السلوقية أولاً (05) قصة نضال لإنقاذ محمية طبيعية بمدينة طنجة بالمملكة المغربية

بقلم الدكتور أحمد الطلحي
تنفرد شبكة بيئة أبوظبي بنشر محتوى كتاب “السلوقية أولاً” لخبير البيئة والتنمية والعمارة الدكتور أحمد الطلحي، بشكل أسبوعي 06 أبريل 2024

تأسيس “تنسيقية حماية البيئة والمناطق الخضراء بطنجة، السلوقية أولا”
انتشر استياء عام في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل نسبة مهمة من النخب المحلية، السياسية والنقابية والحقوقية والجمعوية والثقافية والإعلامية، من نية فتح منطقة السلوقية للتعمير. إلا أن هذا الاستياء لم يتبلور على شكل مبادرات عملية، باستثناء مبادرة حزب العدالة والتنمية بحكم أنه كان الحزب المعارض الأكبر في مجلس الجماعة آنذاك، وبحكم اهتمام عدد من قياداته بالمحافظة على البيئة وبالتراث الطبيعي للمدينة.

قرار الدفاع عن غابة السلوقية من قبل حزب العدالة والتنمية كان قرارا رسميا اتخذته الكتابة الإقليمية للحزب -حسب ما أخبرني به السيد محمد بوزيدان اليدري وهو كان أحد أعضاء الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية والكاتب الإقليمي لشبيبة الحزب آنذاك- وعبر عنه بيانها الذي صدر بتاريخ 19 فبراير 2012. حيث ذكر الحزب في هذا البيان بالاستنزاف الذي لحق بالمساحات الغابوية بالمدينة من أجل بناء مشاريع سكنية واستثمارية من قبل ما أسماهم ب”لوبي العقار ومافيا التعمير”، كما أبرز الأهمية الإيكولوجية الكبيرة لغابة السلوقية، وأخبر الرأي العام المحلي بنية المسؤولين في المدينة على فتح المنطقة للتعمير وتفويت أراضيها لمشروع استثماري، وأنه سيصدر قرارا بذلك في اجتماع سيعقد بمقر الولاية يوم 29 فبراير 2012، وعبر الحزب عن استنكاره لهذا القرار وطالب السلطات المعنية بالتراجع عنه، كما دعا “الفاعلين السياسيين والمدنيين وعموم المواطنين بطنجة للتكتل من أجل الدفاع عن هذه المحمية الطبيعية.. والتحرك بقوة وبشكل استعجالي لاسترجاع غابة “السلوقية”.. وتسطير برنامج نضالي مشترك، مفتوح أمام كل الخيارات، من أجل حماية المدينة وإنقاذها من جشع المضاربين وعبث العابثين”(1).

وبعد ذلك بيوم واحد صدر بيان للكتابة الإقليمية لشبيبة العدالة والتنمية، وتطرق للموضوع بنفس المنحى والمضمون، باستثناء مطالبة الشبيبة “للجهات المسؤولة بإرسال لجن للتحقيق في فضائح العمران والعقار ومتابعة كل من ثبت تورطه فيها”(2).

والملاحظ على البيانين معا وعلى أغلب المقالات والتدوينات التي صدرت في هذه الفترة نوع من الخلط وعدم الدقة فيما يخص الهيئة التي ستبث في أمر غابة السلوقية، هل هي لجنة الاستثناءات أم اللجنة التقنية المحلية، وكذلك طبيعة القرار، هل هو قرار بالترخيص أم مراجعة لتصميم التهيئة. ومرد ذلك إلى كون خبر اجتماع يوم 29 فبراير بمقر الولاية لم يكن بإعلان رسمي وإنما بتسريب شفوي، وبالتالي لم تكن المعلومات دقيقة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، ضعف إلمام نسبة كبيرة من النخب المحلية بقانون وقاموس التعمير.

وحسب شهادة السيد بوزيدان، الكاتب الإقليمي في تلك الفترة لشبيبة حزب العدالة والتنمية وأحد مؤسسي التنسيقية ومرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، والكاتب الإقليمي للحزب حاليا، فإن الكتابة الإقليمية للحزب كلفت السيد محمد البشير العبدلاوي بصفته رئيسا لفريق العدالة والتنمية في المجلس الجماعي لطنجة، بالتواصل مع الفرق السياسية داخل المجلس نفسه وببرلمانيي المدينة وبالهيئات النقابية والحقوقية وبعدد من الفعاليات الجمعوية، وإقناعهم بتشكيل جبهة لمواجهة القرار الذي يستهدف القضاء على غابة السلوقية. وبالفعل، كللت هذه الاتصالات بعقد اجتماع بمقر حزب العدالة والتنمية الواقع في رأس المصلى شارع انجلترا مساء يوم 21 فبراير 2012، حضره عدد مهم من الشخصيات ممثلة لأهم الفعاليات المحلية (3). ولقد تم في هذا الاجتماع الاتفاق على تأسيس هيئة للدفاع عن المناطق الخضراء وغابات المدينة تحت اسم:

