محمد التفراوتي: يجب أن نزيد من شحنة أقلامنا بقيم أساسية باستدامة التنمية والتحرك نحو التحول البيئي العادل

شبكة بيئة ابوظبي، بيروت، لبنان، 05 سبتمبر 2023

وتحدث الكاتب والاعلامي البيئي المغربي محمد التفراوتي خلال مداخلته حول محور “الإعلام البيئي وأزمة المناخ” عن دور الإعلام البيئي كأفضل وسيلة لنشر الوعي حول تغير المناخ. وأن المجتمع الواعي هو أفضل سلاح ضد تغير المناخ وهذا هو المكان الذي يلعب فيه الإعلاميون البيئيون دورا حاسما. يقومون بالإبلاغ ورفع الوعي بين الناس. وان في الديمقراطيات الحديثة تحتاج السلطة العامة إلى إجماع الرأي العام لإصدار سياساتها. والسياسات المتعلقة بالاستدامة ليست استثناء.

كمجتمع لا يمكن للسياسات البيئية أن تتقدم إلا إذا كان الناس على دراية بصحة الكوكب الذي نعيش فيه، والتنمية باستدامة، ومكافحة تغير المناخ.
وقال المتحدث نفسه، رئيس مركز آفاق بيئية للإعلام والتنمية المستدامة ورئيس تحرير مدونة “آفاق بيئية”
أن الإعلام البيئي يشمل إثارة النقاش حول القضايا المتعلقة بالمناخ والترويج بين الرأي العام.وتشجيع الموافقة على السياسات العامة البيئية وتطويرها،
فضلا عن التوعية والتحسيس وإيقاظ الهمم في المجتمع. مشيرا إلى أن هناك إشكالية التعامل مع تغيير المناخ. إذ لا يزال لا يتم تعامل معه بشكل عام على أنه قضية منهجية، من قبل وسائل الإعلام. على عكس الإقتصاد الذي يمتد عبر العادي من الإيقاعات الإخبارية حيث يتم التعامل مع تغير المناخ كموضوع منفصل بدلا من موضوع يشمل ويتقاطع مع جميع الموضوعات .

وقال التفراوتي أن الكل يعلم أنه مع تغير المناخ يميل الناس إلى أخذ أخبارهم من وسائل إعلام من حيث مقدار التناول ومحتوى وتيرة تلك التغطية. ومع ذلك فإن التغطية الإعلامية بشأن تغير المناخ وخصائصه وعواقبه يعد عنصرا أساسيا للمجتمع لاتخاذ قرارات مدروسة ومسؤولة في مواجهة إشكالية المناخ.

“إننا أمام ظاهرة معقدة. يتطلب فهمها امتلاك أفضل المعرفة العلمية، وفي الوقت نفسه القدرة على نقلها إلى المجتمع ككل بطريقة مفهومة” يضيف التفراوتي

وعليه فإن دور وسائل الإعلام يأخذ أهمية كبيرة ليس فقط من منظور كمي كمقدار ما يتم الإبلاغ عنه، ولكن أيضا ،وقبل كل شيء، بمنظورين نوعي أي كيف يتم الإبلاغ عنه.

ودعا التفراوتي إلى التواصل مع العلماء وتقريبهم من الإعلام وإخراج الباحث من محرابه العلمي. وتبسيط المعلومة العلمية التي تعكسها البحوث والتقارير المتراكمة حيث تبقى حبيسة النخبة. كما يجب إدماج الإعلامي في مختلف المراحل من المفاوضات وإرهاصات القمم والمؤتمرات ليطلع بعمق على الإشكالية والتفاصيل الدقيقة، ليتسنى له الإبلاغ بإبداع وانطلاقا من فهم دقيق بدل الاقتصار على التغطية الوصفية أو المملاة من خلال البلاغات المتوصل بها. وفقا رؤى معينة ودون استقلالية في التحليل..

