغر طوعيا أو بأمر من البنك المركزي. وكل ذلك سيتم عبر وضع إطار رقابي وتنظيمي مكتمل يراعي خصوصية التمويل الأصغر. ويمكن للبنك المركزي وضع أسس محكمة في هذا الإطار للتحول من مؤسسات لبنوك للتمويل الأصغر تشمل تحديد رأس المال (نقترح نحو 50-60% من رأس مال المصارف المعمول به حاليا بعد إجراء الدراسات اللازمة) مع يشجيع المؤسسات العاملة الآن بزيادة رأسمالها والوصول لماهو مطلوب لراس المال للتحول لبنوك للتمويل الأصغر في غضون 2-3 أعوام. فضلا عن الشروط والمتطلبات الأخرى التي تشمل (ولا تقتصر على) متطلبات الحوكمة الرشيدة والتصنيف الجيدين بالإضافة لوصول عدد العملاء والإنتشار الجغرافي الي أرقام محدده مقاسه بمتوسط سنتان أو ثلاثة سنوات سابقة لتاريخ التقديم، بعد إجراء الدراسات اللازمة للوصول لهذه البيانات. هذا التحول سيكون تحولا نوعيا لقطاع التمويل الأصغر وسيساعد القطاع على لعب دورا رئيسيا في الاقتصاد بتشجيع كل المؤسسات لتوسيع خدماتها من خلال توسيع قاعدة العملاء بالإضافة إلى تعزيز القدرة المالية والرسملة (والأخيرة ظلت عائقا من أهم عوائق القطاع بالسودان). هذا الأمر من المتوقع أن ينعكس إيجابا على القطاع من حيث حجم الرسملة والإنتشار الجغرافي وجودة المؤسسات والعمليات. كما سيقوم أيضا بتشجيع جميع المؤسسات وزيادة المنافسة فيما بينها في مجالي التوسع والأداء والرسملة.