ومضات معرفية (8) التكامل الاستراتيجي لتحقيق التفوق التنافسي

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم د. حسام حاضري، مستشار التطوير الاستراتيجي، 02 أغسطس 2023

تتسابقُ المنظماتُ والمؤسساتُ اليومَ على طريق النجاح ضمن عالمٍ شديد التعقيد لتحقيق قصب السبق والوصول إلى القمة، وربّما تنجحُ في سعيها وتصيبُ الهدف. ولكنَّ التربعَ على القمة والاستئثارَ بها أصعبُ من الوصول إليها، لأنهُ يقتضي بالضرورة مستوىً آخرَ من التحديات تتعلقُ بالاستمرارية والنمو وتحقيق التميز التنافسي والاستعداد للمتغيرات المستقبلية، وتتطلبُ خليطاً متكاملاً ومتناغماً من الاستراتيجية والقيادة الاستشرافية والاستبصار الاستراتيجي لتحقيق أداءٍ متميزٍ في بيئةٍ تنافسيةٍ متغيرةٍ.

تُمثلُ الاستراتيجيةُ القلبَ النابض لأيّ مؤسسةٍ أو منظمةٍ. إنها العمليةُ التي تحددُ الأهدافَ الرئيسة، وتحددُ كيفيةَ تحقيقها على المدى الطويل عبر مخططٍ دقيقٍ يتضمنُ تحليلًا دقيقًا للبيئة الداخلية والخارجية للمؤسسة، وتحديد الفرص والتحديات المحتملة للوصول إلى خططٍ مدروسةٍ للتعامل مع المتغيرات وتحقيق النجاح لأمدٍ بعيدٍ. وبمعنى آخرَ هي إطارُ العمل الذي يُبنى عليه جميعُ القرارات الاستراتيجية والتكتيكية.

والقيادةُ الاستشرافيةُ ترتكزُ على التفكير العميق والتحليل الشامل لتوقع المستقبل، والاستعداد للتحديات والفرص المحتملة. ومن خلالها يقومُ القادةُ بتحليل البيانات والمعلومات المتاحة، وتقديم توقعاتٍ واقعيةٍ حول المشاكل المحتملة التي قد تُواجهُ المؤسسةَ في المستقبل. وبعبارةٍ أخرى هي عمليةُ تمكينٍ للمؤسسة من اتخاذ القرارات الاستراتيجية المبكرة وتجنب الآثار السلبية للتغيراتِ غير المتوقعة.

وأما الاستبصارُ الاستراتيجي فهو المزيجُ من التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل، ويهدفُ إلى توقع المستقبل بناءً على التحليلات العميقة والبيانات المحددة بدقةٍ. ويشملُ تحليلَ الاتجاهات والعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية والبيئية التي قد تُؤثرُ على المؤسسةِ في المستقبل.

وحتى يكتملَ النجاحُ في استمراريةِ التفوق التنافسي، وامتلاكِ القدرة على التعامل مع المتغيرات المستقبلية لا بدَّ من تحقيق معادلة المزج المتكامل بين الاستراتيجيةِ والقيادة الاستشرافية والاستبصار الاستراتيجي. فالقادةُ المتميزون هم الذين يضعون اللمسةَ الإبداعية الأخيرة التي تولدُ من القدرةِ على تحديد الأهداف الرئيسة، وتوجيهِ القرارات بناءً على توقعات المستقبل والتحليل العميق، والبحث عن التحديات المستقبلية وتحليلها بدقةٍ، ومن ثمّ التعامل مع البيانات والمعلومات المتاحة بشكلٍ منهجي، وتحديد الاتجاهات والعوامل المحتملة التي قد تُؤثرُ على مستقبل المؤسسة.

ومفادُ القول: إنّ التناغمَ بين الاستراتيجية والقيادة الاستشرافية والاستبصار الاستراتيجي يلعبُ أدوارًا حيوية في نجاح المؤسسات والمنظمات وتمكينها من تحقيق التفوق التنافسي المستدام، وضمان استمراريتها في التربع على عرش القمةِ بأداءٍ متميزٍ ومتحدٍ لمتغيرات المستقبل..

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

ومضات معرفية (6) المعرفة بين قوة التأثير وإعادة التشكيل

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم د. حسام حاضري مستشار التطوير الاستراتيجي، 12 يوليو 2023 أصبحت المعرفةُ …