وقال التفراوتي أنه وفق تصورات النخبة المتفاوضة حول اشكالية المناخ من الجانبين يبدو الإعلامي ناقل خبر، ك”ساعي البريد” وليس كشريك يؤخذ بعين الاعتبار تحليلاته وتوصياته التي تشكلت لديه من تجربة خاصة ومهارات مكتسبة عبر مباشرته للملفات المناخية من زوايا مختلفة ورؤى مستقلة. لا تتأثر بالمحيط و اللوبيات والضغوط، بل تنطلق من كيان له رهاناته وخصوصياته، و كفاعل مثل باقي الفاعلين غايته حفظ البيئة العامة والاستدامة ووإنقاذ الكوكب الذي نتقاسم موارده جميعا .

وطالب التفراوتي ان لا يحجب عن الاعلام البيئي خبايا وكواليس المفاوضات وتلقي المعلومة ومخرجات مختلف القمم والمؤتمرات المراد اشاعتها وتعتيم الاخرى، أو التكتم عن التجاذبات، الا ما يتسرب، لخلفيات سياسية واقتصادية مدمرة بدعوى عدم التهويل وإثارة الرعب لدى الراي العام. مضيفا أن كميات ونوعية المقالات المتعلقة بتغير المناخ في وسائل الاعلام بالمناطق الحضرية تتزايد لكن لا توجد في المجتمعات المحلية والقرى الفقيرة، اذا يجب ان يكون للاعلام فهم اساسي للنقاش الدائر حول تغير المناخ والا سيكون من المخاطرة الابلاغ عن معلومات غير الدقيقة للجمهور او خاطئة.

وأعطى التفراوتي في سياق حديثه مثالا من حيث مدلول اختيار المصطلحات استعمالات المصطلح “تغير المناخ” الذي يستخدم لسنوات عديدة ثم يظهر ايضا “كارثة المناخ” ، ويوصف كذلك بالاحتباس الحراري في بعض المنشورات. مؤكدا أن “تغير مناخ” يبقى مفهوما مكتسبا

واستطرد التفراوتي مناقشا إشكالية دلالة المصطلحات البيئية المتداولة من قبيل مصطلحي “كارثة المناخ” بدل “تغير المناخ”، مشيرا انه منذ عدة سنوات ذهبت الحكومات ووسائل الاعلام إلى إرجاع جميع الظواهر الجوية المتطرفة والضارة الى ما يسمى “تغير المناخ” سواء كان ذلك سقوط الامطار او الثلوج او ارتفاع درجه الحرارة. فان كل الظواهر الجوية البسيطة والمعروفة والمتوقعة تنسبها الحكومات الرسمية وإعلامها الى التغير المناخي. لذا فان موجة الحر الحالية ليس استثناء بل على العكس من ذلك فهو يساهم في إعادة تسمية “تغير المناخ” من قبل وسائل الاعلام ب”الكارثة المناخية” . و أضاف التفراوتي أنه من الجيد توسيع نطاق المفردات المناخية لكي تكون هناك أسباب للاحتفاظ بالمصطلحات المألوفة. “قد ندعو الى التوقف عن استخدام مصطلح “تغير المناخ” لانه تافه، لكن قد تكون وجهه نظر عملية في الصحافة اذا أردنا الوصول الى جمهور كبير لكونه متداول ومعتاد عليه”.

وتساءل عن تغير المناخ هل هو المصطلح الصحيح عندما نتحدث في وسائل الاعلام عن ارتفاع متوسط درجه الحرارة على الارض باستمرار؟ ليجيب أنه غالبا ما يستخدم مصطلح “تغير المناخ” وهذا ليس خطا ولكنه يقلل من أهمية الامر أيضا. اذا يمكن استبداله بازمة المناخ “كي ننصف فقدان الموارد الطبيعية والعواقب المناخية” ..

