شبكة بيئة ابوظبي، الرياض، المملكة العربية السعودية، 01 ابريل 2023
أصبح التغير المناخي أحد أصعب التحديات التي تواجه كوكبنا اليوم. وبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، إذا استمر تزايد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالمعدل الحالي، يُتوقع ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بـ 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة بحلول عام 2030.
أدى التركّز المتزايد لغازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، الناجم إلى حد بعيد عن الأنشطة البشرية، إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وزيادة تواتر الظواهر المناخية المتطرفة، وارتفاع مستويات سطح البحر. وللحد من الاحتباس الحراري، يشير الخبراء إلى ضرورة بلوغ انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ذروتها بحلول عام 2025 ثم خفضها بنسبة 43% بحلول عام 2030، وفقاً لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
ويتطلب توجهنا نحو مستقبل أنظف وأكثر استدامة تغيير أنماط إنتاجنا واستهلاكنا للكهرباء. ويبرز هنا دور الكهرباء 4.0، التي تستهل حقبة جديدة من الطاقة وتبشر بإحداث ثورة في علاقتنا بالكهرباء.
الجمع بين التحول الكهربائي والرقمنة لتعزيز جهود الاستدامة
تكشف أبحاث الاستدامة العالمية التي أجرتها شنايدر إلكتريك عن نتائج واعدة: سيؤدي تبني التكنولوجيا الرقمية في الاقتصاد العالمي سيؤدي إلى انخفاض تدريجي في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وفي ظل السياسات الحالية وأنماط الاستهلاك المتبعة، توجد فرصة لتحقيق خفض بنسبة 30% في الانبعاثات حول العالم بحلول عام 2050. لكن للوصول إلى عالم حيادي مناخياً، يجب علينا دمج الرقمنة والكهرباء والابتكار في تصميم الطاقة ضمن قطاعات المباني والصناعات ومراكز البيانات والنقل وعبر كل منشآت البنية التحتية الحيوية.
ويشير محمد ناجي، نائب رئيس قطاع التوزيع والمنازل لدى شنايدر إلكتريك في السعودية واليمن: “يعد إدماج عالم أكثر كهربائية ورقمية عاملاً بالغ الأهمية لمعالجة أزمة المناخ العالمية والتوصل إلى مستقبل مستدام ومرن”.
وأكد ناجي أن نظام الكهرباء يُستبدل بنموذج جديد يدفعه التقدم التكنولوجي وأزمة الطاقة والانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.
يتسم ذلك التحول بنطاق وإطار وتعقيد غير مسبوق، ويشمل الجمع بين العالمين الرقمي والكهربائي. يمكن للكهرباء 4.0 رقمنة منظومة الطاقة بالكامل، مما يمكننا من توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة وتقليل فقدان أو هدر الطاقة الحالي بنسبة 68% الناجم عن غياب الكفاءة.
جعل المنازل أكثر استدامة وكفاءة باستخدام الكهرباء 4.0
تستهلك المنازل النسبة الأكبر من الكهرباء وتعد مساهمة رئيسية في الانبعاثات الكربونية. ووفقاً للمركز السعودي لكفاءة الطاقة، يتسبب قطاع البناء في السعودية بما يقارب 70% من استهلاك الكهرباء في المملكة و40% من انبعاثات الكربون، مما يشير إلى الفرص الهائلة لتدابير كفاءة الطاقة في مجال إنشاء المباني وإدارتها.
تتمثل إحدى سبل تحقيق الاستدامة بالمنازل في استخدام مصادر الطاقة المتجددة. إذ يمكن استخدام الألواح الشمسية وطاقة الرياح وأنظمة الطاقة الحرارية الأرضية لتوليد الكهرباء وتقليص الاعتماد على النفط وخفض فواتير الطاقة. وعن طريق توليد الكهرباء من مصادر متجددة، يمكن لأصحاب المنازل تقليل بصمتهم الكربونية والمساهمة في بناء مستقبل أكثر استدامة.