لوغو تنسيقية حماية البيئة والمناطق الخضراء بطنجة، السلوقية أولا

كما تم تشكيل سكرتارية التنسيقية مكونة من الأسماء التالية: “المنسق: علال القندوسي، نائبه: محمد المنصور، المقرر: محمد بوزيدان، المستشارون: عبد السلام الشعباوي، محمد السندي، ربيع الخمليشي، عبد المجيد دبون، أحمد العمراني، محمد علي طالب، فؤاد أحلوش، امحمد القدوري، عزيز الجناتي، نور الدين حسيسن.
وقد أكد المشاركون على فتح التنسيقية في وجه باقي الفعاليات الغيورة على مدينة طنجة للانخراط فيها.
وبعدها تم الاتفاق على مجموعة من الخطوات النضالية أهمها:
1- تحريك الملف إعلاميا بعقد ندوة صحفية وإصدار بلاغ في الموضوع
2- الاتصال بالسلطات المحلية قصد تحديد المسؤوليات
3- تعبئة الرأي العام بواسطة عريضة استنكارية والتحسيس بخطورة الأمر
4- إشراك فعاليات أخرى والدعوة لليقظة
5- الاحتجاج بتنظيم وقفات ميدانية ومراسلة الجهات المسؤولة مركزيا”(4).

وخلال هذا اللقاء انطلقت عملية التوقيع على عريضة تدين “المس بمنتزه السلوقية.. (وتطالب) الجهات المسؤولة بالتراجع عن كل خطوة من شأنها الإضرار بالمناطق الخضراء بطنجة”(5). ولقد تم تشكيل سكرتارية التنسيقية من أعضاء يمثلون مختلف الفعاليات المحلية النشيطة في الساحة آنذاك، وانتماءات الأعضاء كانت كالتالي:
ربيع الخمليشي (نقابة المهندسين)، فؤاد أحلوش (التجمع الوطني للأحرار)، عزيز الجناتي (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، علال القندوسي (تكتل جمعيات طنجة الكبرى)، امحمد القدوري (عصبة الشمال للتكواندو)، عبد المجيد الدبون (حزب الاستقلال)، عبد السلام الشعباوي (العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان)، محمد بوزيدان (العدالة والتنمية)، محمد المنصور (رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين)، نور الدين حسن (الحركة الشعبية)، محمد السندي (الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب)، أحمد العمراني (الشبيبة الاستقلالية)، محمد علي طالب (جريدة الأسبوع الصحفي)”(6).

وبعد تأسيس “تنسيقية حماية البيئة والمناطق الخضراء بطنجة، السلوقية أولا” بثلاثة أيام تم الإعلان عن تأسيس تنسيقية أخرى من قبل بعض الجمعيات تحت اسم “التنسيقية المحلية لحماية الحزام الأخضر لمدينة طنجة”، إلا أنه لم يكتب لها الاستمرار لأسباب غير معروفة كما أن الدوافع الحقيقية لتأسيسها كانت مجهولة أيضاً.

وفي يوم 22 فبراير 2012 تم إنشاء المجموعة الفيسبوكية للتنسيقية تحت اسم “تنسيقية حماية البيئة والمناطق الخضراء بطنجة”. وللأمانة تأسست مجموعة فيسبوكية أخرى قبل مجموعة التنسيقية بيومين وذلك يوم 20 فبراير 2012 تحت اسم “جميعا من أجل حماية غابة السلوقية من لوبي العقار”، لكنها لم تعرف الانتشار الواسع الذي عرفته مجموعة التنسيقية.

هوامش:
(1) انظر الملحق 1 في الكتاب
(2) انظر الملحق 2 في الكتاب
(3) انظر الملحق 3 في الكتاب
(4) انظر الملحقين 4 و5 في الكتاب
(5) انظر الملحق 6 في الكتاب
(6) جريدة طنجة عدد 25 فبراير 2012

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

السلوقية أولاً (04) قصة نضال لإنقاذ محمية طبيعية بمدينة طنجة بالمملكة المغربية

بقلم الدكتور أحمد الطلحي تنفرد شبكة بيئة أبوظبي بنشر محتوى كتاب “السلوقية أولاً” لخبير البيئة …