وتناول التفراوتي عن مختلف العوائق التي تواجه الاعلامي من قبي إشكالية دلالة ومفهوم المصطلحات مثل تغير المناخ، أزمة أو كارثة. “أي كلمات تختار لتناول الاشكالية هل كل مقاولة اعلامية ستخصص معجمها الخاص . هل أزمة أو تغير؟ هل طقس أو مناخ؟ هل نواجه ازمة أو تغيير في المجتمع ؟ ”

واوضح التفراوتي ان الاعلاميون مدعوون لتغطية قضية مهمة من خلال إنشاء رابط حيوي بين العلم والمواطنين، خصوصا وأن تغير المناخ هو قضية اليوم وسيظل في مقدمة اهتمامات الاعلاميين.
وأفاد التفراوتي أن العلماء إتفقوا باغلبيتهم الساحقة منذ البداية أن تغير المناخ هو من أصل بشري، وله اثار مستقبلية خطيرة ولكن بعض الصحفيين قدموا جهات نظر متضاربة. إما انهم أرادوا ان يكونوا منصفين او لانهم تعرضوا لضغوط سياسية او بسبب طبيعة النظام الاعلامي التعددي. ويبقى الاعلام بين المطرقة والسندان منها ما هو ذاتي يتجلى في كون الإعلامي بحاجة إلى التعرف على عوامل تكوين مناخ الكوكب، وعن نظرية التنظيم الحيوي للبيئة، وعن الحدود البيئية التي يجب الالتزام بها باسم الحفاظ على الحياة على الأرض! باختصار، يواجه الصحفيون الذين يريدون تكريس أنفسهم للصحافة البيئية مهمة شاقة تتمثل في التعليم الذاتي. فالاعلاميون البيئيون نطالبون بتعليم المواطنين الاهتمام بالتهديد الذي يهدد الحياة. ويجب أن يسمعوا! ولهذا السبب، فإنهم يواجهون مهمة لا تقل أهمية ، ليس فقط إنشاء محتوى بيئي ومناخي، ولكن أيضا الترويج له على منصات المعلومات المختلفة، يؤكد التفراوتي.
وتتضمن خصوصية الاعلام البيئي، بالإضافة إلى توفر المعرفة والمهارات اللازمة للتحرير ، الرغبة المستمرة في تطوير القدرات على رؤية شاملة وفردية لواقع الحياة والقدرة على تحويل المعلومات البيئية إلى منتج إبداعي. يجب أن يكون لدى الصحفي البيئي قاموس للمصطلحات البيئية الخاصة، وفهم جوهر المشكلة، وتبسيط/تصور المعلومات التقنية، والرجوع إلى مصادر المعلومات وتقديم الحلول الممكنة للمشكلة ليس من نفسه، ولكن من خلال الخبراء، وتقديم عدة وجهات نظر على هذه المشكلة، مع الأخذ في الاعتبار قرائه.يضيف التفراوتي.

وأشار إلى انه من المهم تطوير التعاون بين الزملاء في قسم الإعلام، مما سيسمح بالتفاعل مع القنوات / المواقع الجديدة مع المدونين البيئيين. ومن المهم أيضًا تطوير الاتصالات مع مجتمع الخبراء، مما سيسمح للصحفي البيئي “بمواكبة التطورات” والتركيز بشكل صحيح على اختيار المحتوى والأساليب وأشكال تقديم المعلومات البيئية.

واختتم التفراوتي مداخلته بكون الخبراء يشيرون إلى زيادة مذهلة في الاهتمام بما يسمى “الموضوعات الخضراء”. يتم إنشاء المحتوى الإعلامي اليوم بالإضافة إلى وسائل الإعلام من قبل العديد من المنظمات غير الحكومية، ومجتمع الخبراء، والمنظمات الاجتماعية والسياسية، وما إلى ذلك. وعلى هذه الخلفية، هناك الكثير من الأخبار الكاذبة. ولذلك، فإن غرض الصحفي البيئي هو تعليم المستهلك تدفق المعلومات هذا “لفصل القمح عن القشر”. وهذا يفرض المزيد من المتطلبات على الصحافة البيئية، التي تؤدي وظائف إعلامية وتعليمية وتنظيمية ورقابية. “يجب ان نزيد من شحنة اقلامنا بقيم أساسية للتنمية المستدامة والتحرك نحو التحول البيئي العادل.”

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

حظر الغسل الأخضر في الاتحاد الأوروبي.. كل ما تحتاج لمعرفته

الادعاءات البيئية التي قدمتها الشركات كانت “غامضة أو مضللة أو لا أساس لها من الصحة” …