تعمم منطقة الشرق الأوسط، نظراً لوفرة أشعة الشمس فيها وطقسها الملائم، استخدام مصادر الطاقة المتجددة بهدف ضمان استدامة المنازل. تقود دول مثل الإمارات والسعودية والأردن المسيرة نحو تبني تكنولوجيا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث تستهدف الإمارات توليد 50% من الكهرباء التي تحتاجها من مصادر متجددة بحلول عام 2050. بينما تخطط السعودية لإضافة 58.7 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
كما يمكن جعل المنازل أكثر استدامة عبر تصميم مبانٍ ومواد بناء موفرة للطاقة. ويشمل ذلك اعتماد العزل وكفاءة النوافذ والأبواب وإضاءة ليد. عبر تحسين كفاءة الطاقة في المنازل، يمكن لأصحاب المنازل تقليل استهلاكهم من الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية. ووفقاً لأحد شركاء شنايدر إلكتريك، مجرد الاطلاع على استهلاك الكهرباء بشكل آني يمكنه تحقيق توفير في الطاقة بنسبة 7-10%. يؤدي ذلك أيضاً إلى توفير التكاليف على المدى البعيد، مع انخفاض فواتير الطاقة.
تبرز الكهرباء 4.0 كفاءة الطاقة وحلول المنزل الذكي من بين العناصر الأساسية للتوصل إلى منازل مستدامة. توفر الأجهزة الذكية مثل منظمات الحرارة وأدوات التحكم في الإضاءة وشاشات الطاقة لأصحاب المنازل رؤى قابلة للتطبيق حول استهلاكهم للطاقة، مما يؤدي إلى وفورات كبيرة في الطاقة وانخفاض الفواتير.
وباستخدام حلول المنزل الذكي، يمكن لأصحاب المنازل إنشاء تجارب معيشية مخصصة تلبي احتياجاتهم الفريدة. مثلاً، مع شاشة الطاقة المنزلية “وايزر إنرجي” من شنايدر إلكتريك، يمكن لأصحاب المنازل الاطلاع على استهلاكهم للطاقة بشكل آني واتخاذ قرارات واعية حول استهلاك الطاقة. تسمح تلك التكنولوجيا لأصحاب المنازل تخصيص إعدادات الإضاءة ودرجة الحرارة، وأتمتة ستائر النوافذ، والتفاعل مع برمجيات المساعدة الصوتية لإنشاء بيئة معيشية مريحة ومخصصة.
دمج مبادئ الإدارة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في العمليات التجارية
يعتمد نجاح الكهرباء 4.0 ومستقبل الاستدامة على التنفيذ الصحيح لاستثمارات الإدارة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في الشركات والأعمال. وتستلزم مبادئ الإدارة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات التحلي بالمسؤولية واعتماد تدابير للحد من التلوث والانبعاثات الكربونية والنفايات. تقدم شنايدر إلكتريك مثالاً إيجابياً عبر دمج الاستدامة والتأثير المجتمعي في كل جوانب عملياتها، وإضافة قيمة طويلة الأجل لأصحاب المصلحة، وتحقيق نمو مربح. ومنذ عام 2005، استُخدم تقرير تأثير الاستدامة الربعي من شنايدر كآلية لتتبع التقدم وتحسين الإستراتيجية العامة. كما يتيح للشركة استشراف وإدارة المخاطر والفرص عبر جمع أهم الأطراف المعنية حول أهداف محددة ومدروسة.
تمهيد الطريق نحو مستقبل أكثر ذكاءً واستدامة
تتطلع وكالة الطاقة الدولية إلى مستقبل أكثر استدامة، وتتوقع زيادة الطلب على الكهرباء بما يصل إلى ثلاثة أضعاف المستوى الحالي بحلول عام 2050، مدفوعاً بالتحول الرقمي المستمر.
ومع إحراز رواد القطاع الخاص لتقدم هائل نحو مستقبل خالٍ من الكربون، تقود الكهرباء 4.0 جهودهم. كما تفيد أصحاب المنازل، وتمكّنهم من تبني ممارسات مستدامة وتوفير النفقات.
يمكن للشركات والأفراد على حد سواء تغيير سبل عملهم وعيشهم، وتقليل الانبعاثات، والمساهمة في مستقبل أكثر استدامة عبر تبني الفرص التي توفرها الرقمنة الكهربائية عبر الكهرباء 4.0.