تغير المناخ في المنطقة العربية يتصدر فعاليات يوم البيئة العربي 2024

المصدر، موقع الطاقة: داليا الهمشري 2024-10-16

تصدّرت قضية تغير المناخ في المنطقة العربية فعاليات يوم البيئة العربي، في ظل ما تتعرض له الدول من آثار كارثية متصاعدة نتيجة لعدم قدرتها على التكيف مع التطورات السريعة في هذا الملف.

واتفق عدد من الخبراء خلال ندوة عبر خاصية التواصل المرئي -حضرتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- احتفاءً بيوم البيئة العربي في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2024، على ضرورة التكاتف بين دول المنطقة لمواجهة آثار تغير المناخ.

وعُقِدت الندوة في إطار فعاليات المبادرة العربية للتعريف بالهيدروجين الأخضر والمشروعات الخضراء 2024، التي ترعاها وزارة البيئة المصرية وشبكة بيئة أبو ظبي، من أجل تسليط الضوء على أحدث التطورات بمجال الهيدروجين الأخضر في مصر والمنطقة العربية.

وأوضح رئيس شبكة بيئة أبو ظبي المهندس عماد سعد أن المنطقة العربية تُعدّ من أكثر المناطق المتأثرة بتداعيات تغير المناخ نتيجة لقدرتها المحدودة على التكيف مع آثاره المدمرة.

ندرة المياه
قال سعد، إن هناك عددًا متزايدًا من سكان المنطقة قد أصبح يعاني من ندرة المياه وشدة الجفاف والتصحر؛ ما يعطي الأولوية للتكيف في العمل المناخي.

وأضاف أن الانبعاثات الكربونية في المنطقة العربية قد تزايدت بوتيرة أسرع مرتين من المعدل العالمي خلال العقود القليلة الماضية، وإن كانت ما تزال منخفضة مقارنةً بمناطق أخرى في العالم.

وتابع أن مشروعات الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة الطاقة لا تحظى بالاهتمام الكافي في معظم البلدان العربية، موضحًا أن هذه القضايا ما تزال تواجه تحديات هائلة، مثل السياسات غير الملائمة ونقص التقنية والموارد المالية.

واستطرد قائلًا، إن التمويل المخصص للعمل المناخي ما يزال غير كافٍ لتلبية الاحتياجات الملحّة، موضحًا أن درجة التأثر بتغير المناخ في دول المنطقة تتراوح ما بين معتدلة ومرتفعة، ولا سيما فيما يتعلق بتأثيرها في قطاعَي المياه والزراعة.

وأوضح أن نحو 90% من سكان الدول العربية، أي 400 مليون شخص، قد أصبحوا يعانون من ندرة المياه التي تسببت بدورها في انعدام الأمن الغذائي وزيادة حالات النزوح.

وأشار إلى أن نحو 1.8 مليون عربي قد اضطروا إلى النزوح الداخلي نتيجة الكوارث الطبيعية المتعلقة بتغير المناخ خلال المدة من 2018 وحتى 2021.

ولفت إلى أن نسبة غازات الدفيئة في المنطقة العربية قد ارتفعت بنسبة كبيرة خلال المدة من 2010 إلى 2020 .

زيادة الانبعاثات الكربونية
أكد أستاذ البيئة والتغيرات المناخية بجامعة قناة السويس المصرية الدكتور طارق تمراز أن التغيرات المناخية تؤثّر في الوطن العربي بأكمله، مشيرًا إلى تعرُّض منطقة المغرب العربي للعواصف الرملية وموجات الجفاف.

يضاف إلى ذلك موجة الفيضانات الكاسحة التي تعرضت لها بعض الدول العام الماضي، مثل الإمارات العربية وسلطنة عمان، وبعض الحرائق في لبنان والمغرب، وزيادة هطول الأمطار في بعض الدول مثل مصر واليمن.

وأشار تمراز إلى أن معظم الدول العربية تعاني من ندرة المياه؛ نتيجة لاعتمادها على الأمطار والمياه الجوفية ونسبة من المياه المحلاة؛ ما يجعل هذه الدول من الأماكن الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية.

ورُصد ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة العربية خلال الأعوام الماضية، وسط توقعات بارتفاع مطّرد، لتصل إلى درجتين بحلول 2040.

وتوقّع تمراز أن يؤثّر هذا الارتفاع في درجات الحرارة بتوزيعات المياه والثروة الحيوانية والزراعية، مطالبًا بضرورة التعاون وتنسيق الجهود بين دول المنطقة للاستفادة من التجارب التي مرّت بها بعض البلدان، والدروس المستفادة منها، وتبادل التقنية.

زيادة الوعي
سلّطت مستشارة الإعلام والتواصل العلمي في تونس الدكتورة نهى بلعيد الضوء على دور الإعلام العربي في التوعية بالمشكلات البيئية، مشيرة إلى أن الإعلام البيئي في العالم العربي يهدف إلى زيادة الوعي بالقضايا البيئية وتشجيع السلوكات الصديقة للبيئة من خلال نشر المعلومات والتثقيف حول هذه القضايا.

