المنتدى العربي للتنمية المستدامة ينطلق في بيروت تحت عنوان “العمل من أجل الاستدامة والسلام”

شبكة بيئة ابوظبي، بيروت، لبنان، 5 آذار/مارس 2024

لم يتبقَّ سوى 6 سنوات حتى الموعد النهائي لتنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. لذلك، باتت مراجعة التقدّم المحرز في صياغة وتنفيذ السياسات الصحيحة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية أمرًا ملحًّا، وبخاصة مع التطورات الأخيرة في المنطقة، التي ستطرح بلا شك تحديات جسيمة وستؤخّر تحقيق هذه الأهداف الطموحة.

واستجابةً لهذه الحاجة الملحّة، انطلقت صباح اليوم أعمال المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2024 الذي تنظّمه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بالتعاون مع جامعة الدول العربية وهيئات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة العربية، في بيت الأمم المتحدة في بيروت، بمشاركة وفود رفيعة المستوى وممثلي الحكومات العربية والمنظمات الإقليمية والدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، بالإضافة إلى برلمانيين وباحثين وأكاديميين.

وتحت عنوان “العمل من أجل الاستدامة والسلام”، افتتح المنتدى رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، ووزير الاقتصاد في سلطنة عُمان سعيد بن محمد بن أحمد الصقري (رئيس المنتدى لهذا العام)، ونائبة الأمین العام للأمم المتحدة أمینة محمد، والأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي، والأمينة العامة المساعدة ورئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية هيفاء أبو غزالة، ممثلة أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط.

في كلمته، أشار رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان إلى أهمية التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأكّد أنّ “التغييرات المصيرية التي تمرّ بها منطقتنا العربية هي خير دليل على ارتباط العدالة الاجتماعية بمفهوم التنمية المستدامة والمتوازنة”، كما أكّد على أهمية توفير التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتنمية القطاع الخاص، مما يعزز النمو المستدام والشامل للجميع ويلعب دورًا مباشرًا في توفير فرص العمل التي نحن في حاجة ماسة إليها في منطقتنا.

يسلّط منتدى هذا العام الضوء على التقدّم المحرز في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة المعنية بالقضاء على الفقر والجوع، والعمل المناخي، والسلام والعدل والمؤسسات القوية، والشراكات لتحقيق الأهداف. وسيناقش المشاركون أيضًا الابتكار الرقمي والحوكمة والتعاون في المنطقة العربية، تحضيرًا لـمؤتمر القمة المعني بالمستقبل، الذي سيُعقد في أيلول/سبتمبر المقبل في نيويورك، والذي سينبثق عنه اتفاق رقمي عالمي يحدّد رؤية لمستقبل رقمي مفتوح وحرّ وآمن للجميع.

وفي مداخلة افتراضية، سلّط رئيس المنتدى الضوء على الحرب في غزّة وتداعياتها على المنطقة وعلى مشهد التنمية فيها، وقال: “لقد أصبح عالمنا اليوم مهددًا بخطر فقدان عقد من التقدم المحرز في أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى خطر اتساع الفجوة بين البلدان، مما يحتّم علينا توحيد جهودنا للدفع بمستويات الحياة الإنسانية نحو ظروف أفضل، تسهم في تحقيق الأهداف الأممية في جميع محاورها.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلت خلال الأعوام الماضية للحد من الفقر في البلدان العربية، إلا أن التقدم لا يزال دون الطموح، لا سيما مع الأزمات المتعددة التي تتعرض لها المنطقة. وتحدّ هذه الأزمات أيضًا من توفر الغذاء والقدرة على الوصول إليه، مما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي خاصة في أوساط النازحين واللاجئين.

وفيما حذّرت محمّد من أنّ الصراعات المستمرة والمتكررة تؤثر مباشرة على 182 مليون شخص في تسعة بلدان من هذه المنطقة، نوّهت بعلامات الأمل القائمة على رغم ذلك. وقالت: “علينا زيادة الجهود لوضع سياسات واستثمارات يمكنها تحقيق تغيير تحويليّ. هناك العديد من الدول العربية التي شرعت بتسريع الجهود لتحقيق تغيير جذري، إن لجهة الطاقة النظيفة أو النظم الغذائية أو الرقمنة أو إصلاح الحماية الاجتماعية والتنويع الاقتصادي”.

ويوفر المنتدى للحكومات والقطاع الخاص والمعنيين بالتنمية منبرًا لمناقشة التدخلات الناجحة على مستوى السياسات والتمويل وتسخير التكنولوجيا من أجل تحفيز تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز قدرة البلدان على الصمود في أوقات الأزمات المتعدِّدة.

في كلمتها، شدّدت دشتي على “أنّنا اليوم نقف متّحدين، ليس فقط للعمل على تحقيق التنمية المستدامة والنمو، بل أيضًا لرسم مستقبل لا تُدْفَن فيه تطلّعاتُ أيّ طفل تحت أنقاض الصراعات، ولا يكون فيه الناس المهمَلين والبالغ عددهم 187 مليونًا في المنطقة العربية مجرّد رقم، بل رُكنًا أساسيًا من أركان مسيرتنا نحو الرخاء والسلام والاستدامة. وأضافت: “إنّ أهداف التنمية المستدامة هي وعودٌ لأطفال غزة، وللملايين أمثالهم، بأنّ حياتهم لن تبقى رهينة للظروف التي ولدوا فيها، بل إنّنا سنجعلها أفضل من خلال الفرص التي نخلقها لهم”.

ويشهد مجال الابتكار في المنطقة تقدمًا خجولًا، ففي عام 2023، حلّت ثلاثة بلدان عربية فقط ضمن أعلى 50 مرتبة بحسب مؤشر الابتكار العالمي. ورغم أن العديد من الدول تعمل على توفير بيئة مؤاتية للابتكار، إلّا أنّ التحدّي الرئيسي لا يزال توفير التمويل اللازم وضمان تبني مبادئ الاستدامة.

بدورها، قالت أبو غزالة إنّ “الدول العربية عازمة على المضي قدمًا لاستكمال مسيرة التنمية ويأتي هذا المنتدى ليركز على عدد من المحاور الهامة التي تمثل أولوية في المرحلة الحالية، فإصلاح المؤسسات العامة لبناء السلام وإقامة مجتمعات شاملة والقضاء على الفقر بمختلف أبعاده وتعزيز الشراكات لتنفيذ خطة 2030، فضلًا عن مواجهة تغيّر المناخ وتأثيره على الأمن الغذائي، بالإضافة إلى تأثير الصراعات عليه، كلّها موضوعات تمسّ حياة المواطن العربي، وتتطلّب جهودًا مضاعفة في هذه المجالات”.

والمنتدى العربي للتنمية المستدامة هو الآليّة الإقليميّة الرئيسيّة المعنيّة بمتابعة تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ويصدر عن المنتدى العربي تقرير يتضمن أهم الرسائل المنبثقة من الحوار الإقليمي حول الفرص والتحدّيات المتعلّقة بتنفيذ خطة عام 2030، والتي ستُرفع إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة المزمع عقده في نيويورك في شهر تموز/يوليو المقبل.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الهجرة الناتجة عن تغير المناخ والكوارث ضمن الاستراتيجيات والسياسات الوطنية

نظمتها جمعية انسان للبيئة والتنمية في لبنان (HEAD) على هامش أعمال الجمعية العامة للبيئة للأمم …