وأكدت أن هناك إعلامًا بيئيًا في العالم العربي يشقّ طريقه بشكل متزايد لمواجهة التحديات البيئية وتغير المناخ، بجانب مبادرة المجتمع المدني التي تسهم في التواصل البيئي.

وأبرزت بلعيد أهمية الحملات البيئية التي تطرَّق إليها الإعلام العربي -مثل حملة “اتحضر للأخضر” في مصر، وحملة “استدامة وطنية” في الإمارات- بتعزيز مفهوم الوعي البيئي في المجتمع، وتشجيع المشاركة في الجهود الوطنية للحدّ من آثار التغير المناخي.

من جانبه، تناول الباحث في علوم البيئة واستشاري التنمية في المملكة المغربية الدكتور يوسف الكمري التحديات المناخية من منظور النوع الاجتماعي، وتأثيراتها السلبية في المرأة العربية على وجه الخصوص.

وأوضح أنّ تغيُّر المناخ ينطوي على آثار مباشرة وغير مباشرة في سبل كسب عيش سكان القرى والأرياف ورفاهيتهم، لافتًا إلى أن درجات الحرارة المرتفعة والظواهر المناخية المتطرفة يمكن أن تقوّض إنتاج النظم الزراعية التي يعتمد عليها سكان القرى والأرياف، ولا سيما النساء والفتيات.

وأشار إلى أن المزارعات من النساء قد نجحن في التعامل مع تغير المناخ من خلال عدّة سبل، أبرزها ممارسة الزراعة المستدامة في انسجام مع الطبيعة، أو التحول إلى البذور المقاومة للجفاف، أو استعمال تقنيات منخفضة التأثير، أو إدارة التربة العضوية، أو قيادة جهود إعادة التشجير واستصلاح الأراضي على مستوى المجتمعات المحلية.

تهديد الأمن الغذائي
أكد الخبير بقضايا البيئة ورئيس تحرير مجلة أخبار البيئة في سوريا، زاهر هاش، أنّ تغيُّر المناخ قد أصبح يهدد الزراعة والأمن الغذائي في بلاده، مشيرًا إلى أن الموقع الجغرافي للبلاد في حوض شرق البحر المتوسط جعلها عرضة للتأثيرات المرتبطة بتغير المناخ خلال العقود الأخيرة.

وتوقع استمرار هذا الوضع أو تفاقمه في المستقبل، محذرًا من أن الارتفاع الحادّ في المخاطر البيئية في سوريا قد يُلحق الدمار بالمجتمعات الزراعية ويقوّض التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي، مع استنزاف آليات التكيف لدى الناس بشكل متزايد.

وأوضح هاشم أنّ تغيُّر المناخ قد تسبَّب في حدوث أزمة الأمن الغذائي في سوريا، وتغيُّر نمط هطول الأمطار، وزيادة نسب حدوث الجفاف والفيضانات، وتدهور الزراعة، وانعدام الأمن الغذائي، ولا سيما بالنسبة للفقراء والمهمشين في المجتمعات.

بدوره، لفت الرئيس التنفيذي لمؤسسة أهداف للتنمية والعمل الإنساني في اليمن، هائل سعيد، إلى أن بلاده من أكثر الدول العربية عرضة للتأثر بالتغير المناخي؛ ما يفرض عليها تحديات كبرى تشمل القطاعات كافة، وجميع مناحي الحياة.

الجفاف في اليمن
قال سعيد، إن اليمن يعاني من عدد من التحديات المناخية، أبرزها الجفاف ونقص المياه وارتفاع درجات الحرارة والفيضانات والعواصف وتهديد الزراعة والأمن الغذائي.

وأضاف أن التغير المناخي يؤثّر سلبًا بتحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة في اليمن.

كما أشار إلى أن ندرة المياه تمثّل إحدى المشكلات البيئية الأكثر وضوحًا وتهديدًا في اليمن، موضحًا أن المصدرَيْن الرئيسَيْن للحصول على المياه لتلبية الاحتياجات المنزلية والزراعية والصناعية في اليمن يتمثلان في استخراج المياه من الآبار الجوفية، وتجميع مياه الأمطار بالاعتماد على الطرق والممارسات التقليدية.

وتوقَّع أن يتسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التباين في هطول الأمطار إلى زيادة الجفاف في اليمن، مشيرًا إلى أن موارد المياه العذبة المتجددة تُقدَّر بـ86 مترًا مكعبًا للفرد، نظرًا لندرة المياه المطلقة.

About هيئة التحرير

Check Also

لماذا مات الكثيرون في إسبانيا؟ لأن أوروبا لم تتقبل بعد حقائق الطقس المتطرف

من المؤسف أن الفيضانات الشديدة أمر لا مفر منه. ولكن ما ليس حتميًا هو مدى …